بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :
لا أشك أن أحدا منا لا يتمنى أن لا يكون مجتهدا , لكن القليل منا مجتهدون ! ويكمن السر في أن الكثير منا لا يدري كيف يمكن أن يكون مجتهدا ، وأضع بين يدي الطالب – على عجالة – بعض الأمور التي تساعده على الاجتهاد :
مقومات الاجتهاد
1. التحضير المسبق للدروس : وهذا أهم عامل من العوامل التي تجعلك مجتهدا , وإليك الطريقة المثلى التي نراها للتحضير: عندما تبدأ الدراسة (عصرا)
قم أولا : مرجعة كل الدروس التي تم أخذها ودراستها مع المعلمين لهذا اليوم (وقد لا تتجاوز هذه المراجعة خمس عشرة دقيقة لجميع المواد) ، ثم قم بحل جميع الواجبات التي طُلبت منك هذا اليوم ولو لم تكن لها حصة غدا(وقد لا يتجاوز حلها ساعة لجميع المواد) ، ثم قم بترتيب الشنطة بناءً على برنامجك لغد ، ثم قم بتحضير الدروس التي سوف تُشرح غدا وذلك : بقراءتها أولا ، ثم محاولة فهمها والتأشير على الأفكار الغير مفهومة في الدرس , ثم تنقيطها ، ثم حفظها حفظا متينا كما تحفظ للامتحان ، ثم كتابة الأسئلة الاستفسارات التي خطرت على بالك أثناء القراءة - على دفتر المادة -، ثم إن وجدت متسعا من الوقت فلا بأس أن تلخص الدرس على دفتر المادة فذلك يرسخ المعلومات في ذهنك .( قد تحتاج من ثلث إلى نصف ساعة لكل مادة ، فلو عندك ست مواد فتحتاج إلى ثلاث ساعات فقط ) . وبعد العودة من المدرسة من اليوم الثاني قم بمراجعة ما أخذ واحفظ الزوائد التي استفدها من معلمك , ثم قم بتحضير الدروس لليوم الذي يليه كما هو مبين أعلاه .
2. المحاضرة أمام إخوتك الصغار: إذا وجدت متسعا من الوقت فقم بإحضار إخوتك الصغار إلى غرفتك الخاصة واغلق الباب وأجلسهم أمامك ؛ وقم بتدريسهم المادة التي درستها واقتنص شخصية المعلم ، ولو لم يكن لك إخوة فحاول أن تحاكي الجمادات من حولك ؛ فلذلك أثر كبير في ترسيخ المادة الدراسية في ذهنك وقلبك .
3. الإصغاء والانتباه والتركيز والتفاعل مع المعلم أثناء الشرح: قلنا إنك قمت بحفظ الدرس كما لو كان عندك اختبار أثناء التحضير البيتي ، ومهمتك أثناء الحصة الإصغاء لشرح المعلم والانتباه له والتركيز لما يقول والتفاعل والمشاركة معه ، والاستفسار عن الأفكار الغير مفهومة في الدرس والتي قمت بالتأشير عليها أثناء التحضير في البيت ، والسؤال عما خطر على بالك أثناء التحضير والذي يتصل اتصالا وثيقا بالدرس ، وتدوين كل الإضافات التي جاء بها المعلم والخارجة عن الدرس
4. عدم الدراسة والقلب مشغل : إياك أن تحمل الكتاب لتدرس وأنت مشغول القلب مهموم البال فلن تستوعب المادة الدراسية ؛لأن المذاكرة تحتاج إلى قلب واع وبال فارغ. وفي هذه الحالة بإمكانك إزالة الهم والانشغال بمخالطة الآخرين أو التنزه قليلا أو النوم وأفضل من ذلك كله الصلاة وقراءة القرآن فالنبي e كان إذا همه شيء قام إلى الصلاة وكان يقول لبلال : ( أرحنا بها يا بلال ) .
5. حب المادة الدراسية والتشوق إليها : وهذا من أهم الأمور التي تجعلك مجتهدا ؛ لما في ذلك من الاهتمام بالمادة والتمعن بها والحرص على فهمها وعدم التكاسل في طلبها وعدم التخاذل عنها . فاحرص على حب جميع المواد ، ومن أسباب ذلك : إدراك أهمية المادة ، وإدراك أثرها عليك في حياتك العامة ، والتعرف على فوائدها العملية ، والشعور بحاجتها وضرورتها ،وحب مدرسها والإعجاب به .
