ملحق الثقافة
خلف أبواب نَيسان
صونيا خضر - حيثُ ينتهي الكلام، وأعلّق صافرة الريح على احتمال المطر في أرض الصدفة.. سأبدأ.
فها أنا أتدحرج ببطءٍ على انحدار الوقت, وأَصَّعَدُ من صدر الفراغ... كشهقة.
لعلَّي أكتب ما تبقى من الحكاية في عزاء الضوء, قبل أن يُمحى مع ظلال المسافرين إلى صفحة النعي في صحيفة ما.. أو سواها...
ما من شيء يلغي احتمال الانسكاب على عروق دالية...
ما من عاصفة تهجر ضجيجها.
وما من كذبة تنجو من فضيحة العري, ولو غَلَّفت نفسها بكل عتمة السوليفان.
والآن:.
ها هو نيسان آخر ينتهي كما أصرَّ أن يُبدأ به... ككذبة.
تماماً كيوم أخير في شهر ما لسنة ما في مكان ما...
زمن غضَّ النظر عن المكوث في ظلال المعنى, وركضَ في ماراثون الاستنساخ.
آخر الشهر صِدْقُ السؤال المؤجل.
وأول الشهر كَذِبُ الجواب المقيم.
وفي المسافة بينهما تنتصبُ خديعة الوقت.
وها أنا أسابق بداية السؤال كي لا تؤجلني الكذبة إلى أسئلة أخرى.
وكي لا أجد نفسي في غفلة عن صحو طارئ.
أحتاج لكثير الارتباك الذي يعتريني لتذهب حروفي في حالة انخطاف... تاركةً رعشةً على أكثر الصفحات بياضاً قبل أن يفضّها العمر على خريفه..
كلما غافلني الضيق وصفعتني الرغبة، أنهال على الحروف في نوبة سعار.
لعلي أشعل الكلام بعود ريحان.
لا أتابع النشرات الجوية, ولا يعنيني تمخض العاصفة عن مطر أو حرائق...
لا أهتم لحجم التداول في السوق المالي, ولا دخل لإيقاع قلبي بتذبذب سعر الدولار...
لست من المتبرمين بالموقف السياسي لهيلاري كلينتون, ولست من المبتهجين لفوز أوباما..
ولم يعد يعنيني ما يحدث خارج الباب منذ تواطأْتُ مع الصَّدأ على الإمعان في إقفاله...
خارج الباب..
تنهال الصفعات على خَدِّ ما تبقى من حديقة...
تنكِّلُ بما تبقَّى من ندى, وتجرُّهُ للاعتراف بجريمة الغواية...
الصفعات تُعرِّي الفراشات من بهجة التصفيق, وتجردها من الانتماء لألوان الطيف..
فما الذي يضيركُم لو عَبَّأتُ ألوان الطيف في جرار فجر.. وخَبَّأتُهُ لاغتسال الفراشات الصباحيِّ قبل عناق الياسمين.
خارج الباب.
يتوارى النهوند في وصلة هروب حاملاً ما يكفيه من نبل لمعاشرة وَتَر...
يتوارى النهوند خجلاً من عيون أدمنت البكاء على لحنه فأسكرتها الخيبة.
ما الذي يُضيركُم لو أعدَدْت لقافلة الغجر ما تيسر من أساور, وخلاخيل, وعربات... وقطرات ندى عارية لا تحتاج كلَّ مباهج الزيف..
ما الذي يُضيركُم لو أخذتُ القافلة إلى واحات ليلةٍ اندلسية ترقص على هسيس النسمات البكر بين شفاه الورد, ورنين أجراس القطيع الهارب لحتفه..
ما الذي يُضيركُم لو أكمَلْتُ ما ينقصُ المعزوفة.
لتسيل من خابيةِ اللحن.
ما الذي يُضيركُم.
لو ارتعشَتْ الخصور في ذروة الحنين إلى نشوة الاكتمال..
خارج الباب.
تتسارع عجلة الوقت لحاقاً بغرف الدردشة لقضاء ليلة عاجلة مع غانية افتراضية اهترأَ خصرُها... أو للخلود في معلقات الزيف على جدار ساقط..
فما الذي يُضيركُم حين أُفكِّكُ الأبجدية وأَلظمُها لؤلؤاً في قصيدة أَفرُطُها على صدر وسيم إذا غافلني بقبلة صحو من نومي الطويل.. فلا أقلَّ من صحوٍ يليقُ بحمرة الخجل على وردة الانتظار...لا أقلَّ من صهيل عارم يجتاح الفارس والجواد في رحلة المئة عام.. لا أقلَّ من صباح يمنحني مئة عام أخرى لعلي أرسم خريطة العشق على سرج الجواد...
خارج الباب
لا شيء يعنيني
ولا شيء يشبهني
أنا امرأةٌ تحترفُ اللحظة لتُغوي حلماً
وتنامُ فيه..
فخذوا كل ما شئتم
خذوا الباب وخذوا مفاتيحَهُ وكل ما خلفه
واتركوا لي حلماً أسرقُهُ كحياة..
وكل نيسان وأنتم بألف حلم...
رد مع اقتباس
المفضلات