الرؤى الملكية فـي التميّز..جوائز التعليم العالي ( نموذجا )




المتتبع للدعوات الملكية السامية للتميز والإبداع في العمل العام ومكافأة أبناء الوطن المتميزين أينما كانوا يلاحظ اتسامها بالشمولية والعمومية تلكم أن جلالة الملك يرى في استثمار الإنسان الأردني العامل الأول للوصول إلى التغيير المطلوب كون التنمية الشاملة عملية مجتمعية متكاملة تؤديها مؤسسات الوطن المختلفة عامة أو خاصة تبعا للوظائف الملقاة على عاتق كل مؤسسه لتحقق التميّز والتفرّد الأمر الذي يؤدي إلى خلق جو تنافسي من كل جهة لتتبوّأ مكانة متقدمة بين مثيلاتها مما يجعل هذه الحركة المجتمعية المستمرة تنعكس بنتائجها المثمرة على الوطن بأكمله. وزارة التعليم العالي والبحث العلمي نموذج حيّ على ما تقدّم حيث أعلنت مؤخرا عن جوائزها التقديرية المتعددة للعام 2008 في العلوم الطبية والزراعية والاجتماعية والإنسانية وكذلك تخصصات تكنولوجيا المعلومات والعلوم التربوية والعلوم الأساسية والتي تشمل البيولوجيا والجيولوجيا وعلم البيئة وهذه الجوائز هي '' جائزة البحث المميّز ، جائزة الباحث المتميّز ، جائزة الطالب المتميّز '' وفتحت باب الترشيح لها ضمن الشروط المعلن عنها والتي تتمثّل بمجملها ان يكون الإنتاج العلمي للمتقدّم ( البحث ، الباحث) إنتاجا علميّا مميّزا تمكّن من تحقيق إضافة جديدة في المجال الذّي تقدّم للحصول على الجائزة فيه .
وبنظرة تأملية فان الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال هذه الجوائز تتمثّل في إثراء البحث العلمي الوطني باعتبار انه الدعامة الرئيسية للتنمية الشاملة ، تشجيع الإبداع والتميّز وتقدير الأعمال البحثية التي ينتجها العاملون في مؤسسات التعليم العالي أو خارجها في الأردن ، تحفيز الباحث الأردني لإنتاج أبحاث متطورة تستطيع تقديم الحلول العلمية والعملية للمشكلات الصحية والبيئية والزراعية والهندسية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي تعيق حركة تقدّم المجتمع ونموه ، إبراز الإبداع العلمي والفكري والأدبي وضمان تقدير العلماء ورجال الفكر والأدب والتاريخ الذّين يسطّرون تاريخ الدولة ومنجزاتها ومكتسباتها الوطنية ، خلق جسور من التكامل والتعاون وتوحيد جهود الأفراد والمؤسسات من اجل تحسين مخرجات العملية التعليمية في الأردن والوصول بها إلى المستويات والمعايير العالمية .
ولا تقل أهمية جائزتا البحث والباحث المتميّز عن أهمية الجائزة الثالثة والتي خصصت للطالب المتميّز حيث تهدف الجائزة إلى تعزيز مهارات التفوّق وتنمية روح المبادرة والابتكار لدى طلبة الجامعات ودفعهم نحو مزيد من الإبداع والتميز العلمي ، وكذلك تعزيز الرغبة لديهم في الانخراط في الأنشطة اللامنهجية كالمشاركة في الدورات والمؤتمرات والمسابقات داخل وخارج الجامعة ، كما تبرز أهمية هذه الجائزة في مقدرتها على إحداث التغيير الايجابي المطلوب عند الطلبة وتوجيهه توجيها سليما يؤدي إلى بناء الشخصية الوطنية القادرة على تطوير المجتمع واغنائه بالعلم والثقافة والالتزام الوطني الصادق ،وكذلك فان أهم ما يمكن للجائزة تحقيقه هو غرس مفاهيم العمل الجماعي عند الطلبة في إطار من المحبة البعيدة عن الانتماءات الضيقة والتفاعل الخلاّق المفيد لهم ولبلدهم.
لقد حرص جلالة الملك على أن يشمل برعايته السامية جميع مظاهر التفوّق الذي يحققه أبناء الأردن وذلك إيمانا من جلالته بأنهم الثروة الأغلى التي تسعى الدولة إلى إعدادها إعدادا مؤهلا علميا وثقافيا لمجابهة تحديات القرن الحادي والعشرين ووضع الأردن في مراتب عالمية بارزة ، لذا جاء تركيز جلالته باستمرار على تطوير مخرجات التعليم العالي ودعم البحث العلمي الذي ينسجم مع التقنيات الحديثة التي تتغير يوما بعد يوم بفعل الابتكارات العلمية المتعاقبة .
الرسالة الملكية التي تضمنّها تكريم جلالته لعدد من أبناء الوطن مؤخرّا لا تزال ماثلة في الأذهان حيث يرى جلالته أن المجتمع الذي يريد حجز مقعدا متقدما في العالم هو الذي يستثمر في إنسانه ويطلق إبداعات شبابه ويوظّف طاقاتهم الكفيلة بالسير بالأردن ليصبح بلد الأصالة والمعاصرة القائم على استيعاب المستجدات واخذ المفيد منها مبينا جلالته أن هؤلاء المتميزون والمبدعون هم الذين سيشيدون المستقبل بعطائهم وعملهم الدؤوب وانتمائهم المخلص مما يقتضي من جميع مؤسسات المجتمع تقديم كافة أشكال الدعم والرعاية وتهيئة البيئة البحثية والعملية الملائمة ليتسنى لهم القيام بمنتجاتهم الأكاديمية لدفع عجلة البناء والعلم والاقتصاد الوطني للأمام.
الجوائز التقديرية التي أعلنت عنها الوزارة إذن هي باب مشرّع أمام ثروة البلد الحقيقية من العاملين في قطاع التعليم العالي أو ممن هم خارجه أو الطلبة هدفه تشجيع الأداء والدفع بهم نحو ارفع المستويات للوصول إلى القمة والدخول إلى عالم الابتكار والتميز لخدمة الأردن في الجوانب التعليمية والصناعية والاقتصادية المختلفة .

احمد الحوراني / الجامعة الهاشمية