وعاد (الهيشي) بعد غياب
وعاد (الهيشي) بعد غياب
- يقال ان نصف الامراض تأتينا من الطباخين الجهلة والنصف الثاني يأتينا من الطباخين المهرة ..! وكذلك السجائر، وان اختلفت مسمياتها ، فهي نصفان ..الاول مدخنون سلبيون يستقبلون الامراض ولا حول لهم والثاني مدخنون مدمنون ومهرة يسببون الامراض .
ويقول أبو صلاح 52 عاما ويعمل سائقا عموميا وجدت ضالتي أخيرا وبعد 32 عاما كبديل للسجائر في اللجوء لتدخين''الهيشي'' وذلك لمواجهة'' جموح'' الأسعار وتوفير المصاريف اليومية المرتفعة.
فقد كنت أدخن يوميا بمعدل ثلاثة باكيتات دخان وهذا كان يكلفني دينارين ونصف أي بمعدل 75 دينارا شهريا ما شكل عقبة كبيرة أمامي في كيفية البحث عن سبل توفير المصاريف اليومية المتزايدة.
''و اتخذت قراري بعد ان شاهدت زملائي يحملون علبة تغليف السجائر في جيابهم مع كيس دخان الهيشي والذين شجعوني على اللجوء لتدخينه والتوقف عن شراء علب السجائر''.
وبحسبه ''فان اللجوء لتدخين الهيشي وشراء الورق المخصص له والفلاتر قد وفر مبالغ شهرية طائلة كان يصرفها سابقا حيث لم يتجاوز انفاقي الشهري أكثر من ثلاثة دنانيرالان .
أما أبو صقر والذي يعمل موظفا حكوميا فقال أنني لجأت للهيشي بسبب الاقتصاد الكبير في تدخين عدد السجائر الجاهزة حيث يتطلب لف السيجارة الواحدة وقتا وجهدا ما يرغمني على عدم التدخين إلا عند الضرورة.
وأضاف أبو صقر '' لم اعد قادرا على مواكبة ارتفاع الأسعار ومصاريف المعيشة التي تحتاج إلى تدبير وإعادة تنظيم وتوفير للمصاريف السابقة حيث كنت أدخن يوميا بمعدل يتراوح ما بين 30 إلى 40 سيجارة ي بينما حاليا لا يتجاوز الأمر أكثر من سبع سجائر فقط.
أما سليمان السبعاوي ويعمل معلما فقال إنني أجد صعوبة في لف السجائر وعملية وضع الفلتر في مقدمة السيجارة وذلك لإقبالي الحديث على استخدامها وكيفية التعامل معها.
ويضيف السبعاوي ان قراري كان التوقف عن عملية التدخين برمتها وليس ذلك لأسباب صحية بقدر ما هي مالية بحته كون السيجارة هي محبوبتي التي رافقتني خلال أكثر من 15 عاما إلا أن مشاهدتي لزملائي وزيادة الهموم اليومية قد أعادتني لاستخدام الهيشي .
ويضيف أن والدي والعديد من أصدقائي قد عادوا لاختيار الهيشي .
ابو أحمد صاحب محل تجاري لبيع التبغ والاراجيل منذ 30 عاما يقول أن الحركة كانت مزدهرة قبل 17 عام تقريبا وبعدها اختفى تدخين الهيشي ولكن قبل ثلاث سنوات بدأ عشاقه بالظهور المتزايد وخصوصا بعد رفع أسعار علب السجائر.
و يضيف أبو أحمد انه خلال الشهر الماضي ارتفعت نسبة المبيعات للهيشي وملحقاته من دفاتر اللف والفلاتر لتصل الى اكثر من 150% عما كان عليه الحال قبل ذلك.
اما جمال حرب تاجر لجميع أنواع الدخان والفحم والاراجيل في صويلح منذ أربعين عاما فقال ان تدخين الهيشي كان مقتصرا في السابق على كبار السن والفقراء الا ان ما اشاهده يوميا من زبائن هم من الطبقة المتوسطة والموظفين والشباب.
ويضيف حرب ان استخدام الهيشي يوفر أكثر من 70% قياسا مع علب السجائر الجاهزة وهذا بالتالي ما دفع هؤلاء باللجوء إليه موضحا أن الهيشي منه البلدي والذي لا يتوفر بكثرة بعد منع زراعته من قبل وزارة الزراعة والنوع الأحمر الفاخر.
يقول محارب انه يتم خلط الدخان الأسود والأحمر لتعديل درجات الحماوة بين الصنفين موضحا ان سعر الكيلو البلدي يباع بثمانية دنانير متوقعا ارتفاعه إلى حدود أعلى في ظل الطلب المتزايد وقلة زراعته حيث كان يباع قبل عامين بدينارين للكيلو الواحد .
وولفت الى ما اسماه الإقبال الشبابي على شراء دخان الهيشي المسمى بشعر البنات حيث يباع في علب 100 غرام بنصف دينار ويمكن ان تلف أكثر من علبتين للسجائر الجاهزة بعد ان يتم وضع النكهات المختلفة عليه.
أما أبو سليمان وهو بائع للهيشي في الوحدات فقال أن مدخنين من طبقات اجتماعية مختلفة يقبلون على محله لشراء 'الهيشي'. مبينا ان منهم يستطيع أن يدخن أغلى أصناف التبغ، لكنهم يفضلون الهيشي.. إنها عشرة عمر'، يصف تعلق زبائنه بالهيشي ..
ويضيف ان أجود أنواع أوراق هذا التبغ تلك التي يضرب لونها للأصفر وتكون ناضجة ورائحتها فواحة وهو ما يطلق عليه''بالعربي'' حيث يصعب التفريق بين سيجارة 'الهيشي' وغيرها من أصناف السجائر إلا من خلال رائحتها التي تعبق بقوة في المكان الذي يجلس فيه مدخنوها.
وبين انه يتم حفظ هذا التبغ بعد معالجته عبر عدة مراحل في علبة حديدية تقليدية تعرف بعلبة الدخان، وبعضهم يضعه في كيس استخدم في السابق كوعاء لحفظ 'التوباكو'ذو الرائحة الفواحة وبعضهم يجعلون من كيس مصنوع من الحرير الأسود عليه مطرزات بألوان فاتحة، يشير إلى قيمتهم الاجتماعية الرفيعة، ومثل هذا الكيس معروف عند البدو . ويضيف ان هناك انواع من الهيشي فمنها 'العراقي' و'السلطي' و'حسن بكي'، ولكل مزاياه المتعلقة بـ'ثقله' ورائحته ولونه، 'فاذا كانت أوراقه صفراء يكون قد نضج تماما قبل قطافه ويصبح أقل حرارة عند تدخينه' أما الذي يكون لون تبغه ضاربا للأخضر فتكون أوراقة قد قطفت قبل أوانها فيصبح دخانه ثقيلا والذي يعرف بقاموس مدخني الهيشي 'الدخان 6 عقدة' 'والديزل' في إشارة منهم إلى ثقله وقوته.
و ينفق على التدخين مليار دينار اردني منها 650 مليونا لشرائه و350 مليونا لعلاج تبعاته ..
رد مع اقتباس
المفضلات