نحو علاجات فاعلة لمشكلة حب الشباب
د. طارق سامي مشعل - لو نظرنا إلى المستوى العلمي الذي وصل إليه الإنسان في هذا العصر، لوجدناه أضعاف ما كان عليه قبل بضع عشرات السنين حتى أننا نشعر أحيانا أن التطور سيتوقف عند هذا الحد لكن الواقع أن عجلة التطور العلمي مستمرة في الدوران .
إن تناولنا المجال الطبي تحديدا فسنجد أن انجازات كبيرة قد تحققت على صعيد علاج كثير من الأمراض ، لكن تبقى بعض المشكلات الصحية عالقة دون ان تجد علاجا لها.
ومن هذه المشكلات مشكلة جلدية شائعة جدا وهي حب الشباب ، حيث تصل نسبة من يعانون منها إلى 80% أو يزيد ، ويظهر حب الشباب عادة في سن المراهقة لكن قد يستمر إلى سن متأخرة في بعض الأحيان ، وتختلف شدة الإصابة بين شخص وآخر وبين فترة زمنية و أخرى ، وقد يكون شديدا بحيث يترك آثارا على شكل ندب غائرة تشوه وجه المصاب إن لم تتم معالجته في الوقت المناسب .
وبالرغم من بساطة مشكلة حب الشباب ، إلا أن العلاج يعجز عن الوصول إلى الشفاء التام في كثير من الحالات ، فالأدوية التقليدية التي يصفها معظم أطباء الجلد في العالم مثل المضادات الحيوية الموضعية أو عن طريق الفم ، والمواد المقشرة والمضادة للإلتهاب والتي توجد على شكل كريمات موضعية وغيرها كثير، كلها عادة لا ترضي المريض و تبعث على خيبة الأمل لدى الطبيب المعالج وتشعره بالعجز ، وفي أحسن الأحوال إن حصل التحسن المرجو من العلاج يعود الحب للظهور بعد فترة قصيرة من توقيف الأدوية في أكثر من نصف الحالات.
في عام 1982 منحت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية موافقتها على استخدام الدواء المعروف بإسم Isotretinoin في علاج حب الشباب الشديد و كانت نتائجه مذهلة، وظل استخدامه يزداد سنة بعد سنة ، ولا يزال هذا الدواء أفضل و أقوى علاج حتى يومنا هذا ، لكن هنالك عدة أسباب تحد من استخدام هذا الدواء وهي :
* احتمال حصول أعراض جانبية مزعجة مثل احمرار الوجه وتشقق الشفاه
* احتمالية ضئيلة لحدوث بعض المضاعفات الخطرة مثل ارتفاع أنزيمات الكبد ودهنيات الدم أو قد يؤثر على عظام الجسم لكن يمكن تجنب حدوث تلك المضاعفات بعمل فحوص دورية للدم
* وجوب أخذ العلاج بشكل متواصل لمدة تتراوح بين 4-6 أشهر
* ارتفاع ثمن الدواء نسبيا ، حيث أن الكلفة الإجمالية على طول مدة العلاج تتراوح بين 250- 500 دينار تقريبا ويعتمد ذلك على الجرعة الموصوفة واختلاف السعر باختلاف الشركة الصانعة للدواء .
* يمنع اعطاؤه للسيدات اللواتي يرغبن بالإنجاب ، وإن كانت الضرورة ملحة لإعطائه فيجب استخدام مانع للحمل خلال فترة العلاج و لمدة شهر بعد الإنتهاء من أخذ الدواء ، وسبب ذلك هو أن هذا الدواء يؤدي إلى حدوث تشوهات خلقية في الأجنة بنسبة 50% إن أخذ أثناء الحمل
كل ذلك يؤكد على ضرورة توخي الحيطة عند وصف هذا الدواء للمريض وإعطائه فقط عندما تستدعي الحاجة.
ولم يتوقف البحث عن بدائل أخرى أكثر أمنا ، حتى تم التوصل إلى تقنيتين يمكن استخدامهما دون اللجوء إلى الأدوية وهما :
1. (photodynamic therapy) : حيث يتم دهن مادة دوائية على المكان المرغوب علاجه ومن ثم تعريضه لضوء أحمر يؤدي إلى تحفيز المادة المدهونة على الجلد لتعطي مفعولا مضادا للإلتهاب والبكتيريا ويحتاج هذا النوع من العلاج إلى جلسات .
2. (photopneumatic therapy ) : وهو جهاز يعمل بتقنية استحدثت عام 2005 ، تصدر ضوءا متعدد الطول الموجي بالإضافة إلى اصدار قوة شفط هوائية تقوم بإفراغ محتوى الحبوب الدهنية ، وأيضا يحتاج هذا النوع من العلاج الى جلسات.
و سيستمر البحث عن الدواء السحري الذي يتميز بأنه يعطي مفعولا خلال أيام قليلة ولا يسبب أي مضاعفات ، فلعله يكتشف قريبا .
المفضلات