- «ما في نوم!.
- «ما عم بنام».
- «بتقلب كتير وأنا نايم».
- «ما نمتش عشان أصحى».
هي من العبارات المتداولة حاليا في محيط الأسرة ومحيط العمل والأصدقاء، فهل حقا نحتاج إلى النوم؟ وهل قدرتنا على النوم جيدا معتمدة على ما نأكله؟
فإلى جانب التغذية والنشاط البدني، يوفر لنا النوم فرصة الراحة الكافية والتي من خلالها يمكننا إستعادة لياقتنا وصحتنا العقلية والبدنية إذ أنه عند حصولنا على ليلة نوم جيدة، نشعر بأن كفاءة العقل والذهن ومستويات طاقتنا هي أعلى منها عند عدم النوم بصورة كافية.
وللنوم فوائد جمة، فهي المرحلة الوحيدة من اليوم التي يستطيع فيها جسمنا التنعم بالراحة والقدرة على إفراز هرمونات الطاقة وتقوية أجهزة جسمنا، وبالأخص جهاز المناعة. وقد أشارت الدراسات ضرورة تناول قسط من النوم يوميا بمعدل ست الى ثماني ساعات. وقد يتسبب النوم القليل - أقل من خمس ساعات- أو النوم الكثير -أكثر من ثماني ساعات- بعدة مشاكل صحية والتي قد تنعكس على تغيير سلوكنا اليومي ونمط حياتنا الإعتيادي، كما وتعكس على قدرة جسمنا في الحفاظ على وزن صحي وقوام رشيق.
أما الأرق، فيعتبر حالة من الحالات التي لا نقوى فيها على النوم، فنتقلب في فراشنا حتى ساعة متأخرة من الليل، أو نجد صعوبة في الرجوع إلى النوم، وعدم الراحة فيه، ويمكن لحالة الأرق أن تأخذ صورة استيقاظ متكرر خلال الليل. وقد ينتج عن الأرق عدة مشاكل منها الشعور بالتعب، الشعور بنقص في الطاقة والحيوية، صعوبة التركيز مع الانفعال والغضب السريع، والطيش في التصرفات، والنهم في الوجبات.
وتعد أسباب الأرق عديدة، ولكن أكثرها انتشارا ينتج عن الإكتئاب، الارهاق، الألم، التعب، المرحلة العمرية (خاصة لدى النساء خلال فترة الدورة الشهرية، الحمل، الرضاعة، أو عند بلوغ سن الأمل)، تناول بعض الأدوية الطبية، النشاط الزائد في الغدة الدرقية، الإحباط، خلل في وظيفة خلايا الدماغ، تناول المخدرات أو المنبهات.
وللأرق علاقة وطيدة بالتغذية، اذ يؤثر الغذاء على النوم بشكل مباشر أو غير مباشر. وتكمن أهمية الغذاء في توفير احتياجات جسمنا من العناصر الغذائية الهامة من أجل القيام بوظائفه. فإن نقص احدى هذه العناصر بصورة بسيطة أو كبيرة قد يؤثر على عدم توفير الإحتياجات الضرورية من فيتامينات وعناصر معدنية غذائية والتي قد ينتج عن نقصها إضطرابات في النوم أو حتى الأرق. كما أن نوعية الغذاء المتناول قد تؤثر في تغيير كيمياء خلايا دماغنا إذ تحتوي بعض الأغذية على مواد كيميائية من شأنها أن تغير أو تبدل توازن السيلانات أو الرسائل العصبية في دماغنا فتزيد بعض الأغذية من هذه السيلانات مما يؤدي إلى الشعور بالهدوء والنعاس، بينما يسبب البعض الآخر زيادة النشاط واليقظة.
وغالبا ما يتزامن الأرق مع وجود حساسية معينة لنوع من الغذاء أو الطعام عند بعض الأشخاص الذين يعانون من حساسية ما، لذلك فاننا ننصح بالمعالجة الغذائية للحساسية للحد من الأرق والمشاكل الصحية المصاحبة للحساسية.
ولعل أهم أسباب الأرق يكمن في نمط حياتنا وفي طريقة تناولنا للطعام، فقد نجد متابعي برامج التلفزيون ليلا، أو متابعي مونديال 2010 مؤخرا يتناولون عشاءهم بطريقة النقرشة التي قد تستمر طوال المساء والليل. وفي المقابل نجد الحفلات العامرة و جمعات العائلة وولائم الأصدقاء والمناسبات التي تفرض تناول وجبة عشاء غنية وثقيلة قبل زمن بقليل من النوم والتي بدورها تغذي إضطرابات النوم والأرق. لذلك فإننا نُوصي بتجنّب تناول الأطعمة الحارّة والكبيرة والدسمة قبل النوم مباشرة، لأن هذه الأطعمة تتعارض مع النوم ولأنها تُسبب حرقة المعدة وتهيجات في الجهاز الهضمي لدى البعض والتي تعيق عملية الراحة في النوم. كما أن هذه الوجبات عادة ما تكون غنية بالبروتينات والدهون وتكون مرتفعة بمادة التيرامين فتزيد من إفراز هرموني النورابينفرين والدوبامين اللذان يزيدان من يقظتنا ونشاطنا وأرقنا.
