الأردن.. مختصون يدعون لتدابير صارمة تحد من انتهاك حق الحياة لنساء
الأردن.. مختصون يدعون لتدابير صارمة تحد من انتهاك حق الحياة لنساء يقتلن بداعي الشرف
طالب حقوقيون ومؤسسات مجتمع مدني الحكومة باتخاذ تدابير وسياسات صارمة، للحد من تكرار انتهاك حق الحياة، لنساء يقتلن على خلفية قضايا تتعلق بـ"الشرف"، وفق المفهوم المجتمعي السائد، خصوصا بعد ارتكاب جريمتين خلال الأسبوع الماضي وصفتا أنهما "مروعتان".
تصريحات وزير الدولة لشؤون الإعلام الدكتور نبيل الشريف أمس، جاءت متوافقة مع دعوات منظمات مجتمع مدني وحقوق الانسان، لفرض مزيد من التدابير واجراءات حمائية لضحايا قضايا هذا النوع من الجرائم.
وأشار الشريف إلى ان الحكومة اتخذت مزيدا من الاجراءات التشريعية والوقائية للتقليل إلى حد كبير من عدد تلك الجرائم، مبينا أن تكاتف الجهات المعنية، أفضى إلى حماية نحو 350 فتاة ممن تغيبن عن منازلهن منذ منتصف العام 2008 من القتل بداعي الشرف.
لكن "شدة العنف" في طريقة ارتكاب تلك الجرائم وتنوع وسائل القتل وادواته بين طعن متكرر وإغراق وخنق وغيرها، أضحت تستدعي، وفق مرجعيات قانونية وحقوقية ورسمية، إطلاق حملة توعية مكثفة لتغيير اتجاهات المجتمع حيال قضايا جرائم الشرف، التي ترتكب سنويا بمعدل 18-20 جريمة، بينما تتراوح اعمار الضحايا بين 15-40 عاما.
منظمات نسائية ترى أن شدة العنف بلغت أوجها غير مسبوقة، خصوصا فيما يتعلق بـ"القتل العلني الوحشي، مع التنكيل بالضحية، ما يدعو إلى التساؤل حول الدوافع التي تقود إلى "إمعان" القاتل في جريمته على هذا النحو اجتماعيا وقانونيا، وبتوافق ضمني مجتمعي بداعي "غسل العار"
الأرقام تتحدث
رئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور مؤمن الحديدي بين في تصريح إلى أن معدل ارتكاب الجرائم بداعي الشرف لم يبرح معدله السنوي على المستوى الكمي وفقا للارقام الاحصائية، بحيث سجلت 9 جرائم بداعي الشرف منذ مطلع العام الحالي.
وحول "نمطية وشدة العنف" في الجرائم المرتكبة رأى الحديدي أن ذلك بات "يتطلب إطلاق حملة توعية مكثفة، لتغيير اتجاهات المجتمع حيال موقفهم من هذه القضية، من دون المس بطابع المجتمع المحافظ".
وفي قراءة تفصيلية حول النسب المعلنة المتعلقة بثبوت عذرية 80 % من ضحايا جرائم الشرف، نفى الحديدي ربط "عذرية" الضحية "بالشرف"، مشيرا إلى أن تخوف الضحايا من العقاب الاجتماعي والقانوني، دفع الى اتباع أساليب تحول دون التأثير على سلامة "غشاء البكارة" في العلاقات غير المشروعة.
ثوب الشرف
وطالب الحديدي برفع "ثوب الشرف" عن هذا النوع من الجرائم، لمصلحة تشديد العقوبة على الجاني أسوة بجرائم القتل الأخرى.
وفي الاطار القانوني، تتخذ تطبيقات قانون العقوبات الأردني في جرائم الشرف منحى يتجه نحو "تخفيف العقوبة" على الجاني، وذلك "بتكييف القانون" لمصلحة تخفيف العقوبة، وفقا لأمين عام اللجنة الوطنية لشؤون المرأة المحامية أسمى خضر المختصة بملف جرائم الشرف.
ويستند الادعاء العام إلى نص المادة (98) من قانون العقوبات، بتحويل التهمة للجاني من "القتل القصد" وعقوبتها الاعدام، إلى تهمة "القتل تحت تأثير سورة الغضب"، عند ثبوت شروطها، يدعمها إلى جانب ذلك إسقاط الحق الشخصي لعائلة الجاني، حيث تخفض العقوبة إلى الحبس لمدة 15 عاما وهي العقوبة المعتادة للقتل العمد، أو في حدود قصوى لمدة 6 أشهر.
