تكاثر مربك في ظاهرة الجبهات والحركات التي تنطق باسم الشعب وتبشر "بقرب التغيير"
الاردن..تسريبات من داخل الحكومة توحي بانقسام الوزراء والقرار حتى الآن تجاهل تيارات المقاطعة
ما الذي ستخسره حكومة سمير الرفاعي لو جلست مع قادة التيار الإسلامي تحت عنوان محاولة إقناعهم بالتراجع عن قرار المقاطعة؟.. هذا السؤال الإفتراضي يطرحه الجميع في أوساط نخبة عمان هذه الأيام مع موجة تعاطف مصطنعة تحاول إنقاذ سمعة الإنتخابات وبالتالي مساعدة حكومة الرئيس الشاب.
ما سيحدث ببساطة هو التالي - يقول وزير مقرب من الرفاعي - سيجلس الرئيس ويأتي المشايخ بقائمة شروطهم العلنية والسرية مطالبين الرفاعي الشاب بتصفية كل حساباتهم ذات الصلة بالحكومات السابقة.
بطبيعة الحال وفقا لنفس التشخيص ستكون الطلبات تعجيزية ولا يمكن تلبيتها ليس لان الرفاعي لا يريد ولا يقبل ولكن لان ملف الاخوان المسلمين مصنف منذ عشرة أعوام كملف أمني بعيدا عن المستوى السياسي.
بمجرد خروج المشايخ من اللقاء الحواري المفترض ستعلن عدة جبهات في اليمين واليسار شروطها للمشاركة في الإنتخابات وستتحول الحكومة لطرف يلتقي ببعض الجهات ويجمع الشروط.. هذا الأمر سيحول الحكومة "لجابي شروط" قال المستشار السياسي لرئيس الحكومة سميح المعايطة عندما سألته "القدس العربي" موضحا ان الحوار مع الجميع ممكن ومطلوب ومتاح لكن ليس على قاعدة فرض شروط على عملية الإنتخاب قبل أسابيع منها.. هذا وضع غير معقول وغير مقبول.
مكتب الرفاعي يفترض ان إظهار أي تنازل حقيقي في مواجهة قرار مقاطعة الإسلاميين قد ينتهي بحالة فوضى لانه لن يمنع أي ثلاثة أشخاص من الإجتماع في أي مكان ثم إصدار بيان باسم الشعب الأردني او باسم حركته الوطنية يتحدث عن مقاطعة الإنتخابات ويريد حوارا لفرض الشروط.
المشكلة ان الناطقين باسم الشعب الأردني او فئات عريضة منه تكاثروا في الاونة الأخيرة، كما لم يحصل من قبل، فكل غاضب او مستاء او باحث عن الأضواء او معني بتصفية حساب مع مرحلة 2007 يستطيع تنظيم إجتماع لعدد محدود من الأشخاص ينتهي بكلام كبير يهدد النظام والحكومة ويبارك للشعب "التغيير القادم".
بعض هؤلاء حسبما لاحظ نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر في أحد الاجتماعات الرسمية لا يستطيع ترشيح نفسه للانتخابات وسط أقاربه في منطقته الجغرافية وفي الواقع لا يستطيع منع أقاربه من إصدار بيان مضاد لاجتماعاته ورسائله التي تبشر بالتغيير.
حتى الناطقون باسم الحركة الوطنية اختلفوا فيما بينهم مؤخرا ووصل الأمر لحد تهديد بعضهم البعض بالإشتباك السياسي.. لذلك تلاحظ الحكومة صعوبة التحدث مع عنوان واحد وموحد ومنظم في كل الجبهات التي تتحدث باسم الجمهور.
وهذه التعددية تعيق المجهود الحقيقي لتيارات جادة في مسألة الحركة الوطنية سواء بين المتقاعدين والمعلمين او بين مجموعة المبادرة الوطنية أو خارج هذه الأطر.
واحد من إشكالات الموقف مع التيار الإسلامي الأكثر تنظيما في الساحة يتمثل في أن الحكومة عندما فكرت بفتح قناة خلفية للحوار قبل الإنتخابات طرحت السؤال التالي: مع من في التيار نتحدث بحيث يكون الكلام ملزما للجميع؟.. الإشارة هنا واضحة وتقصد ان العناوين الداخلية في التيار منقسمة على نفسها.. ثمة صقور وحمائم ووسط وصقور حمائميون وحمائم اخترقهم الصقور.. إذا مع من تتحدث الحكومة؟.. هذا السؤال أشار له السياسي المخضرم عبد الهادي المجالي في مواجهة تلفزيونية مع الدكتور عبد اللطيف عربيات.
في مقر الرفاعي يقولون: إذا كان التحاور صعبا مع الحزب الأعرق والأكبر والأكثر تنظيما فكيف تقبل الحكومة التحول لجابي شروط بمعنى الإجتماع بكل دعاة المقاطعة واستلام قوائم شروطهم؟
لذلك عاد الرفاعي من إجازته الخاصة قبل يومين فيما كانت بعض المساحات تتحدث عن انقسام تياراتي في حكومته بين جناح وزاري يدعو للتصعيد وتجاهل مقاطعة الإسلاميين وغيرهم، وجناح اخر يفترض انه متعقل ويدعو لفتح قناة الحوار مع الإسلاميين.. أحد أفراد الطاقم سأل عن آخر طبعة من التوجيهات الرئاسية بالخصوص فجاءت الإشارة على شكل "لم يتغير الموقف ونحن سائرون للإنتخابات بالإسلاميين وبدونهم".
لاحقا خرج الناطق الرسمي باسم الإنتخابات ليلعن ردا على مروجي وجود الإنقسامات بأن أي إجتماعات رسمية لبحث المقاطعة لم تجر.. المعنى واضح.. إذا كنا لم نجتمع أصلا فكيف نختلف وتتولد تيارات؟
حتى نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر الذي ينظر له كنقطة إرتكاز حكيمة في الفريق الوزاري اتصل بأحد المسؤولين التنفيذيين قبل أربعة أيام وقال: الأفضل تجاهل قصة المقاطعة والخروج منها تماما وإكمال المشوار.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بلال طوالبه
المفضلات