البحث العلمي .. تشخيص للواقع وغياب للحلول
كتب- حاتم العبادي - بالأمس الأول، كشف رئيس جميعة البحث العلمي الدكتور أنور البطيخي عن أرقام كبيرة وكثيرة حول واقع البحث العلمي في الأردن ، تجعل من مطلعها لأول مرة يتفاجأ بهول تلك الأرقام.
إلا أن المفاجأة سرعان ما تتبدد، إذا ما حاول هذا المطلع، البحث عن أرقام أخرى عبر أي وسيلة بحث، ليتفاجـأ بأمر آخر، وهو أن ما ذكر من أرقام، تكررت وأعيد ذكرها في مناسبات عديدة وطيلة سنوات مضت أيضا عديدة وأمام مسؤولين ومختصين كثر.
فطالما سمعنا أن حجم الإنفاق على البحث العملي في الأردن من أدنى المستويات عالميا، مشددا على ضرورة نشر ثقافة البحث العلمي في المجتمع الأردني، وأن حصة البحث العلمي من الناتج القومي الإجمالي قليلة جدا، بالمقابل يتوفر لدينا كميات كبيرة من مادة اليورانيوم الخام، وهي ثروة تضاهي ثروة البترول، ما تزال تنتظر من يستغلها.
الحديث عن المشلكة، مهم، ولكن الأهم هو البحث العلمي والعملي عن الحل، من خلال توجيه الباحثين والأبحاث نحو الاولويات والاحتياجات الوطنية، واستغلال قدراتهم بما يتجاوز التحديات التي تواجه عمليات التنمية.
ولابد أن يكون التوجيه وفق آليات تضمن تحقيق الهدف، ومن ابرز المحاور التي يجب أخذها بالاعتبار أن تكون هنالك شراكة حقيقية بين المؤسسات المعنية وتوفير امتيازات مالية ومعنية للباحثين، الذين أصبحت أولويتهم توفير لقمة العيش، وليس البحث العلمي، وهذا ينسجم مع ما ذهب إليه الدكتور البطيخي عندما طالب في مؤتمر صحفي أمس الأولى بضرورة إعطاء أساتذة الجامعات والباحثين الوقت الكافي لإجراء بحوثهم من خلال زيادة رواتبهم وتوفير التجهيزات اللازمة لهم وتخفيف العبء الدراسي عليهم حتى يكون لديهم الوقت الكافي للقيام بهذه الواجبات.
ويقودنا هذا التشخيص للحديث عن صندوق دعم البحث العلمي، الذي انشئ أخيرا بهدف تقديم الدعم المالي لمشروعات البحث العلمي التي تقدمها الجامعات والمؤسسات والشركات الأردنية التي تساهم في تقدم البحث العلمي، والمساعدة على حل المشكلات الفنية التي تواجهها الشركات لتطوير صناعتها ومنتجاتها وتمكينها من تحسين قدراتها التنافسية والتعاون مع الهيئات المحليّة والعربية والمنظمات العالمية والدولية للتنسيق في مجال دعم البحوث العلمية و تقديم الدعم بما يخدم توظيف العلوم والمعارف في البحوث العلمية لتطوير التكنولوجيا وتوجيهها إلى حل المشكلات بما في ذلك حاضنات الأعمال القادرة على تطوير الإبداع وتسويق نتاج البحوث العلمية.
إلى جانب تشجيع الشركات والمؤسسات الوطنية على المزيد من الإنفاق على نشاطات البحث والتطوير وإيجاد البيئة المناسبة للجامعات والمراكز العلمية والبحثية لربط نشاطاتها البحثية والتطويرية باحتياجات المؤسسات والشركات الوطنية بشكل محدد وعملية التنمية بشكل عام ودعم الطلبة المتميزين الأوائل من خلال تقديم المنح ودعم الأبحاث التي يعملون عليها في برامج الدراسات العليا من خلال مجموعات بحثية وبحيث يتفرغ الطالب لذلك.
ولتحقيق تلك الأهداف وضع مجلس إدارة الصندوق قبل أيام تعليمات تنفيذية، حددت الفئات التي يسمح الاستفادة من الصندوق لدعم بحث أو مشروع أو مؤتمر بـ:الباحثين من الجامعات الأردنية، وكذلك لباحثين من مؤسسات القطاعين العام والخاص و المؤسسات الصناعية منفردة أو بالاشتراك مع مؤسسات أكاديمية، بالإضافة إلى طلبة الدراسات العليا من خلال عمادة/ كلية الدراسات العليا أو عمادة البحث العلمي في الجامعات الأردنية.
واشترطت لغايات الاستفادة من الصندوق :أن يكون المشروع أو البحث مقدماً من باحث أو مجموعة باحثين ترشحهم المؤسسة/المؤسسات التي يعملون فيها ويتوفر لدى المؤسسة/ المؤسسات المستفيدة التي تقدم منها الباحث/الباحثون القدرة اللازمة لتنفيذ المشروع البحثي واستثمار نتائجه.
وبينت انه في حالة كون الباحث/ الباحثين يعملون في إحدى الجامعات الخاصة فيجب أن تكون الجامعة قد أنفقت النسب المخصصة في موازنتها للبحث العلمي في العامين السابقين أما إذا كانت الجهة المتقدمة بطلب الدعم شركة مساهمة عامة فيجب أن تكون قد أوفت بالتزاماتها المترتبة عليها للصندوق في العامين السابقين.
ما نطمح له، ان يكون للصندوق، الذي يمول من تخصيص ما نسبته (1%) من صافي الأرباح السنوية للشركات المساهمة العامة، وأي موارد أخرى ترد إليه يوافق عليها مجلس الوزراء ، في تجاوز إحدى عقبات البحث العلمي، فيما نأمل ان يخرج المؤتمر الثالث للبحث العلمي المزمع عقده السبت القادم، بحلول عملية بعيدة عن النظرية.
المفضلات