ابواب
قطعة من جسد الأم فداء لرزان
بعد خمسة اعوام من العذاب الذي شكل ارتحالا شبه يومي من منزلها في مدينة الزرقاء الى مدينة الحسين الطبية لاجراء عملية غسيل كلى لطفلتها رزان ..
بعد تلك السنوات التي ذاقت بها مرارة الايام ورصدت بها تقاسيم العذاب في وجه طفلتها .. قررت الثلاثينية سهاد القاضي ان تتبرع بجزء من جسدها لطفلتها التي كانت على موعد مع الفرح ونهاية العذاب حيث اجريت للاخيرة عملية زراعة كلية تكللت بفضل الله بالنجاح.
وقبل ذلك انتظرت سهاد بفارغ الصبر موعد العملية الذي تم قبل ايام بعد ان وهبت طفلتها كليتها بكل حب ورحابة صدر ودون أي تردد.
وكانت الطفلة رزان ابنة ال 13 عاما تعاني منذ طفولتها من قصور كلوي اضطرها الى عمليات غسيل الكلى وتحمل تقلبات هبوط ضغط الدم وصعوده جراء ذلك هذا فضلا عن معاناتها نتيجة حرمانها من كثير من انواع الطعام التي قد تلعب دورا سلبيا على صحتها .
ولم تستطع الام الواهبة التعبير عن فرحتها برؤية طفلتها وقد تخلصت من عناء « السفر اليومي « لاجراء عملية غسيل الكلى , وتقول : « اهديتها قطعة من جسدي ليرتاح كل جسدها ولتعيش حياة طبيعية شأنها شأن كل الطفلات اللواتي في مثل عمرها «.
وتضيف : « احلم بيوم ارى فيه ابنتي وقد عادت للمدرسة التي حرمت منها بسبب عمليات غسيل الكلى , واتمنى لها ان تنعم بحياة ملؤها الصحة والسعادة , لقد نسيت المي واوجاعي التي صاحبتني جراء العملية بمجرد رؤية طفلتي تضحك , وبمجرد احساسي بانها شعرت بان لديها كلية «
تقول الطفلة رزان : « فرحت كثيرا لان عندي كلية ولن اضطر بعد اليوم لان استيقظ من النوم باكرا حتى التحق بركب الحافلات وعذاب التنقل من مكان الى اخر في البرد القارص والحر الشديد « .
وتضيف : « اعجز عن شكر والدتي الغالية واعرف انها ضحّت من اجلي , انا الان اعيش بفضل الله تعالى وبفضلها وساقضي كل حياتي ادعي لها بالخير وبطول العمر والصحة .. انا احبك ماما كثيرا « .
ويرى يوسف والد الطفلة رزان , ان ما اقدمت عليه زوجته هو تضحية كبرى وهي نموذج حي للفداء والتفاني .. هي لم تزرع كلية لطفلتي الحبيبة كما يقول .. بل زرعت الفرحة بمحيط العائلة كلها لانها جسدت اعظم معاني الامومة والايثار .
ويضيف : اما فرحتي بصحة طفلتي فهي لا توصف , لقد رأيتها هذه الايام كما لم ارها منذ خمس سنوات , هي مفعمة بالحيوية والاقبال على الحياة , اتمنى لزوجتي وطفلتي كل الصحة والحياة الكريمة , واعجز حقيقة عن شكر زوجتي لاني اشعر انها لم تقدم على هذه الخطوة لانها تنتظر شكر احد بل هو احساس عظيم بالامومة لا يختصر بكلمات ويفوق كل الاعتبارات او انتظار تكريم او حمد .
ويختم بقوله: جزاها الله عنا كل خير , وشفى الله تعالى كل مريض .
وقريبا من حالة سهاد وطفلتها رزان يقول نائب رئيس الجمعية الاردنية لتشجيع التبرع بالاعضاء احمد جميل شاكر ان اكثر من 2500 الى 2700 مريض اردني يعانون سنويا جراء الفشل الكلوي الامر الذي يستلزم اجراء عمليات غسيل صناعي تستغرق بين اربع الى خمس ساعات يوميا بواقع مرة الى اربع مرات اسبوعيا مبينا ان عمليات الغسيل تلك تكلف الدولة حوالي 35 مليون دينار اذ انها تجرى بالمجان لجميع المواطنين المستهدفين .
ويؤكد ان الانسان يستطيع ان يعيش بكلية واحدة وان يمارس حياته الطبيعية مع الاخذ بعين الاعتبار تعليمات وملاحظات الاطباء المعنيين او المشرفين على حالة المتبرع الصحية .
ويضيف انه بالاضافة الى المعاناة الصحية فان اكثر الذين يعانون من فشل كلوي هم من غير المنتجين ويحتاجون الى مرافقين واجور مواصلات فيما تزداد معاناتهم عندما تتأثر المملكة بمنخفضات جوية يصاحبها سقوط للثلوج او تكوّن للسيول حيث تقوم حاملات الجنود وسيارات الدفاع المدني والانقاذ بنقلهم من بيوتهم الى المستشفيات لاجراء عمليات الغسيل وتأمين عودتهم للمنازل ايضا وقد يتعرضون في رحلة مجيئهم وعودتهم الى امراض معينة كنزلات البرد او الانفلونزا . وامام هذا الواقع وفقا لشاكر فقد وجدت الجمعية التي تأسست قبل نحو عشر سنوات ضرورة لتشجيع ثقافة التبرع بالاعضاء بعد عمر طويل وحث اولياء الامور على التبرع بكلى ابنائهم عند تعرضهم لوفيات دماغية , ولا سيما ان المملكة بدأت بزراعة الكلى منذ عام 1972 وان معظم هذه الزراعات تتم بين شخص حي الى اخر حي وتشكل 99 بالمئة من حالات الزراعة في كل عام .
ويشير الى ان حالات الزراعة تزيد عن مئتي زراعة سنويا , لكن ثقافة التبرع في دول العالم الاخرى معكوسة فهي تتم من حي الى حي وهو ما نحاول التركيز عليه في المملكة اذ نتطلع الى اقرار مشروع نظام المركز الوطني الاردني لزراعة الاعضاء الذي سيعتبر المظلة الفنية والقانونية والادارية لعملية استئصال الاعضاء وزراعتها للاشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط الصحية والفنية .
ويعد التبرع من اعظم الصدقات الجارية وفقا لعميد كلية الشريعة في جامعة العلوم الاسلامية العالمية , نائب رئيسها الدكتور محمود السرطاوي الذي يضيف ان تلك الصدقة هي منزلة بين الشهادة والصدقة بالمال وهي تضحية بالنفس من اجل نفس تؤمّن له بعون الله تعالى واذنه سبل الصحة واستعادة الحياة الطبيعية .
اخلاص القاضي
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الدراوشه
المفضلات