انتابتنى مؤخرا فكرة الربط بين الازمة المالية العالمية والتى جعلت من بنوك كبيرة ومصانع لانتاج السيارات تغلق ابوابها وما استتبع ذلك بخفض اسعار فوائد البنوك وخفض اسعار الكثير من السلع سواء كانت اساسية او كمالية فهل تؤثر هذه الازمة ايضا على اسعار اللاعبين ؟
فلقد شهدت بورصة اللاعبين المصريين ارتفاعا ملحوظا في موسم الانتقالات هذا الموسم ، ووصل إلى أقصى ارتفاعاته وتخطي جميع الحواجز المتوقعة بمساهمة من جميع الأندية التي تصرف من المال "السايب" في خزائنها ، بل إن بعض الأندية دخل بورصة اللاعبين بالدين لمجرد التهافت علي اللاعبين الجدد بدعوي تجديد الدماء , وهناك أندية ضمت لاعبين رغم أن امكانياتها المادية والفينة لا تسمح بهذا الصرف غير المبرر ، ولكنه موسم "البيزنس" الكروي الذي يفتح أبوابه كل موسم في هذا التوقيت.
فرض مسئولو الأندية حالة شديدة من التعتيم علي قيمة الصفقات الجديدة لأسباب تخصهم ، تعود لعدم الاعتراف الصريح بقيمة الصفقات الحقيقية ، بدعوى أن هذه الأمور تخص إدارات الأندية واللاعبين ، وليس من حق أحد التعرف علي هذه القيمة ، رغم أن الشفافية التي تدعيها الأندية تتطلب الوضوح ، خاصة وأن أموال الأندية تعتبر مالا عاما لا يجب التعامل فيه بالسرية المفروضه عليه حاليا.
الغريب في موسم الانتقالات أن عددا محددا من اللاعبين هم الذين تدور الأندية في فلكهم مثل كل عام ، ولم يجد جديد في هؤلاء اللاعبين ، اللهم إلا النادر منهم , كما شهد الموسم الحالي صراعا شرسا بين الأهلي والزمالك كعادتهم دائما ، وثارت أكثر من مشكلة بين الناديين الكبيرين علي لاعب أو أكثر.
وأعتقد إنه ما لم تقم وزارة الشباب (المجلس القومى للرياضة) بتقديم حل لهذه المشكلة حفاظا على المال العام فإن مشروع "تخصيص" أندية الكرة سيكون هو الحل الوحيد ، لأن أي مشروع خاص يقوم على حسابات الربح والخسارة ويسقط إذا تم الإنفاق السفيه على مدخلات إنتاج لا تساوي شيئا.
وسيكون من حقي كشاب مصري أن أطالب وزارة الشباب بإقامة ملعب كرة صغير داخل كل حي أو قرية في مصر من أجلك وأجلي قبل توجيه الدعم لأندية تنفق أموالها على تعاقدات اللاعبين ولا تفيد مصر على المستوى الدولي.
وكم كنت أتمنى أن يدخل مجال كرة القدم رجال أعمال مصريين أو أجانب لاستثمار أموالهم أو الدعاية لشركاتهم من خلال الأندية على غرار الملياردير أبراموفيتش مالك نادي تشيلسي ، لكن المؤسف أن غالبية أندية الدوري التابعة للشركات جميعها تنتمي للقطاع العام ، ولا تضم شركة خاصة واحدة فيما عدا الجونة الصاعد حديثا فى الموسم القادم ، والتجارب النادرة للقطاع الخاص في مصر في مجال كرة القدم لا أذكر منها سوى مزارع دينا وجولدي ، وكلنا يعرف كيف هبطت هذه الأندية لأن مموليها كانوا يدفعون من جيوبهم وبالتالي لم يستطيعوا مواصلة المنافسة مع أندية الحكومة ، لأن كرة القدم في مصر مشروع استثماري غير مجدٍ.
ربما سيخرج علينا أحدهم ليقول أن هذا هو الاحتراف ، وأن مانشستر يونايتد تعاقد مع روني الموسم الماضي مقابل 48 مليون دولار ، لكن هل يعرف مثلا أن شركة "نايكى" متعاقدة مع مانشستر يونايتد مقابل 550 مليون دولار لمدة 13 عاما ، وهي واحدة ضمن عشر شركات كبرى ترعى النادي ، أي أن قبل التعاقد مع اللاعبين بالملايين هناك مليارات تدخل خزينة النادي من عقود الرعاية.
ولا يعني كل هذا إنني ضد الاحتراف أو حصول كبار اللاعبين على مبالغ كبرى ، لكنني ضد مبدأ المزادات المفتوحة مطلع كل موسم على أشباه موهوبين ، ولذلك أدعو المسئولين عن الرياضة في مصر أن يطبقوا النظام المستخدم فى دوري كرة السلة الأمريكي ال(إن.بي.إيه).
كل لاعب في هذه البطولة مسجل منذ أول مباراة خاضها مع فريقه كصاعد ، ويتم تسجيل كل مباراة خاضها وكل نقطة سجلها وكل تمريرة أدت للتسجيل وعدد مرات قطعه للكرة والتمريرات الخاطئة والثلاثيات ونسبة استحواذه على الكرة وأخطائه الشخصية ونسبة تسجيل الرميات الحرة ، لدرجة تسمح بإحصاء أنفاسه ذاتها ، وفي نهاية كل مباراة اعتاد الجمهور الأمريكي أن يقرأ ما يسمى بصندوق النتيجة أو ال score box ، فهو جدول يحوي كل ما قدمه كل لاعبي الفريقين البالغ عددهم 24 فردا خلال المباراة ، ومع نهاية الموسم يمكن احتساب متوسطات ما يقدمه كل لاعب ، وبالتالي لا تدفع الفرق الأمريكية ملايينها التي تزيد عن ملايين كرة القدم كثيرا إلا لمن يستحق ، وهذه العملية لا تحتاج إلا لإمكانات متواضعة جدا مثل تصوير جميع المباريات تليفزيونيا وبرنامج كمبيوتر بدائي للحساب ، وكنت أشاهد هذه التجربة تتم على قناة يوروسبورت أثناء تغطيتها لكأس الأمم الأوروبية عام 2000.
وأعتقد أن مشروعا كهذا من الممكن أن يشرف عليه اتحاد الكرة بالتعاقد مع قناة تليفزيونية مثل قناة النيل للرياضة مثلا باعتبارها تابعة لوزراة الإعلام على تصوير كافة مباريات البطولة وتقديم شرائطها لاتحاد الكرة لعمل هذه الإحصاءات المفصلة وتوفير قاعدة بيانات هائلة عن كل لاعبي مصر
فهل من مجيب ؟
رد مع اقتباس
المفضلات