ما تزال ردود الفعل الشعبية والسياسية والحزبية كذلك مؤسسات المجتمع المدني, الرافضة والشاجبة لما اقدمت عليه جماعة الاخوان المسلمين يوم الجمعة الماضي من استعراض للقوة وإظهار لميليشياتها, تتردد في النقاشات المتواصلة والمحمولة على تساؤلات عن الاهداف الحقيقية التي رمت إليها الحركة الاسلامية الاردنية وبخاصة ان مثل هذه التصرفات تنبئ على تهديد ورغبة باستخدام العنف في وجه الدولة وفي وجه الاردنيين كافة, على نحو ينذر بأخذ البلاد والعباد الى مغامرة غير محسوبة من قبل الذين قالوا ذات يوم انهم جاهزون لاستلام السلطة وعندما بدأت احلامهم بالتبدد وشعبيتهم بالتآكل والضمور لم يجدوا غير الشارع وشعارات التضليل واظهار البطولة والقوة المتخيلة والموهومة لاستعادة الاضواء التي فقدوها.
على عقلاء الحركة الاسلامية الاردنية ابداء المزيد من الحكمة والتعقل والتبصر في ما يريد المغامرون والمتطرفون في صفوفهم الوصول اليه واشعال الحرائق في بلد تتجسد احدى ركائزه الاساسية في ما استطاع الاردنيون الوطن والشعب والقيادة تكريسه من أمن واستقرار وفي الحفاظ على نسيجه الاجتماعي والوطني المتين وفي رفض العنف والتطرف.
لم يعد ممكنا بعد الذي حصل يوم الجمعة تجاهل حقيقة التهديد الذي انطوت عليه رسالة جماعة الاخوان المسلمين الذي يحلم بعض متطرفيها بأن يجعل العنف لغة التخاطب بين الاردنيين ولتحقيق اهداف سياسية بدل ان يلجأوا للحوار, وبدل ان يتنافسوا مع القوى السياسية والحزبية في الوصول الى البرلمان أو النقابات او مؤسسات المجتمع المدني, لكنهم رأوا في أنفسهم قوة وارتفع منسوب التوهم عند بعضهم, بعد ان رأوا حركات وجماعات وتنظيمات ذات خطاب اسلامي وبعضها (شقيق) لهم, قد استلم السلطة او تم تسهيل وصولهم اليها, فإذا بجماعة الاخوان المسلمين عندنا ترفع صوتها ويحضّر المتطرفون فيها انفسهم لقيادة حركة تمرد في المملكة, جربوا ذلك في المفرق وفي اربد وبعد ان فشلوا وجدوا ضالتهم مرة اخرى في عمان مدعومة هذه المرة بميليشيا من افراد يتشابهون في الازياء والسمات الشخصية.
يخطئ الاخوان المسلمون في الاردن كثيراً إذا ما اعتقدوا ان ممارسات كهذه يمكن السكوت عليها أو تجاهلها فما تنطوي عليه من رسائل لا يمكن الصمت إزائها وعلى العقلاء فيهم إن كان قد تبقى احد منهم بعد عمليات الاقصاء والتهميش والفصل والتجميد التي طالت شخصيات عدة منهم ان يتخطوا وان يبادروا لاحباط مخطط المتطرفين في حركتهم وحزبهم السياسي لأن الغالبية العظمى من الاردنيين لن تسمح لقلة مخربة ومتطرفة ان تأخذ البلاد الى مربع الفوضى والعنف والتدمير استجابة لتوجيهات خارجية ومخططات باتت مكشوفة للجميع بعد كل الدمار الذي طال دولاً عربية عديدة وعليهم إذا ما ارادوا ان يكونوا جزءاً من هذا المجتمع ان يرفضوا العنف علانية وجهراً وأن يعلنوا ايمانهم والتزامهم بقواعد اللعبة الديمقراطية التي تعلي من شأن التعددية والحوار والمنافسة ورفض العنف اياً كان شكله.