وفي السياق ذاته، اعتبرت خضر أن ما يحدث من "تكييف للقانون" في جرائم ترتكب وتهز الضمير الانساني، تسهم بتخفيف العقوبة المترتبة على جريمة القتل بداعي الشرف، ما يعني غياب "فلسفة الردع" الحقيقية في هذا النوع من القضايا.
وطالبت خضر برفع الحد الأدنى من العقوبة على مرتكبي جرائم الشرف، مشيرة إلى أنهم وبمساعدة محاميهم وعائلاتهم، يدفعون باتجاه الافلات من العقوبة، مؤكدة أن ثمة "تهاونا" في تطبيق العقوبة ضمن مراحل المحاكمة المختلفة.
وبينت أن كل جريمة ترتكب باسم الشرف، تعتبر كغيرها من الجرائم، موضحة ان ذلك يستدعي تعليق جرس الخطر، بسن تشريعات جديدة واتخاذ تدابير سياسية وتوفير حصانة وتدابير وقائية وانصاف للضحايا، معللة ذلك بالقول "ان كل الجرائم غير مقبولة، وكل انتهاك لحق الحياة هو أمر غير مقبول".
وشددت على ضرورة أن لا يفلت المجرم من العقاب، مطالبة بأن لا تقل عقوبة الجاني في أسوأ الحالات عن الحبس لخمس أعوام.
وبينما انتقدت خضر ما وصفته "بالتسامح المجتمعي" تجاه مرتكبي هذه الجرائم، رأت ان اصدار حكم إعدام بقضية قتل جرت العام الماضي بداعي الشرف، وقعت على رجل قتل زوجته، كان مؤشرا ايجابيا نحو "تشدد القضاء الأردني" في التعامل مع هذه القضايا.
ولفتت إلى ان الاجراءات الحكومية، إلى جانب ضغط منظمات المجتمع المدني لتغيير النظرة المجتمعية حيال القضية، يحتاج إلى وقت طويل من العمل المشترك.
نظرة خاطئة ومرفوضة
في المقابل، يرفض المحامي المختص في قضايا الجزاء سليمان المبيضين "القتل" كجريمة ترتكب تحت مسمى الشرف، مشيرا إلى أن طبيعة المجتمع العشائرية والشرقية، تقود إلى هذا النوع من الجرائم، وبما يحدث فيها من "تنكيل" في "بعض الجرائم التي قد لا تخلو من بعد بطولي"، ما اعتبره "نظرة خاطئة ومرفوضة"، تحكم جرائم الشرف في البلاد.
ويؤيد المبيضين تخفيف العقوبة بحق الجاني عند ثبوت وتوافر شروط "سورة الغضب" في إثبات الدافع وراء الجريمة الذي اعتبره "ليس سهلا"، مشيرا في الوقت ذاته، إلى تأييده للعقوبة المغلظة لدرجة الاعدام عند ارتكاب جريمة القتل لداوع تقتصر على الشكوك.
وضمن مساعي الحكومة الحثيثة لاحتواء المشكلة والحد من وقوع جرائم بداعي الشرف، أنشئت دور إيواء كدار الوفاق الاسري لحماية الفتيات من ضحايا العنف المنزلي بشكل عام، كما يتحفظ في الوقت ذاته، مركز إصلاح وتأهيل الجويدة سنويا على ما يقارب نحو 50 موقوفة إداريا من ضحايا الاغتصاب او هتك العرض، أو ممن أقمن علاقات غير مشروعة، كإجراء احترازي لحمايتهن من القتل.
وطالبت منظمات دولية عديدة في وقت سابق، من بينها منظمتا العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش بتعديل قوانين العقوبات المعمول بها، بحيث انتقد التقرير الصادر في أيار( مايو) الماضي، ما أسماه الاحتجاز "الاداري التعسفي" للنساء المشتبهات في سلوك غير أخلاقي.
كما أسهم بعض الحكام الاداريين في المحافظات باحتواء بعض الحالات التي تندرج تحت مسمى قضايا الشرف، بتزويج بعض الفتيات ممن تعرضن لاعتداءات جنسية أو تورطن بإقامة علاقات غير شرعية، بعد الاستناد الى التحقيقات الامنية المدعومة بتقارير من الطب الشرعي.
المصدر : الحقيقة الدولية - الغد الاردنية- 12.7.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه
المفضلات