إتهامات للحكومة المقالة بالتورط
عشرات الالاف فقدوا تحويشة عمرهم في اكبر عملية نصب شهدها قطاع غزة منذ عشرات السنين!!
الحقيقة الدولية – غزة – عبد الهادي مسلم
قصص عديدة ومتنوعة تسمعها هنا وهناك على مدار 24 ساعة يرددها المواطنون في كل شارع وحي ومكان وديوان وبيت ومدرسة وجامعة ومسجد، حتى أنها أصبحت الشغل الشاغل عند الكثير منهم، هذه القصص ليست من نسج الخيال كقصص أبو زيد الهلالي وألف ليلة وليلة أو من أجل التشويق الإعلامي والتشهير ولكنها حقيقية ومن واقع المجتمع الذي يعاني الويلات والمصائب والنكبات وكأنه لا يكفيه ما يتعرض له من جراء ذلك وبحاجة إلى نكبات أخرى.
ويعيش المواطنون في قطاع غزة حالة من الخوف والقلق والتوتر على مصير أموالهم وشقاء عمرهم وتعبهم حثى أن بعضا منهم أصيب بالأمراض أو مات بجلطة حادة نتيجة حالة الحزن والكبت والتفكير في هذا الأمر والبعض منهم ما زال ينتظر ويعد الأيام التي يوعدون بها من التجار من أجل إرجاع أموالهم، والبعض الآخر كما يقول المواطن أبو محمد أنه "على أمل باسترداد ولو جزئا من أمواله التي دفعها"، ويضيف بحالة من الحزن "غرروا فينا الله لا يسامحهم لا دنيا ولا آخرة".
وكان عشرات الالأف من المواطنين في قطاع غزة شغلوا أموالهم مع تجار ووسطاء وشخصيات اعتبارية لها وزنها وثقلها في المجتمع، يعملون في ما بات يعرف "بتجارة الأنفاق".
يقول المواطن سعيد والذي باع بيته من أجل المشاركة في هذه التجارة، أنه كان لا يؤمن بها ولكن من كثرة ما سمع عن الأرباح الخيالية من بعض الذين شغلوا أموالهم اضطر لبيع منزله والسكن بالإيجار، ودفع كل ما يملك لأحد التجار العاملين في تجارة الأنفاق.
وأضاف بنوع من الغضب أن الذي "شجعني وجعلني أتخذ هذا القرار الفوري، شخص متدين ومعروف ومشهود له بالأيمان على صعيد المخيم"، ويشير بنوع من المرارة والحزن أنه تلقى ربحا عن شهر واحد وبعدها "انكشفت الحقيقة أنها تجارة نصب واحتيال وأن التجار الذين كنا نعتقد أنهم أمينين خذلونا وأصبحنا نندب على أموالنا ولا نعرف أين مصيرها والتي نأمل أن ترد لنا في أقرب فرصة".
أرباح طائلة
وكان عدد من التجار قاموا بجمع مئات الملايين من الدولارات من المساكين والموظفين والأرامل والأيتام وأسر الشهداء والعمال وغيرهم تحت إغراءات الأرباح الطائلة، وتبين فيما بعد أنهم كانوا يعطون الأرباح من نفس الأموال التي يجمعونها وانكشف بعضهم ولكن الأموال معظمها لا يعرف مصيرها.
ويستبعد المواطن محمود والذي باع غرفة نومه وأثاث منزله، أن تكون الأموال قد تبخرت جميعا ويرى أن "هناك لغز في الموضوع"، داعيا الجهات المعنية إلى "التدخل وإرجاع الحقوق إلى أصحابها".
وكانت الحكومة المقالة في غزة ألقت القبض على أحد التجار، وقامت بالحجز على كل أملاكه وعقاراته وأمواله وشكلت لجانا لهذا الغرض واستدعت كل من وضع أموالا للاستفسار منه عن المبلغ الذي وضعه والأرباح التي أخذها، ومن ثم حلف اليمين.
وقامت الجان المكلفة بتوزيع ما قيمته 16,5 بالمائة من حجم رأسمال التاجر المتهم على المواطنين المتضررين، بعد التوقيع على تعهد بعدم مطالبة الوسطاء بأموالهم.
وأثار التعهد تذمر أصحاب الأموال، ورفض البعض التوقيع عليه، ويبرر المواطن سلمان رفضه التوقيع على التعهد قائلا أي قانون يلزمني أن أتنازل عن حقي من أموالي التي جمعتها قرش قرش، مطالبا اللجنة ان تكون متوازنة وعادلة في طرحها وأن تعرف أن معظم هذه الأموال للبسطاء والفقراء والأيتام من أبناء شعبنا.
والأكثر إثارة أن بعض التجار الذين جمعوا أموالا كبيرة ما زالوا يتبجحون ويستعرضون ويركبون الجيبات والسيارات ولا يراعون مشاعر هؤلاء الغلابة من الذين خدعوا فيهم ووضعوا أموالهم عندهم. ويؤكد المواطن سمير أنه بدلا من أن يزج بهؤلاء في السجون ويجردوا من أموالهم نراهم أحرارا وكأن شيئا لم يحدث بل والأدهى من ذلك أنهم يتكلمون مع المواطنين المنكوبين بنوع من التبجح وعدم الأكثرات.