6. استغلال الأوقات الحية للدراسة : اعلم أن ساعات النهار والليل تنقسم إلى قسمين من حيث النشاط الذهني وعدمه فيها : فالقسم الأول (الأوقات الحية) والقسم الثاني (الأوقات الميتة) . وعليك أن تتعرف على أوقات كل منهما ؛ لتستغل كل وقت بالأمور المناسبة له وبشكل مجمل فإن الأوقات الحية للدراسة هي : من بعد صلاة الفجر إلى حين الذهاب للمدرسة وهذه الفترة هي قمة النشاط الذهني والفكري ،الثلث الأخير من الليل وهو ما يسمى ( وقت السَحر) ، ثم من بعد الضحى إلى ما بعد الظهر بقليل وهي فترة عمل ، ثم من بعد صلاة العصر . أما الأوقات الميتة للدراسة فهي : من بعد الظهر إلى قبيل العصر وهي أكثر الأوقات موتا ؛ لذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالقيلولة في هذا الوقت ، ما بعد صلاة العشاء بساعتين تقريبا إلى بداية السحر . للمزيد في هذه النقطة انظر : رسالة (كيف تنظم وقتك) من هذه السلسلة .
7. النوم المبكر والاستيقاظ المبكر : لا بد لجسمك من أن يأخذ حظه من النوم والراحة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإن لبدنك عليك حقا ) ، والسهر مضر بالصحة ومرهق للأعصاب مسبب لارتخاء البدن مضيع لصلاة الفجر , لذا كره النبي صلى الله عليه وسلم السهر بعد العشاء من غير حاجة كما جاء في البخاري . واعلم أن نوم ساعات من الليل افضل من نوم مضاعفاتها من ساعات النهار فاحرص على النوم مبكرا بعد صلاة العشاء . فبالله عليك قل لي كيف يكون حال من سهر في الليل سهرا طويلا ثم استيقظ في الصباح رغما عن أنفه وذهب إلى المدرسة مغمض العينين وجلس أمام الأستاذ وهو يتثاوب ،فكيف سيركز ويتفاعل مع أستاذه ؟! . أما الاستيقاظ المبكر فلا بد منه لثلاثة أمور أولهما: للتعبد ومراجعة الدروس في وقت السَحر ، ثانيهما : صلاة الفجر جماعة , وثالثهما:استغلال ذروة النشاط الذهني والفكري (بعد صلاة الفجر إلى حين الذهاب للمدرسة). ولا تنسَ قول النبي صلى الله عليه وسلمبورك لأمتي في بكورها) رواه الطبراني في الأوسط
.8. الوضع الفيزيقي لغرفة الدراسة : اجعل غرفتك دائما نظيفة وسريرك مرتبا ، واحرص على تهويتها كل يوم في الصباح والمساء واجعل إنارتها قوية وغير مسلطة على طاولة الدراسة مباشرة ، وليكن مقعدك متحركا ومركاه يصل إلى رقبتك , واجعل فيها مروحة معلقة تُستخدم في أوقات الحر , لا تلسق رسومات وصور على الحائط ؛ لأن ذلك يلهيك وليكن للغرفة مفتاح لتغلقها عند الدراسة , حاول أ ن تلطف جو الغرفة برش ( ملطف جو) .... كل ذلك من شأنه أن يعطيك جوا دراسيا أفضل . كما أن الاغتسال ونظافة البدل تساعد على الحيوية والنشاط .
