أحكام المساجد في الإسلام
د. هاني خليل عابدابدأ في مقالات جديدة حول مسألة مهمة في حياة المسلمين، وهي المساجد، التي أضافها ربّ العزّة إلى نفسه بقوله « في بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدو والآصال, رجالٌ لا تلهيهم تجارة ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار , ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله، والله يرزق من يشاء بغير حساب (النور 36_38).
المسجد مظهر من مظاهر تعظيم المسلمين لربهم، يتقربون إلى الله في بنائه، والجلوس فيه، وأداء العبادات, لأنّه صانع جيل الإيمان , لذا كان اول عمل قام به النبي _ صلى الله عليه وسلم _بعد الهجرة بناء المسجد النبوي الشريف.
وللمسجد رسالة حضارية عظيمة، فهو يوفّر للمسلمين البيئة لتأدية الصلاة، وقراءة القرآن، والاعتكاف، ويوفر لهم فرصةً تعليميةً، من خلال المحاضرات والدروس التي تلقى فيه، وخاصة خطبة الجمعة التي هي مظهر من مظاهر الرحمة والحكمة حيث يجتمع المسلمون في كل حي من أحيائهم، في حالة روحانية عالية، يعقدون العزم فيها على تقوية الإيمان في أنفسهم، وعلى الانطلاق بروح المحبة لإعمار الكون، والتواصل مع الآخرين , إضافة إلى أنّ للمسجد رسالةً اجتماعية ًعظيمةً فهو صمّام للأمان الاجتماعي، يلتقي المسلمون في مساجدهم على خير ،ويطرحون أفكاراً هادفة تتمثل في محاصرة الفقر في أحيائهم وسد عوز وحاجة الأسر الفقيرة , والطمأنينة على بعضهم البعض، فيتزاورون فيما بينهم في حالات السراء والضراء، فيعودون من مرض ، ويهنئون من خصّه الله بمناسبةٍ من مناسبات الفرح.
من هنا فإن الله _عز وجل _ وصف عمّار المساجد بأنهم هم من يملكون مؤهلات الحصول على الهداية ، والأمل كبير والرجاء عظيم في أن يكرمهم الله بتنوير بصائرهم؛ لما عندهم من المؤهلات الروحية، فقال سبحانه وتعالى « إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى اؤلئك أن يكونوا من المهتدين (التوبة 18 )
لذا فقد ورد ذكر المساجد في القرآن الكريم , وفي الهدي النبوي كثير من الأحاديث التي تحث على عمارتها، وإكرامها مادياً ومعنوياً، ومن أمثلة ذلك مشروعية صلاة تحية المسجد عندما يدخل المصلي إليه، قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ « إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس (رواه البخاري) مما يستدعي منّا التركيز على ثقافة التعامل مع المساجد، وذلك مساهمة ومشاركة؛ لتعود المساجد إلى أداء دورها الحضاري، مما يتطلب الوقوف مع مفردات ومسائل المساجد وأحكامها ، وإبراز الموقف الشرعي فيها، وسيكون استمرار عرض هذه المسائل من القرآن والحديث النبوي الشريف وروائع أهل الشريعة الإسلامية في التعامل مع بيوت الله؛ لبيان حقوق المساجد على المجتمعات الإسلامية.
المفضلات