تتطلب الجهود التربوية الحديثة للمدارس حاليا التحول إلى اقتصاد المعرفة من خلال إعادة تعريف مهمة التعليم والتدريس، فبدلا من مهمة توفير التعليم للطلبة وتغطية المنهاج المقرر خلال العام الدراسي، فان مهمة المدرسة من خلال الهيئات التدريسية أن تجد أفضل الوسائل لتقديم الدعم والتواصل مع احتياجات جميع المتعلمين والارتقاء بهم إلى مستويات أداء مرتفعة . وهذه النظرة الجديدة تتطلب من المعلمين المزيد من المعرفة والمهارات التي تركز النهج الذي يخدم مهمة التدريس لمواجهة تحديات المستقبل ، وهذا بدوره يتطلب من المدارس وضع مبادئ محددة تعزز التعليم من خلال تدريب المعلمين القدامى والجدد، وهذه المبادئ تجسد نوعا من المعرفة والمهارات تساعدهم على القيام بممارساتهم التعليمية المسؤولة ضمن الرؤية الجديدة .
وقوة المدرسة تبدأ من خلال توضيح تلك المبادئ الأساسية للتعليم والمعرفة والمهارات التي يجب أن يكتسبها كل من يريد ممارسة التعليم من خلال عمليات التدريب المستمر ومن خلال تغيير النظرة إلى التدريب من النظرة التقليدية إلى التدريب الحديث وفقا لتلك المبادئ التي تستند إلى الأداء .
المبدأ الأول جميع المعلمين مطالبون بمعرفة المفاهيم الأساسية، وأدوات الاستقصاء عن تلك المفاهيم للموضوع الذي يدرسونه من اجل تكوين خبرات تعلم تجعل من تلك الجوانب مفيدة للطلاب، لان معرفة المعلم للمفاهيم الرئيسية والافتراضات والمناقشات التي يقوم بها توضح كيف تتكون شبكة من المفاهيم الخاطئة لدى المتعلم والتي تؤثر على عملية التعلم ، وعلى المعلم إدراك أن موضوع المعرفة ليس مجموعة من الحقائق الثابتة، بل هي حقائق معقدة ودائمة التطور لذا عليه مواكبة تطور تلك الحقائق والمفاهيم الجديدة ومعرفة كيف يمكن نقل هذا التطور للمعرفة إلى الطلبة من خلال ربط المفاهيم القديمة بالحديثة وكيفية تطورها، من خلال معرفة أفضل الأساليب وتقديم وجهات النظر المتباينة حولها .كما أن المعلم في هذه الحالة مطالب بالمساعدة في عملية توليد المعرفة واختبار الفرضيات وفقا لأساليب لاستقصاء من اجل تكوين خبرات تسمح للطلبة بالاندماج مع تلك المعارف والمهارات .
المبدأ الثاني جميع المعلمين مطالبون بمعرفة كيف يعلمون الطلبة وكيف ينمون تعلمهم وكيف يمكن توفير الفرص التي تدعم تطورهم الفكري والشخصي، وهذا يتطلب من المعلم معرفة كيفية حدوث التعلم وكيف يقوم الطلبة بعملية بناء المعرفة واكتساب المهارات وتنمية العقل علميا من خلال استخدامه لاستراتيجيات تعليمية تعزز عملية لتعلم . اضافة الى المعرفة بجميع العوامل التي تؤثر في عملية التعلم من مثل العوامل المادية والاجتماعية والعاطفية وتأثيرها في النمو المعرفي وكيفية التصدي لتلك العوامل إذا كانت تؤثر سلبا في عملية التعلم، لان هذه العوامل تجعل الاختلاف وبالتالي على المعلم تقدير فردية المتعلم من خلال احترام الاختلافات التي تولدها تلك العوامل، وإدراك المعلم أن تلك الاختلافات تكون عاملا من عوامل تطوير الذات وزيادة الثقة بالنفس والكفاءة إذا نظر إليها من خلال التقييم الفردي والجماعي الهادف الى تصميم الاحتياجات التي تلبي حاجات الطلبة المعرفية والاجتماعية والعاطفية والمعنوية وهو يحقق ذلك من خلال تحفيز الطلبة على التفكير وتشجيعهم على تحمل مسؤولية تعلمهم بما يؤدي إلى رفع مستوى تطورهم الفكري والشخصي .
المبدأ الثالث جميع المعلمين مطالبون بمعرفة كيف يختلف الطلاب عن بعضهم في عملية التعلم وكيف يمكن إيجاد أدوات مختلفة لتوفير فرص متنوعة للتعلم ويتحقق ذلك من خلال تحديد وتفهم المعلم لتلك الاختلافات باستخدام أساليب مختلفة للتعلم واستخدام تعليمات محددة توضح نقاط القوة لدى الطلبة التي تعتبر أساسا في عملية نموهم العقلي باعتبار أن جميع الطلبة مهما كان الاختلاف بينهم يمكن أن يصلوا إلى مستويات عالية من التعلم من خلال خبراتهم الفردية ومواهبهم المختلفة، ودور المعلم هنا هو مساعدة الطلبة على التطور والنجاح من خلال تقديره لقيمة التنوع بين الأفراد واحترام مواهبهم للوصول بتلك المواهب إلى التفوق والإبداع .
المبدأ الرابع جميع المعلمين مطالبون بمعرفة استراتيجيات متنوعة لتشجيع الطلاب على تنمية التفكير الناقد وحل المشكلات وتنمية مهارات الأداء وذلك من خلال تفهم المعلم للعمليات المعرفية المرتبطة بعملية التعلم مثل التفكير الناقد وحل المشكلات وكيفية جعل تلك العمليات عوامل مشجعة للتعلم من خلال استخدام الاستراتيجيات التعليمية المناسبة. إن هذه الاستراتيجيات بالإضافة إلى استخدام تكنولوجيا التعلم وتوظيف جميع موارد المدرسة في عملية التعلم تسهم في تحقيق أهداف التعلم وتسهم في مساعدة الطالب على تحمل المسؤولية مستقبلا، مع ملاحظة أن المعلم يجب أن يرصد باستمرار ماذا يحدث لعملية التعلم بناء على ردود فعل المتعلم وبالتالي تعديل استراتيجيات التعلم لمساعدة الطلبة في فهم الآفاق العريضة لعمليات التفكير الناقد وحل المشكلات .
المبدأ الخامس جميع المعلمين مطالبون بتعزيز الدافعية عند الطلبة كأفراد وكمجموعات لخلق بيئة تعلم تشجع التعلم النشط وتحفز الفرد على التفاعل الايجابي في المجتمع، وذلك من خلال استخدام المعلم لمعرفته لمفهوم الدافعية لتنظيم ودعم عمل الفرد في منظومة المجتمع . كما ان معرفة المعلم لمبادئ أساليب الإدارة الصفية وتنظيمها يساعد في بناء علاقات ايجابية وتعاون مثمر بين الطلبة مما يسهم في تعزيز عملية التعلم في الغرفة الصفية .
رد مع اقتباس
المفضلات