9. تهيئة الجو المناسب في البيت وتوفير الهدوء : وهذه تقع على عاتق الآباء والأمهات ؛ فهم المسؤولون عن تهيئة الجو المناسب للأبنائهم وذلك بتوفير الغرف الدراسية المناسبة لهم – خاصة إذا كان عدد الأبناء كبير-، وإبعاد الأطفال منها ، وتأمين متطلبات الأبناء ، وتقديم وجبات غذائية مناسبة لهم مع شيء من المكسرات والحلوى ، وعدم إغضابهم لأتفه الأسباب ، وعدم إرهاقهم وإشغالهم بأمور تقع على كاهل الأب يقول الإمام الشافعي رحمه الله
10. توفير الوسائل التعليمية:فعلى الآباء توفير ما يحتاجه الأبناء من وسائل تعليمية تساعدهم على استيعاب المواد التدريسية مثل: أشرطة القرآن الكريم بأصوات قراء متقنين كأمثال الشيخ الحذيفي والمنشاوي وأشرطة لمادة اللغو الإنجليزية ، وسيديات للخرائط التفصيلية,وغير ذلك من البرامج الخادمة للعملية التربوية التي يمكن التعرف عليها من خلال سؤال معلم كل مادة .
11. مراجعة المواد الدراسية مع الطلبة المتفوقين : استغل أوقات الفراغ بين الحصص بالمناقشات العلمية بينك وبين الطلبة المتفوقين من صفك،وذلك بطرح المسائل التي تجهلها؛فإن المباحثة والمذاكرة بين الطلبة لهاأثر طيب في ترسيخ المادة المدروسةفي الذهن وفي ذلك يقول الشاعر:
من نــال العلـمَ وذاكـــره حَــسُنــَتْ دنيـاه وآخرتـه
فَأَدِمْ للعلــم مُذَاكَــــــرةً فحيــات العلــم مُذَاكَرَتُــه
12. القيام بالواجبات على أكمل وجه ولو كانت سخيفة : قم بحل جميع الواجبات التي وكلت إليك من قبل معلميك ولو كانت في نظرك سخيفة ؛فقد تكون هناك أبعاداً تربوية أو نفسية أو سلوكية أنت تجهلهايريدها المعلم من خلال هذا الواجب .
لا تحـــقــرن صــغيــــــــــــــرة إن الـجـبـال من الـحـصـــــــــــــــــى
لا تحقرن من الأمور أصغرهــا إن البعوضة تدمي مقلة الأســـــــــــد
13. عدم التذمر من صعوبة المواد: إياك ثم إياك أن تتذمر من صعوبة بعض المواد وتكرهها فإن ذلك لا يصب في مصلحتك ، فعليك أن تجهد نفسك ، وتتوكل على الله ولا تعجز ، وتحاول فهم أساسيات المادة مرةً بعد مرة ، فإن شعرت بعد ذلك أنه لا جدوى فلا بأس من أن تتقوى بها في مراكز التقوية في العطلة الصيفية .
ليـس المطـالـب بالتمنــــي ولكـن تؤخـذ الدنيـا غلابـــا
13. المحافظة على الكتب:اعلم أن الطالب المجتهد يعرف:بنظافة كتبه ودفاتره؛فحافظ على كتبك ودفاترك وأدواتك المدرسية،واجتهد في نظافتها لتكون دائما نظيفة مرتبة , واحذر من الرسم عليها ؛ فإن ذلك يشوه هيبتها ، بل اجعل لها غلافا لتبقى دائما نظيفة جديدة ؛ فبذلك تبقى مدة ً أطول ، وتسر برؤيتها , ويُسر معلمك من نظافتك وترتيبك واهتمامك .
يا كتابي أنت عندي روضـة فيها الثمـار
أقطف الأزهـر منها باعتناء واصطبـــار
وأُمَضِّي الوقت فيها بين بحث واعتبـــار
أنتَ بالليل سميــري وصديقــــي بالنهار
يا كتابـــي أنت بابٌ للمعـالــي والفَخَـار
14. المحافظة على الصلاة والذكر والشكر والدعاء : فالصلاة قرة العين وفرح الفؤاد ، وهي صلتك بربك ، فاحرص على إقامتها . واجعل لسانك دائما رطبا بذكر الله , فمثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحيّ و الميت ، وأكثر من شكر الله فإن بالشكر تدوم النعم ) وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ( { إبراهيم:7} وأكثر من الدعاء واللجوء إلى الله جل جلاله واطلب منه العون والمدد :
فإن لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
واعلم أن العلم النافع مشروط بالتقوى قال تعالى
رد مع اقتباس
المفضلات