أتهامات وردود
ويتهم الكثير ممن شغلوا أموالهم عددا من الوسطاء الحكومة المقالة سببا من أسباب هذه المشكلة لعدم متابعتها لهؤلاء التجار ومعرفة أين يذهبون بهذه الأموال ووضع حد لهم وتحذير المواطنين من تصديقهم. ويؤكد المواطن زهير أن "الحكومة في غزة تتحمل المسؤولية في ذلك لأنها لم تفضح أمر هذه العصابة ولهذا عليها واجب في تعويضنا ورد أموالنا".
وكان خليل أبو شمالة مدير مؤسسة الضمير في غزة، اتهم خلال حلقة إذاعية بثت على شبكة معا مسؤولين كبار في الحكومة المقالة بغزة بالقيام بعمليات غير مشروعة ومخالفة للقانون في معالجة هذا الملف، وتطرق أبو شمالة لموضوع الإنفاق بإسهاب وذكر ان حماس كانت مطلعة ومتابعة للملايين من الدولارات ولم يحصل المواطن الذي اضطر أن يضع ماله في أنفاق الموت إلا على فتات أمواله.
وبين أبو شمالة ان لا احد ممن استثمر في الأنفاق وتعرض للخداع جاء لنا او تقدم بشكوى ومع ذلك فنحن والمؤسسات الحقوقية نحاول أن نتابع هذا الملف من باب المسائلة ومساعدة المواطن في الوصول لحقوقه.
ورد زياد الظاظا الوزير في الحكومة المقالة على تلك الإتهامات بالقول أن "قضية الأنفاق خط احمر والحكومة أخذت على عاتقها إقفالها وأنها لا تخجل من الاعتراف بمحاربتها والزج بكل من يحاول أن يخترقه في سجونها"، منوها لاعتقال "الشاب إيهاب الكردي احد ابرز الأسماء المتهمة في جمع أموال الناس والاحتيال عليهم بداعي الاستثمار في الأنفاق".
وعن تورط قيادات وشخصيات متنفذة من الحكومة المقالة وحماس في هذا الملف، قال الظاظا: "ان هذا الحديث مجرد إشاعات ينشرها البعض للمس بالحكومة وهي أحاديث عارية عن الصحة وسبق لنا وباسم الحكومة أن حذرنا في أكثر من مناسبة من الاستثمار في هذا الملف"، واعدا بالكشف والإعلان عن اسم أي مسؤول متورط مهما كان في حالة ثبوت ذلك.
وبين الظاظا ان نسبة 16.5 % من الأموال المستردة للناس هي مجموع الأموال التي ضبطت مع المتهمين بالاحتيال وانه في حالة العثور على أموال أخرى فإننا سنعيدها للناس.
تجارة غير شرعية
ولكن في نفس الوقت هناك بعض الوسطاء باع ما يملك حتى يكون صادقا ولا يلوث اسمه في هذه التجارة الغير شرعية، يقول أحد الوسطاء الذين غرر بهم كباقي المواطنين البسطاء أنه جمع أموالا بعد طمأنته من قبل أشخاص أنها تجمع من أجل التجارة والكسب الحلال، ولكنه تفاجأ أنه لم تكون هناك تجارة من الأساس وأن العملية كلها نصب بنصب.
وأضاف أن المبلغ الذي جمعه كبير جدا ولا يستطيع تعويض الناس لأنه لم يبق معه "شيكل" واحد ونظرا لحالة الحصار المشدد على قطاع غزة من قبل قوات الإحتلال ومنع دخول المئات من الأصناف خاصة المواد الخام اضطر الكثير من التجار للتفتيش عن مصادر أخرى للتخفيف من حدة الحصار فكانت تجارة الأنفاق والتي رفعت أشخاصا في السماء وأنزلت أغلب المواطنين إلى الأرض.
ورأى المواطن إسماعيل أن تجارة الأنفاق بالرغم من ايجابياتها في بعض الأحيان، ولكن سلبياتها أكثر من ناحية الأسعار الجنونية للسلعة والثراء الفاحش لمن يعملون فيها خاصة التجار الكبار، مؤكدا أنه لا يمكن أن يصدق أن الأموال التي جمعت ذهبت لهذه التجارة لأنه لا يوجد في غزة سلع ومواد بحجم هذه الأموال.
وأضاف بنوع من الاستهزاء كانوا يضحكون علينا بما يسمى بالصفقات السريعة مثل حفاظات الأطفال والجلاكسي والمجدولين وبوابير الكاز والتي ثبت أنها كذبة كبيرة وليست بحجم الأموال التي جمعت.
المصدر : الحقيقة الدولية – غزة – عبد الهادي مسلم- 30.5.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لؤلؤة الصحراء
i agree
المفضلات