الاردن.. أشواق "مكبوتة" لدولة الضفتين تحت ستار تهمة الوطن البديل تردد في مساحة صنع القرار واعتراف "بالتقصير" مع العمق الفلسطيني
البخيت والمصري وعبيدات وبعدهم الذهبي عايشوا لحظات النداء والتفاعل
الاردن.. أشواق "مكبوتة" لدولة الضفتين تحت ستار تهمة الوطن البديل تردد في مساحة صنع القرار واعتراف "بالتقصير" مع العمق الفلسطيني
بعد خطابه الخارج عن المالوف بمناسبة عيد الاستقلال شعر رئيس مجلس الاعيان الاردني طاهر المصري بالاستياء مرتين وفي اتجاهين متعاكسين... الاولى عندما بالغ بعض المتشوقين لدولة وحدة الضفتين في قراءة وتفسير كلماته.
والثانية عندما بالغ بعض دعاة ورموز تكريس الانفصال وفك الارتباط بين الضفتين في الاتجاه المعاكس تماما اثناء قراءتهم لتعليقات المصري الجريئة التي ركزت على سرد تاريخي لمسار العلاقة الجذرية بين الشعبين الاردني والفلسطيني بقصد تعزيز ومساندة الوحدة الوطنية من خندق رئاسة سلطة التشريع الاردنية.
بعد هذه المبالغة المزدوجة تراجعت حماسة المصري قليلا خوفا من ان يكون السياسي المعني بقرع جرس الجدل في اي اتجاه رغم انه وبقية طاقم مجلس الاعيان يعرفون تمام المعرفة بان تلك الاجراس تقرع وسط ضجيج عمان السياسي والاعلامي وستقرع سواء تحدث المصري ام لم يتحدث.
ومقابل "خفوت" تام في الصوت الداعي لوحدة الضفتين حول نهر الاردن خوفا من الاتهامات المعلبة المألوفة يعلو الضجيج دوما بين الحين والاخر للتحذير ليس من المستقبل ولكن من الحاضر، فصحافة عمان خصوصا في بعض مساحاتها الالكترونية ممتلئة بالبيانات والتعبيرات التي تحذر النظام من تعميق العلاقة مع الضفة الغربية ومن الوطن البديل او الخيار الاردني.
يحصل ذلك رغم ان الملك عبدلله الثاني شخصيا قال وبوضوح وعدة مرات بان عمان لن تقبل بحال من الاحوال دورا في الضفة الغربية واجندتها مغلقة على دولة فلسطينية مستقلة وليس اقل من ذلك.
ورغم ان احدا لم يستفت الشعبين لا شرقي النهر ولا غربيه حول مستقبل العلاقة المنشودة مع تزايد واضح في ظاهرة النطق باسم شعب بأكملة سواء عندما يتعلق الامر بتاييد التشابك او بالسعي لدسترة فك الارتباط.
لكن التجربة الآن تثبت بان شخصية وحدوية من طراز المصري او حتى من طراز احمد عبيدات لا تجد من يستمع لها فالاجواء المتوترة في النقاش الوطني تسمح بتشخيصين لا ثالث لهما.
"الاول الانضمام لحلقة المتخصصين "بكبت" شوقهم لدولة الضفتين سواء اكانوا فلسطينيين او اردنيين فلا صوت يعلو مرحليا على صوت التشكيك والاتهام خصوصا بالانسجام مع المشروع الصهيوني.
الثاني الالتحاق بحفلة المعارضين لكل اشكال"العلاقة حاضرا ومستقبلا مع الضفة الغربية اما لاظهار الخشونة في التعبير عن "الوطنية الاصيلة" او للحصول على مقعد تحت ضوء الاشكال والجدل بهدف ابتزاز النظام والسلطة او تحصيل مصالح كما يرى المخضرم زيد الرفاعي.
بين الصنف الاول والثاني تذوب وتتوارى شخصيات معتدلة مؤمنة بان مستقبل الاردنيين والفلسطينيين مرتبط عضويا بصرف النظر عن المؤامرة الاسرائيلية التي تستهدفهما معا كما يرى النائب السابق ممدوح العبادي. وبين الصنفين تختبئ الاشواق السياسية التي ترى بان عمان غائبة تماما عن عمقها التكتيكي في المعادلة الفلسطينية عبر التركيز فقط على السلطة.
كما يتلعثم حتى كبار الساسة وهم يخفون مواقفهم الحقيقية فيما لا يعبر صناع القرار عن اي موقف حقيقي ونهائي وحاسم يجيب على السؤال الذي طرحه في امسية شهيرة بعض ابناء مخيم الوحدات للاجئين عندما استقبلوا رئيس الوزراء معروف البخيت قائلين: بالنسبة لنا نريدكم فهل تريدوننا؟
البخيت وقتها وبعد الحفل الرسمي لاستقباله قال: هذا السؤال خطير ومهم.... بعد ذلك بأقل من عام استقبل اهالي مخيم الحسين للاجئين الرئيس التالي للوزراء نادر الذهبي في احتفال جماهيري نظمه عضو البرلمان خليل عطية وفي قاعة رفع فيها وبكثافة الشعار التالي: الاردن وطن يعيش فينا وفلسطين لا بديل عنها الا الجنة.
بعض مثقفي عمان ومحترفي اصدار البيانات والتحذيرات فيها لا يريدون قراءة العبارة التي ترفض استبدال فلسطين الا بالجنة وكل جهدهم ينصب على "قمع" اي محاولة وحدوية حتى داخل المجتمع الاردني نفسه تحت شعار سياسي نبيل بكل الاحوال هو التصدي للوطن البديل...في الاثناء تتوارى الاشواق التي تؤمن بالمستقبل الواحد خوفا من سهام الاتهام المعلبة.
المصدر : الحقيقة الدولية - القدس العربي 20.7.2010
رد مع اقتباس
المفضلات