أخشاب النعش لا تثمر ولا تزهر بقلم : الدكتور محمود سليم هياجنه
لقد وضح الصبح لذي عينين ، وما ثمة متعنت يتدفق في باطله ، إلا وأطلّ عليه الصواب ، فزلزل ما فيه من المكابرة والإصرار ، وتيقن أن أخشاب النعش لا تثمر ولا تزهر ، وإن فاقد الشيء لا يعطيه ، لقد انتهى مجلس النواب السابق إ لى طور يترجم أوله عن آخره ، وتشرح موارده مصادره ، إلا فئة قليلة لا تكاد تذكر ، تتصدّعُ نفسها في كل جلسة ، وترزح عقولها تحت أعباء الهم والغم ، ترى عجبا ، وتسمع لجبا ، وتسكت على مضض فيما تلجلج ، على الرغم من إدراكها الحجج ، لقد بلغ الحد في الأكثرية من المجلس السابق العد ، بل أكثر مما يعد ، ونافت مفاسدهم عدد الحصى عند جمرة العقبة ، فليت شعري هل شمس الضحى تحجبها الغرابيل . فكم هو حري بنا أن نعرف الحجة من الوجه الذي هو أضوأ لها وأنوه بها وأخلق بأن يزداد نورها سطوعا وكوكبها طلوعا وأن نسلك لها الطريق الذي آمن لنا من الشك وأبعد من الريب ، لقد قرأنا قول الله تعالى : ( كأنهم خشب مسندة ) وكررناه مرات ومرات ولكن هل لنا أن نقف عنده وندرك ما فيه من اللطائف والأسرار التي لا يحصرها العدد ولا ينتهي بها الأمد ، نعم لقد وصفهم بالخشب المسندة لا قائمة واقفة ولا ملقاة نائمة وإنما مسندة وهنا محط رحال الفهم ، وأقولها باختصار مفيد ، إن قيامهم لا يكون إلا بإسناد غيرهم لهم ،والسؤال : بماذا وصل هؤلاء إلى أرائك المجلس ؟ ولكي يزداد القاريء بالحجة واستظهارا على الشبهة واستبانة للدليل وتبيينا للسبيل ، ما عليه إلا أن يرجع لنفسه كرّة ثم ليرجع كرّة أخرى ؛ يرجع المردّ إليه ظاهرا وهو مبين ، إننا نحن الذين أوصلناهم إلى أريكة صنع القرار إلى مجلس التشريع والمراقبة ووو....... الخ .
وإذا كان ذلك كذلك ، فهل لنا أن نراجع أنفسنا وأن نطلب المحجة من الباب الذي هو أضوأ وأنوأ وأسطع وأنفع ، لا تثريب علينا هذه المرة فليغفر الله لنا ، ولنعود أو نثوب إلى رشدنا وندرك الغاية التي أسس من أجلها البرلمان ، ولا شك بأنها غاية سامقة .
لا إخال عاقلا عنده مسكة من عقل أن يعدها دورة فلك وجولة دهر ، حتى ُيعلم الخبيث من الطيب ، والنافع من الضار والقوي من الضعيف والأمين من الخائن والعالم من الجاهل ولولا تلك القدوة لما ذكر الله تلك القصة في شأن بنات يعقوب عندما قالت لأبيها – بكل يقين – استأجره ، إن خير من استأجرت القوي الأمين ، إن معادلة العامل مبنية على بناء محكم ولهذا قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم – لمن طلبها إنها ندامة وخزي يوم القيامة ،إلا من أقامها بعدل ، فما كل ذي قلب بلبيب وما كل ذي ناظر ببصير وما كل ذي سمع بسميع ، فيا عجبي وما لي لا أعجب من خطأ ارتكبه هؤلاء الذين باعوا أصواتهم بل ضمائرهم بثمن بخس دراهم معدودة على اختلاف حججهم في تحليل الحرام وهو بيع الشهادة وقد قال الله : ( ستكتب شهادتهم ويسألون ) نعم إنها شهادة ،وأيم الحق إنها شهادة .
هذا من جهة ، أما من جهة أخرى ، إذا كان مجلس التشريع - ليت قومي يعلمون معنى كلمة تشريع ومراقبة – أقول إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا توضع شروط ومفاهيم وأسس وقواعد للمرشحين في حالة كونهم قبل الطرح وما بعد الطرح ولا ننسى أننا في قرن الواحد والعشرين قرن الثورة العلمية العظيمة ، والانفتاح والأممية والعصرنة وقرن التحدي والتحديات ، أليس جدير بنا أن نسلك مسلكا يتكيف مع العقل المنتج لمفهوم المواطنة ، وتأصيل المستوى الفكري الذي يقر أنموذج التواصل بين المثقف والدولة ،أليس حري بنا أن نعهد الأمر الى نخبة أبناء الوطن المثقف المنتمي ، فمما لا شك فيه أن المثقف المنتمي ، يعي وقائع الحداثة والعصرنة وصورة الدولة في تمثيلها الثقافي المعلن وصورتها في تمثيلها الثقافي المضمر أما ما كان غير ذلك لا يجلب للوطن إلا سمعة مشينة وقد سمعناها من غيرنا على شاشات التلفاز والفضائيات على الرغم من أن الأردن ينعم بقيادة هاشمية فذة قادت الوطن إلى سواحل الأمان والاطمئنان .
إن طموحنا يهدف إلى خطة عمل تكرس جهدها لفرز رجال نخبة يؤثلون لعمل جاد يعزز طموحنا الوجداني والمعرفي فعسى أن نحفزالعقل لامتلاك نصابه من الوجود والمحيط المحلي وتوجب على القلب حساسيته في إدراك غايته من الانتباه .
أما إذا بقيت تلك الفئة هي التي تكرس حضورها وتصل إلى أرائك البرلمان فلا أمان ولا اطمئنان ومن عقد العزم على مثل هؤلاء فليعلم أن أخشاب النعش لا تثمر ولا تزهر وأن فاقد الشيء لا يعطيه
الدكتور محمود سليم هياجنه
Hayaj64@gmail.com
المفضلات