عمان _ عبدالله الحديدي - اكد خبراء ومحللون اقتصاديون أن الحكومة اخفقت في جذب الاستثمارات للاردن ،واستغلال الظروف السانحة التي تسببت بها الاضطرابات في الدول المجاورة واضطرار المستثمرين فيها الى الرحيل والبحث عن بيئة امنة لاستثماراتهم .
وبينوا - في تصريحات لـ «الرأي» ان تأخر الحكومة في اقرار التشريعات والقوانين الناظمة للاستثمار والبيروقراطية التي كانت سائدة ما قبل انشاء «النافذة الاستثمارية» ساهم بهروب بعض المستثمرين في عدة قطاعات.
وأشاروا إلى أن قانون الاستثمار الجديد ما زال غير ناضج في ظل التأخير بإصدار الأنظمة والتعليمات المرتبطة بالقانون.
وقال الدكتور معن النسور ان الظروف الاقليمية والاحداث التي دارت في الدول المجاورة كان يمكن أن تكون فرصة كبيرة للاردن في جذب الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية وخصوصآ من دول الخليج والمستثمر الخليجي بشكل خاص، حيث يدرك الأخير تمامآ ان الوضع الداخلي في الاردن مستقر وآمن.
وأضاف أنه كان لا بد من الحكومة والقطاع الخاص العمل على توفير بئية استثمارية جاذبة من خلال اعطائها حوافز وفرص استثمارية واقعية ذات جدوى مقبولة ومجدية لهذه الاستثمارات .
وبين النسور ان الواقع التشريعي للمرحلة الماضية تميز بعدم وجود قوانين استثمار دائمة ، مشيرا الى ان قانون الاستثمارالجديد ربما سيساهم في استغلال الفرص الاستثمارية واستقطابها ،غير ان المؤسسية التي تشرف على هذا الملف لازالت غير مستعده وامامها شوط كبير حتى تقطعه وحتى تكون قادرة على التعامل مع الاستثمارات ودعمها وبقائها بشكل ايجابي ، ما يستوجب دعم هيئة الاستثمار حتى تتمكن من القيام بعملها على اكمل وجه .
وطالب النسور المعنيين في المرحلة المقبلة ان يضعوا تصورات ورؤى واضحة فيما يتعلق بطبيعة الاستثمارات التي نريد جلبها للاردن وان تكون ذات قيمة مضافة عالية تسهم في رفع نسبة النمو الاقتصادي المطلوب والذي يمكن من خلاله ان نوفر الوظائف والعمالة للاعداد الكبيرة من الخريجين.
وأشار إلى أنه لا بد من العمل على المدى المتوسط والبعيد حتى يكون الاردن حاضنة طبيعية للاستثمارات ، واعداد القوى العاملة وتأهيلها لتكون مناسبة لأسواق العمل ، وفتح أسواق جديدة للسلع الاردنية لتدعم الاستثمارات الاجنبية والمحلية والتي تقام على ارضنا ، وبذل مجهود اكبر يتناسب والمعطيات التي سادت المنطقة بشكل عام وداخل الاردن بشكل خاص .
بدوره، قال المحلل الاقتصادي وجدي مخامرة ان الازمة العالمية التي حدثت وتأثر بها الكثير من الدول بالاضافة الى الظروف الامنية وغير المستقرة في الدول المحيطة بالاردن ، شكلت فرصة كبيرة امام الاردن للجذب مزيد من الاستثمارات غير أن الحكومة الحالية نتيجة عدم الاسراع في اقرار التشريعات والقوانين الناظمة للاستثمار أضاعت هذه الفرصة ولم تتعامل معها بالشكل الجاد والمهني المطلوب.
واضاف انه لم يكن هناك تركيز على الاولويات لاستقطاب اي شي من هذه الاستثمارات العربية او الاجنبية ، مع العلم ان هذه الاستثمارات كانت الحل في التخفيف من البطالة واستقطاب العملات الاجنبية مما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني ورفد الخزينة لرفع الاحتياطي العام من العملات الصعبة .
