من المعروف أن الغذاء والدواء صنوان لمعالجة الجسم من الأمراض، إلا إن هناك تداخلات بينهما قد تفسد عمل كليهما إذا ما تم تناولهما بطريقة غير صحيحة، لذلك يجب اتباع إرشادات تناول الدواء بدقة لتجنب أي تفاعلات ضارة وغير مرغوب بها بين الغذاء والدواء. هناك العديد من الأدوية المستخدمة بكثرة والتي تؤثر أما على امتصاص أو تمثيل أو طرح بعض العناصر الغذائية الموجودة في الأطعمة المتناولة أو العكس، أي أن هناك العديد من العناصر الغذائية التي تتفاعل بشكل ضار مع الأدوية وتؤثر على حركة الدواء وكفاءته. وقد تتأثر حدة هذه التفاعلات بعدة عوامل أهمها العمر والجنس (ذكر أم أنثى) الحالة الفسيولوجية والتغذوية وكذلك المرضية. ومن أهم الأمثلة على تفاعل الأدوية مع العناصر الغذائية ما يلي:
* تفاعلات المضادات الحيوية مثل التتراسيكلين مع الحديد والكالسيوم الموجود بالأطعمة الغنية بهما (وخصوصاً الألبان ومنتجاتها للكالسيوم واللحوم والكبدة للحديد)، إذ يرتبط التتراسيكلين مع الحديد أو الكالسيوم ليكونوا مركبا معقدا لا يمكن امتصاصه من الجهاز الهضمي مما يتسبب في تقليل معدل هذا المضاد الحيوي في الدم عن المستوى الضروري لمقاومة وقتل الميكروبات مما يؤدى إلى تقليل فعاليته، لذا ينصح بعدم تناول المضاد الحيوي والأطعمة الغنية بالكالسيوم أو الحديد في نفس الوقت أو نفس الوجبة بحيث يتم تناول المضاد قبل الطعام بساعة أو بعده بثلاث ساعات.
* استعمال مرضى ارتفاع ضغط الدم وهبوط القلب وحالات أمراض الكلى المختلفة لمدرات البول مهم جداً للحفاظ على توازن السوائل داخل الجسم، إلا أن بعض أنواع المدرات تتسبب في فقد عنصر البوتاسيوم مع الماء، لذا فإن تناول الأغذية الغنية بالبوتاسيوم مثل البطاطا والسبانخ والبندورة والبامية والموز والتمر والتين وغيرها مهم جداً لتعويض المفقود من البوتاسيوم. كما أن تناول كمية أقل من المعتاد من الملح يزيد من نسبة التخلص من الماء الزائد عن الحد اللازم ويحافظ على نسبة البوتاسيوم. ويجدر الإشارة إلى أنه هناك بعض المدرات التي تحافظ على البوتاسيوم وتعيده إلى الدم ولا تطرحه في البول وفي هذه الحالة لا يفضل تناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم.
* يؤثر استخدام الكورتيزون لفترات طويلة سلبياً على صحة المريض فقد يتسبب: بزيادة الوزن نتيجة فتحه لشهية المريض؛ وكذلك في زيادة احتجاز الصوديوم ومن ثم احتباس السوائل التي من الممكن أن تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم؛ كما أن تناول الكورتيزون بكميات عالية قد يرفع دهنيات الدم . لذلك يجب الانتباه إلى مايلي أثناء تناول الكورتيزون: 1- كمية السعرات الحرارية المتناولة بحيث لا تزيد عن الاحتياج اليومي الطبيعي ويتم حسابه على الوزن الأفضل؛ 2- كمية الملح والصوديوم المضاف إلى الطعام يحيث يتم تقييد كمية الصوديوم المتناولة حسب درجة احتجاز السوائل (الوذمة) بالجسم ويفضل أن لا تزيد كمية الصوديوم المتناول عن 3000 ملغ، ويمكن تطبيق ذلك بالتقليل من إضافة ملح الطعام أثناء الطهو أو على المائدة والتقليل من استهلاك الأطعمة المضاف لها مواد حافظة خصوصاً المحتوية على الصوديوم وتجنب الأطعمة المالحة، خصوصاً المكسرات المالحة والموالح والمخللات والأجبان المالحة والخبز العادي المملح واللحوم المدخنة والمعلبة مثل (النقانق) ومستخلصات اللحمة والسردين وسمك الأنشوقة واللحوم المخللة؛ 3- تناول الكالسيوم بالكميات المقررة لكل فئة عمرية وكذلك التعرض للشمس بشكل يومي لتنشيط فيتامين د وتناول الأغذية الغنية أو المدعمة بفيتامين د لمنع حدوث هشاشة العظام والحفاظ على صحة العظام، كما أنه يجب مراجعة الطبيب بانتظام للاطمئنان على صحة العظم؛ 4- تحديد كمية الدهون المتناولة بحيث لا تتجاوز (20-25%) من كمية الطاقة المتناولة يومياً، والابتعاد قدر الإمكان عن الدهون الحيوانية (كالسمنة والزبدة) والاعتماد على الزيوت النباتية (زيت الزيتون) وتجنب تناول اللحوم الحمراء الغنية بالدهون واستبدالها بلحم العجل أو الدجاج المنزوع الجلد والأسماك؛ 5- ولخفض سكر الدم ومنع حدوث النوع الثاني من السكري يفضل تناول الوجبات المكونة من النشويات المعقدة من الحبوب الكاملة والحليب (قليل أو خالي الدسم) والفواكه والخضراوات وكمية كافية من اللحوم ويتم توزيع الوجبات طيلة النهار يحيث تكون ثلاث وجبات رئيسية ووجبه خفيفة إلى وجبتين، كما ينبغي ألا تزيد المدة بين كل وجبة رئيسية وأخرى خفيفة عن 5 ساعات، ويستحسن التقليل ما أمكن من تناول الأغذية الغنية بالسكريات البسيطة مثل السكر والعسل والمربى والكيك والمشروبات الغازية والمحلاة بالسكر والإكثار من تناول الأغذية الغنية بالألياف مثل الخضراوات والفواكه الكاملة بحيث يتم توزيعها خلال اليوم، ويجب ومتابعة التغيرات المصاحبة للحمية.
؟ تفيد مضادات الحموضة (أملاح الألمنيوم والمغنيزيوم، كربونات الكالسيوم، بيكربونات الصوديوم) في معادلة حموضة المعدة للتخفيف من الحرقة، إلا إنها قد تتسبب في عسر الهضم وذلك لخفضها حموضة المعدة عن المعدل الطبيعي، كما أنها تقلل من امتصاص بعض العناصر الغذائية كفيتامين ج وحمض الفوليك والحديد والكالسيوم والمغنيسيوم والزنك، لذلك يفضل أخذ مضادات الحموضة بعد الوجبة بساعتين إلى 3 ساعات للتقليل من فرص التفاعل مع العناصر الغذائية السابق ذكرها وللحصول على فترة أطول لعمل مضادات الحموضة. علماً بأن هذه التفاعلات تزداد كلما ازدادت الكمية المتناولة من مضادات الحموضة.
هذه الأمثلة على سبيل الذكر وليس الحصر، لذا فإنه من الأفضل دائماً معرفة تأثيرات تفاعل الدواء مع العناصر الغذائية، خاصة إذا كان تناول هذا الدواء سيكون لفترات طويلة وكان الشخص الذي سيتناول هذا الدواء كبير السن وحالته الصحية متردية ووضعه التغذوي سيء.
رد مع اقتباس
المفضلات