ولعلني أتناول جانب آخر وهو إقدام العديد منا بتجويع الذات في الليل من أجل الحفاظ على الوزن أو تخفيضه، ولكن عملية التجويع هذه تتسبب في زيادة نشاط إفراز كل من هرموني النورابينفرين والدوبامين اللذان يزيدان من يقظتنا ونشاطنا وأرقنا، فالأمر لا يقتصر على تناولنا لوجبات كبيرة، وإنما أيضا على تجويع الذات. ولعل شيوع نصيحة «ما تاكل بالليل بتنصح!» هي خير دافع لذلك فحقيقة الأمر هي أنه لم يكن هناك أبحاث علمية تسند نصيحة عدم اتناول الطعام ليلا إذ أن مجال بحث معلومة تناول الطعام ليلا معقد، فهنالك بعض الأشخاص الذين تتحتم عليهم طبيعة حياتهم تناول الطعام ليلا، والبعض الآخر قد يحتاج أن يتناول الطعام ليلا نظير حالة صحية أو حاجة صحية ما. وتوصي الجمعية الأمريكية للتغذية بالإشارة إلى الأدلة العلمية المتوفرة حاليا بأن يتم التركيز بدلا من ذلك على تناول وجبات خفيفة خلال النهار مع الحرص على تناول وجبة على الفطور وخلال نصف ساعة من الصحو من النوم وذلك لزيادة النشاط اليومي والتيقظ العقلي وتجنب حالة الإشباع في ساعات متأخرة من الليل.ولكني أحذر من شيوع نمط تناول وجبة واحدة متأخرة في مجتمعنا، فإن ذلك قد يؤدي إلى تكيف الجسم على تصنيع الدهون وتخزينها، والحل الأمثل والمسنود علميا هو مراعاة تناول وجبات خفيفة خلال النهار، مع تناول كميات موزونة ومنوعة ومقتصدة خلال فترة المساء والليل.
ولكي نؤمن النوم بصورة صحية، فننصح بتناول فيتامبنات (ب)، خاصة فيتاميني (ب 6) وحمض النيكوتين (ب3)، أو تناول أطعمة تحتوي على أحدهما مثل الموز، الشعير، الفول، اللوز، و الحبوب الكاملة. كما وننصح بتناول المواد الغذائية الغنية بمادة التريبتوفان ليلا لأن هذه المادة تساعد على النوم. ويوجد التريبتوفان في الموز، البلح، التمر، التين، الحليب، سمك التونا، الديك الرومي واللبن.
ويجدر بي الذكر بأنه يجب تفادي الأطعمة الغنية بمادة التيرامين قبل النوم أو في وجبة العشاء لأنها تزيد من افراز المواد المنشطة للدماغ، مثل الشوكولاتة، الباذنجان، اللحوم المدخنة، الكبيس، السكر، النقانق، السبانخ، البندورة، والأجبان.
بالاضافة، فاننا نوصي بتجنب التدخين.واذا كنت مدخنا، فتجنب الدخان قبل النوم بثلاث ساعات. وتجنب المشروبات الغنية بالكافيين والكحول، خاصة قبل النوم مباشرة، وتناولها قبل ثلاث ساعات على الأقل. كما وننصح بالتوقف عن تناول الوجبات الثقيلة قبل النوم بثلاث ساعات، والاستيعاضة عنها بوجبة خفيفة (مثل حبة موز، تمرتين، نصف كوب من الحليب، أو كوب من اللبن) قبل النوم بنصف ساعة. وفي حالة ارتباط الشعور بالجوع بمعدة فارغة ممّا يتسبب في الأرق، فننصح بتناول وجبة خفيفة قبل النوم مثل: نصف كوب من الزبادي أو اللبن مع حبة من الفاكهة أو نصف كوب من حبوب الإفطار مع حليب خالي أو قليل الدسم، أو ربع رغيف صغير مع لبنة.
كما ونوصي بعدم تناول السوائل قبل النوم بساعة ونصف حتى لا يحدث الأرق بسبب القيام في منتصف الليل للتبول اذ أن جسم الإنسان يحتاج إلى تسعين دقيقة لمعالجة السوائل. وتنتشر هذه العادة لدى كبار السن بشكلٍ خاص.
ولا تقتصر معالجة الأرق على نوعية الأطعمة المتناولة وكميتها قبل النوم، وانما تختلف التوصيات والارشادات باختلاف مسببات الأرق، وغالبا ما يتلازم والارشاد التغذوي تدخل طبي وعلاجي تغذوي لتغيير السلوك، أو نمط الحياة، كما وقد تتطلب بعض الحالات المعالجة الطبية والأدوية ،خاصة في حالة زيادة افراز الغدة.
فبجانب تغذيتنا الجيدة وممارستنا للرياضة بانتظام، يعتبر النوم الكافي جزءا لا يتجزأ من صياغة لياقتنا البدنية وحياتنا الصحية
رد مع اقتباس
المفضلات