تطور مفهوم التعليم البيئي خلال القرن الماضي بشكل متسارع بحيث اخذ الباحثون يؤكدون أن التعليم البيئي هو استمرار طبيعي لعملية التعليم والتعلم، وانه يجب الاهتمام بهذا النوع من التعليم طيلة سنوات الدراسة وفي كافة المواضيع الدراسية، ويشير المختصون إلى أن غياب التعليم البيئي عن الغرفة الصفية مرده الاعتقاد السائد أن هذا التعليم يعتبر مضيعة للوقت بسبب ضغط المناهج الدراسية خلال العام الدراسي، ومع ذلك فان الاهتمام بالتعليم البيئي يمكن أن يكون له فوائد كثيرة على المدى الطويل خصوصا إسهامه في زيادة تحصيل الطلبة.
كان عام 1960 بداية الاهتمام بهذا المفهوم استجابة للمشكلات البيئية التي بدأت في الظهور بعد أن ظهر المصطلح لأول مرة عام 1948 خلال اللقاء الدولي لمناقشة طبيعة الموارد الطبيعية. ويعرف التعليم البيئي بأنه تلك العملية التربوية التي تهدف الى ايجاد مواطن لديه معرفة كافية بالبيئة الحيوية - الفيزيائية والمشكلات المصاحبة لها وكيفية حل مثل هذه المشكلات مع الدافعية للعمل باتجاه إيجاد الحلول. في حين أن التعريف الصادر عن المؤتمر الدولي لمعلمي البيئة الذي رعته منظمة اليونسكو عام 1977 يشير إلى التعليم البيئي بانه عملية تعلم تزيد من معرفة الأفراد للاهتمام بالبيئة والتحديات التي تواجهها، كما انه عملية تعلم لتطوير المهارات الضرورية لمواجهة التحديات البيئية وتغيير الاتجاهات والدافعية لاتخاذ قرارات مسؤولة تجاهها. وبناء على ذلك فان التعليم البيئي هو عملية على المدى الطويل تشمل تعرّف العلاقات بين الأفراد ونظم الطبيعة لتطوير قيم بيئية وفهم مشكلات البيئة وحلّها من خلال مهارات التفكير الناقد وأسلوب حل المشكلات.
ومن أهم أهداف التعليم البيئي زيادة اهتمام الأفراد بالمشكلات التي تعاني منها البيئة والعمل على إيجاد الحلول لها من خلال :
تبادل المعلومات.
خلق سلوكات جديدة.
تطوير قيم واتجاهات ومهارات ضرورية لتحسين البيئة.
تطوير الاهتمام بحماية البيئة من خلال علاقة الفرد الواعية بالبيئة.
وعملية التعليم البيئي تكون فعالة إذا حققت الأهداف السابقة، وأول المحاولات في التعليم البيئي لتحقيق تلك الأهداف بدأت في اوروبا في منتصف السبعينيات من القرن الماضي من خلال تدريس نموذج الاتجاهات الثلاثة الذي يتمثل بالتعليم: عن البيئة، لأجل البيئة، خلال البيئة. ويدرس هذا النموذج بطرق التدريس الرسمي عن طريق المناهج الدراسية ومن خلال التدريس غير الرسمي عن طريق الأنشطة اللامنهجية. الاتجاه الأول عن البيئة يمكن تدريسه عبر المناهج الرسمية وهو يهدف إلى تطوير المعرفة عن الطبيعة ونظام الطبيعة باستخدام النشاطات التي تكون الفهم عن البيئة وبالتالي تكون منظومة من القيم تؤدي إلى تفاعل معقد ما بين النظام الإنساني والبيئة. والتعليم لأجل البيئة يعكس القيم التي تطورت لدى الإفراد من اجل الاهتمام بالبيئة ، وهذه القيم تهدف إلى تغيير الاتجاهات نحو البيئة. أما التعليم من خلال البيئة فانه يظهر طبيعة الأدوات والمصادر التي تطور نشاطات الفرد من خبراته الشخصية إلى خبرات واسعة للتعامل مع البيئة وهذا يتم من خلال المناهج الدراسية والنشاطات اللامنهجية. وبناء على النموذج السابق تطورت نماذج كثيرة للتعليم البيئي ومنها نموذج وضعه جيوليتو Giolitto عام 1997 ويتكون من ثلاثة محاور هي : المعرفة، القيم، والعمل.
واقع الحال يشير إلى أن مناهجنا الدراسية المختلفة تهتم بالمشكلات البيئة التي تعتبر حاليا أهم القضايا التي تواجه البشرية، لكن هل يدخل مفهوم التعليم البيئي بشكل كافٍ ضمن المفاهيم التي تهتم بها المدارس من خلال نشاطاتها اللامنهجية التي تقوم بها ؟ وهل تطوير هذا المفهوم يدخل ضمن أسس التعيينات المدرسية للمعلمين ؟ أسئلة كثيرة، ولكن نقترح قبل بداية العام الدراسي القادم أن تتبنى المدارس مفهوم التعليم البيئي على الأقل ضمن نشاطات المدرسة اللامنهجية كمحاولة أولى لتعميق المفهوم لدى المعلمين والطلبة على حد سواء.
رد مع اقتباس
المفضلات