وبين مخامرة ان تركيز الحكومة كان اكثر على الوضع السياسي وعلى ازمة اللاجئين مما اشغلها عن استغلال الفرصة ،علمآ بان اللاجئين اثروا سلبيآ على الوضع الاقتصادي وشكلوا عبئآ اضافيآ على الاردن بالتزامن مع ازمة الطاقة التي يعاني منها الاردن منذ فترة طويلة .
وطالب الحكومة بأن تضع الاستثمارات الاجنبية والعربية في اعلى اولوياتها وان تخفف من تعدد المرجعيات الاستثمارية ،والعمل على تسويق الاردن وتغيير الصورة السلبية عن هروب الاستثمارات منه ،والاستفادة من خصوصية الاردن ومكانته المميزة بين دول العالم .
من جهته، قال رئيس جمعية مستثمري الاسكان كمال العواملة ان الحكومة لم تتمكن من استقطاب المزيد من الاستثمارات في الظروف التي مرت بالدول المجاورة وبالذات قطاع الاسكان ،بل ان القطاع الاسكاني الموجود تضرر نتيجة اجراءات امانة عمان وعدم الالتزام بتطبيق نظام الابنية المعمول به ، ما ادى الى خروج عدد كبير من المستثمرين في القطاع واتجهوا الى استثمارات اخرى ، ووجهات أخرى كدبي وتركيا.
واضاف ان الحكومة لم تساعد القطاع الصناعي ولم تبذل مجهودا في ديمومة عمل الكثير من المصانع ما دفع الكثير منها الى الاغلاق نتيجة كلفة اسعار الطاقة وارتفاع كلف التشغيل التي حدت من تنافسيتها في الاسواق الخارجية ،مشيرا الى ان الحكومة تقاعست في استقطاب الصناعات التحويلية والانتاجية من سوريا والعراق وغيرها من الدول التي شهدت اضطرابات ، ولم تعطي تسهيلات وحوافز لهم وأعفاءات ضريبية كونها مشاريع تعتمد على التصدير وتعمل على تشغيل الايدي العاملة في المناطق والمحافظات التي تشهد فقر وبطالة .
وقال رئيس غرفة صناعة عمان العين زياد الحمصي، أن تعامل الأردن مع الآثار الناجمة عن الأزمات التي عصفت ببعض دول المنطقة، كان من منطلق ديني وقومي، ولم يكن مبنيا على أية مصالح أو منافع، ففتح حدوده لتدفق اللاجئين من شتى الجنسيات، رغم ما ترتب على البنية التحتية والاقتصاد الاردني من تداعيات.
واضاف الحمصي ان هذا لا ينفي أنه قد تحقق للاردن بعض المكاسب الاقتصادية جراء هذه الأزمات، من خلال نقل العديد من المستثمرين لأعمالهم الى الأردن، فمنذ حرب الخليج الأولى التي شهدت عودة العديد من المغتربين الأردنيين في الكويت وبعض دول الخليج، وما قاموا به من استثمار مدخراتهم في العديد من القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية، الامر الذي انعكس ايجابا على الاقتصاد الاردني الذي شهد طفرة نوعية لعدة سنوات سابقة نتيجة هذه الاستثمارات.
واستقطب الأردن استثمارات بالمليارات من مستثمرين عراقيين وخليجيين في العقد الأول من الألفية الثالثة، إثر نزوح أصحاب رؤوس أموال من العراق بعد سقوط بغداد وإن كانت تركزت في قطاع العقار، وطرح الاستثمارات أمام المستثمرين الخليجيين استغلالا لفوائض النفط، الذي شهد أعلى مستوى في تاريخه عام 2008.
وبعد الأزمة في سوريا، شهد الأردن دخول العديد من المستثمرين السوريين وخصوصا في القطاع الصناعي، مقابل إغلاق حوالي (1500) منشأة صناعية، نتيجة ارتفاع تكاليف الانتاج إثر الارتفاع المستمر في اسعار الوقود والكهرباء بسبب السياسات الحكومية المتخبطة.