تهشُّم القيم... من المسؤول؟
الإتحاد الاماراتية
يتعاظم قلق معظم الشرائح والفئات والطبقات الاجتماعية في العالم العربي حول واقع منظومة القيم العربية، التي تتعرض راهناً لاجتياح مرعب. وتتوارد الأخبار حول الكيفيات التي تتم فيها عملية هذا الاجتياح وحول الوتائر المتسارعة، التي يتلبّسها في هذا البلد العربي أو ذاك. ونود في هذه العجالة تخصيص حديثنا عن المخدرات. فثمة أخبار في الأوساط العربية تدور حول اتساع الاتجار بها، بقوة وعلى نحو شبه علني في بعض "بلدان الطوق" وغيرها.
وعلينا أن ننظر إلى ذلك كله في سياق انهيارات متسارعة تُعمِّق ظاهرات الفقر والإفقار والبطالة ونهب المال العام والفساد الإداري والاقتصادي والقضائي والجامعي وما قبله... إلخ، نقول، إن وضع ذلك في السياق المعني من شأنه أن يضعنا أمام مشروع لا يُجارى في تدمير الحال العربي. وينبّه بعض الباحثين إلى خطأ وخطر إهمال ما يحدث على الصعيد الطائفي في كثير من البقع العربية. ومع هذا وذاك ينبغي التنويه بالدور التخريبي، الذي تمارسه "مرجعيات" أجنبية أو عربية مقيمة في الخارج باتجاه تعميق الوهن في نفوس مواطنين عرب، وفي إيصالهم إلى أن هؤلاء ينبغي -أخيراً- أن ينفتحوا على منظومة القيم العولمية الجديدة، المؤسَّسة على "منظومة السوق"، ففي ذلك -كما تعتقد جموع من الناس- يقوم الخلاص من "نُظم عربية تلتهم الأخضر واليابس"، ومن النظام العولمي السّوقي الراهن، الذي تُخوفهم منه بعض تلك النُّظم. ذلك لأن بعض هذه النظم تعيش وتستهلك بمقياس ما يضخّه النظام العولمي المذكور، ولكنها تعلن انتماءها للوطن وقيمه.
إنها دعوة للوقوف في وجه ظاهرة انتشار المخدرات بصيغ يكاد المرء يضع يده عليها، ويراها على نحو مباشر. ولن يكون أصحاب هذه الظاهرة وحدهم ضحاياها، بل كذلك أبناؤهم وأحفادهم، وبكلمة: الوطن برمته.
بيد أن تلك الدعوة، على أهميتها وجدارتها ضمن الحقل الإعلامي العمومي، فإنها لن تكون بديلاً عن اللجوء إلى إجراءات احترازية سريعة راهناً. ولعلنا نرى أن الأمر، بعد أن استفحل على النحو الذي صار عليه، يحتاج حلاً أو حلولاً استثنائية، تقف في وجه هذا الوباء اللاأخلاقي الاجتماعي.
ومن الملفت والمثير أن الدول ومعها جامعة الدول العربية تعقد اجتماعات حول هذه أو تلك من المشكلات العربية "الكبرى"، مثل فلسطين، والعروبة والمستقبل، والاستثمار المالي، ولا تحرك ساكناً حِيال قضية مثل قضيتنا الراهنة، المخدرات. إن من الخطأ الفاحش النظر إلى الأمور على هذا النحو. ومع التأكيد على أهمية مثل هذه القضية المعنية هنا وإيلاء أهمية خاصة لها، إلا أننا حين ننظر إليها في دلالاتها الاستراتيجية المستقبلية، فإننا نتبين خطورتها على المستقبل العربي بل على الراهن العربي، خصوصاً حين تنتشر في شرايين المجتمعات العربية كالسرطان.
وإذا لم يحدث شيء من هذا القبيل، هل علينا أن نخمّن أن هنالك من المرجعيات الدولية في الداخل والخارج ما يُعتبر حماية للمخدرات وزراعتها وتسويقها، خصوصاً في أوساط الجيل الشاب ذكوراً وإناثاً؟
المصدر
جريدة الجرائد - ايلاف
رد مع اقتباس
المفضلات