فكان حقاً على المسلمين أن يختاروا الإسلام، ويلفظوا حضارة الغرب التي ابتلعوها ولكن لم يهضموها في يوم من الأيام. وإذا ما تذكروا أيامهم الخوالي يوم كانوا متمسكين بالإسلام، كانوا خير أمة أخرجت للناس، وإن المسلمين لم يتأخروا عن مقدمة الركب إلا يوم تخلوا عن الانقياد لأوامر الله في شؤون حياتهم كافة. ووالله الذي لا إله إلا هو، لو قارنا بين أحكام الإسلام وما تحمله من رحمة وهداية، وبين تعاليم الغرب وما تفرضه من شقاء وغواية، لوجدنا البون شاسعاً، وأننا نترك عزنا للذل والصغار.
كما أن العالم كله، وأوله الغرب، بحاجة ماسة إلى الإسلام لينقذ نفسه مما يتردى فيه، بل قل مما أرداه به الفكر الغربي والحضارة الغربية. هذا ما يدركه الغرب ويجن جنونه له، ويكيد للمسلمين كيداً عظيماً، ويمكر مكراً تزول منه الجبال، ولعله يتمخَّض عن كيدهم هذا وعي المسلمين على إسلامهم بشكل يجعلهم أهلاً لحمل الإسلام إلى العالم كله.
أما أولئك المغرضين من دعاة تحرير المرأة كفاهم كذباً ونفاقاً، أي تحرير يريدون للمرأة المسملة، تحرير من إسلامها ومن شرفها ومن كرامتها، أهذا ما يبتغون؟ فلا والله فإن نساء المسلمين كريمات بإسلامهن، عزيزات بعقيدتهن، ويعلمن المخطط جيداً وما يُرمى إليه. فلا وألف لا، لسن ممن يبِعْنَ الشرف بالرذيلة، والعزة بالمهانة، والكرامة بالذل. لسن كما تريدون، ولسن كما ترغبون، بل هن كما يريد من خلق وهو العليم الخبير. إنهن بإذن الله صابرات ثابتات على دينهن، عاملات لإقامة شرع الله في الأرض من جديد، لتعود العزة والكرامة ولا يكون لأمثالكم عليهن سلطان. وإن فجر الخلافة لناظره قريب، فمهلاً يا دعاة التخريب، سيأتي اليوم الذي تندمون فيه على ما قدمتم، فإمام المسلمين وخليفتهم نسمعه من بعيد يثبتهنَّ ويشد من أزرهن: «أيا نساء المسلمين صبراً، فإن كرامتكن وأعراضكن معلقة في عنقي، وإني بإذن الله لموفٍّ، وإن الله ناصر عباده المخلصين، فاصبرن واحتسبن».
فيا خليفة المسلمين ويا إمامنا، هن الصابرات بإذن الله لم ولن يحِدْنَ عن طريق رسول الله وأمهات المؤمنين اللواتي سبقتهن إلى الإسلام، وهن على ثقة بنصر من الله عظيم ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [الروم 4].
أيا خير أمة أخرجت للناس هل من معتصم؟ أيا راعيَ الرعية ويا حاميَ الحمى، أيا خليفةَ المسلمين، أزمانك عنا ببعيد؟ واخليفتاه، واغوثاه.
اللهم إنا مغلوبون فانتصر، اللهم إنا مغلوبون فانتصر.
اللهم إنا نسألك ما وعدتنا: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور 55
المفضلات