تساءلت مجلة فورين بوليسي في تحليل لستيفن أكوك عن مصير الإستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، بما أن "الحقبة السياسية لحسني مبارك تقترب من نهايتها"، وفي ضوء أنه ظل لفترة أحد أدوات السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة.
وفي تحليله ذاك عدد كوك -الذي وصف عهد مبارك بأنه وصل إلى نهاية مخزية- العوامل "التاريخية" التي أدت إلى سقوطه بأنها "الاغتراب السياسي والتفكك الاقتصادي والفساد والانخفاض الحاد في دور مصر الإقليمي. ويعتبر أن "بذور زوال مبارك زرعت منذ مدة طويلة".
ويشير كوك إلى أن الفوضى التي سادت الأسبوع الماضي قد رمت بمقولة جلب الاستقرار التي طالما تباهى بها مبارك، إلى سلة المهملات.
ويلفت إلى أنه رغم أنه جاء إلى السلطة على وعد الإصلاح وتعهد بعدم السعي إلى أكثر من فترة رئاسية واحدة فإنه سرعان ما قاده الافتتان بالسلطة إلى أن يرى نفسه "لا غنى عنه من أجل مستقبل مصر".
ويضيف الكاتب إلى أنه رغم تجاوز مبارك لتبني "الأيديولوجيات الجامدة"، مشيرا ضمنا إلى الاشتراكية والقومية العربية، فإن "البراغماتية" و"الاستقرار من أجل التنمية" اللذين رفعهما انتهيا إلى إخفاق كامل.
وحسب المجلة فإن مبارك "بني دائرة ضيقة قريبة منه من أصحاب الشركات التجارية الكبرى والشرطة والجيش، واعتمد على القوة والتهديد باستخدام العنف لإبقاء السكان تحت سيطرته".
وتشير المجلة إلى ما أسمته "ازدراء مبارك للشعب المصري في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما سعت المعارضة إلى إنشاء برلمان للظل بعد الانتخابات البرلمانية المزورة بشكل مذهل، عندما ابتسم بتكلف، وقال أمام اجتماع عام "اسمحوا لهم بوقت ممتع".
"
الولايات المتحدة ليست مسؤولة عن الطغيان الذي مارسه حكم مبارك ولكنها مكنت له وأفادت منه
"
ستيفن أكوك
رجل واشنطن
ورغم تأكيد الكاتب على أن الولايات المتحدة ليست مسؤولة عن الطغيان الذي مارسه حكم مبارك، فإنها "مكنت له واستفادت منه".
وتقول المجلة إن مبارك "ظل لفترة طويلة رجل واشنطن في القاهرة"، حيث حافظ على فتح قناة السويس وقمع الإسلاميين واستمر في علاقته غير الشعبية مع إسرائيل، التي توصف في مصر بالخطيئة.
وفي المقابل، تقول المجلة، قدمت الولايات المتحدة الكثير لمصر وساهمت في إمدادها بمليارات الدولارات على مدى سنوات للمساعدة في تجهيز البنية التحتية للبلاد، وتطوير التكنولوجيا الزراعية، وبرامج الصحة العامة، لافتة إلى أن استفادة النظام مما يقرب من 70 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية والعسكرية على مدى 30 عاما و"هيبته المزعومة" من خلال كونه شريكا لقوة عظمى في العالم.
ووفقا للمجلة فإنه رغم هذه المساعدات الأميركية وأهميتها في التنمية في مصر، فإنها "عملت على تقويض الشرعية الوطنية للنظام". إذ كيف يمكن لمصري أن يحتفظ بكبريائه عندما يرى موظفي وكالة العون الأميركية في العديد من الوزارات الحكومية؟". هذا إلى جانب ما يرونه من "انحراف لسياسات بلادهم الخارجية مقابل الهبات التي تقدمها الولايات المتحدة".
وأحصت المجلة عددا كبيرا من المواقف الإقليمية التي اتخذها مبارك لإطلاق اليد لإسرائيل والولايات المتحدة لتحقيق مصالحهما الإقليمية في المنطقة، مستخلصة من ذلك أن مبارك كان حجر الزاوية في إنشاء النظام الإقليمي الذي جعل تحقيق المصالح الأميركية في المنطقة أسهل وأيسر.
وتلفت المجلة في النهاية إلى أن "مصر الديمقراطية ستكون قادرة على مقاومة إسرائيل وسياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
المصدر: فورين بوليسي
المفضلات