[frame="4 80"]
(فَطَفِقَ مسحاً بالسوق والأعناق!)
سأل سليمان بن داود رسول الله ربَّه بأن يعطيه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطاه جلت قدرته ما سأل، لقد مدح سبحانه هذا الرسول مدحاً كبيراً قال فيه: نعم العبدُ إنّه أواب، ولكنّ بعض المفسرين يتناولون في شرحهم وتفسيرهم إحدى آيات القرآن الكريم التي تصف هذا العبد الأواب بأنه قتل خيلاً كثيرة كانت مُعَدةً للقتال بسبب خطأ وقع هو فيه ولم يكن للخيل ذنب فيه، قال سبحانه: ''إذ عرض عليه بالعشيّ الصافنات الجياد، فقال إني أحببتُ حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب، ''ردوها عليَّ فطفق مسحاً بالسوق والأعناق''، هل العبد الصالح يقتل خيل الرباط؟ هل يُضعف العبد الأواب جيشه أم يقويه؟ لقد ذهب المفسرون أكثرهم إلى هذا الرأي، وهو: أن سليمان عليه الصلاة والسلام قال: إن هذه الخيل ألهتني عن ذكر الله، فأمر أن تعاد جميعها إليه بعد أن رآها وكان سعيداً بها، إلا انه غضب لأنها ألهتْهُ عن الذكر، فقتلها جميعاً، ولم يستثن شيئاً من ذلك، أقام مجزرة قبل ميلاد سيدنا المسيح وما زلنا نقول بهذه المجزرة لم وقعت؟.
كيف ننسب هذا العمل لقاضٍ عظيم علمه القضاء ربُه عز وجل، كيف يفعل هذا من قال فيه سبحانه ''نعم العبد إنّهُ أوّاب''، إني أظن أنه لو أخطأ وقتلها لاستغفر الله لأنّ من أهم صفاته أنه أوّاب، لا يجوز لنا أن نغفل لغتنا المستعملة في هذه الآية، فإنّها ستدل حتماً على الحقيقة، فإلى الآية وما فيها من استمتاع وجمال. لقد استُعملت كلمة العشي وهذا يعني انه أراد تفقد الخيل بسرعة قبل ان تغيب الشمس، يريد ان يستمتع بها ولو للحظات قليلة، وقال: إني أحببت حب ا لخير عن ذكر ربي، أي أن السبب في حبي للخيل أو للخير كما سماها هنا هو ذكر الله، وما من أحد يذكر الله إلاّ ويحب أن يأنس بما أعطاه الله من الخير، ولما توارت الشمس بحجابها وتوارت الخيل في اصطبلاتها اشتاق أكثر لرؤيتها، واكمال استمتاعه بها فقال ردوها عليّ فطفق يمسح بيديه الكريمتين على هذه الخيل الخيّرة التي يستعملها في الحرب وكلمة امسح لم ترد للقتل مطلقاً، هل امسحوا برؤوسكم تعني: اقطعوا رؤوسكم، كلاّ وألف كلا، هل كلمة أحببتُ تعني فضلت كما ذكر عدد من المفسرين؟ لماذا يحملون اللفظ غير المعاني الحقيقية التي وضعت لها، إنما المسح ذلك خفيف وأحببت للرغبة والسعادة والسرور، لقد مسح نبي الله على الأعناق كما يمسح محبو الخيل ومسح على السيقان كما يمسح محبو الخيل وقد حفظ الرسول سليمان هذه الخيل لأنها خيل الله، ولم يقتلها ولم يؤذها، وأحبها لأنها تخدمه في سبيل الله.[/frame]
رد مع اقتباس
المفضلات