بسم الله الرحمن الرحيم
(من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد).
أحمده وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا كفئ ولا عدل ولا ند ولا نديد.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه) صلاة وسلام لا تنفذ ولا تبيد.
يا رب طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب.
يا رب، نشكو إليك قسوة قلوبنا، وغفلة نفوسنا، وتقصيرنا في طاعتك، وغفلتنا عن ذكرك.
يا رب اجعلنا من قوم تحبهم ويحبونك، ولا تجعلنا ممن نسوك فنسيتهم.
أيها الأخوة في الله، لقد قست القلوب فهي ما بين شواغل الدنيا وصوادفها وملهياتها.
ثم إذا أفاقت فإذا هي تفيق إلى نكبات وهموم وغموم تتجاذبها، فإذا حديث الرقائق والرغائب.
إذا الحديث المخّوف والحديث المرقق غريب عن القلوب،
غريب على الآذان، قل ما تنصت إليه وقل ما تسمعه.
كم كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتعاهد أصحابه بمواعظ توجل منها القلوب، وتذرف منه العيون، وترتعد منها الفرائض.
يقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخطب أصحابه بكلمات قليلات يسيرات مباركات.
فيقول لهم أيها الناس:
( أُريت الجنة والنار فلم أرى كاليوم في الخير والشر، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله).
فما أن يتتام هذا الكلام من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى يخفض الصحابة رؤوسهم، ويكبوا بوجوههم ولهم ضجيج وخنين بالبكاء.
أما إن نفوسنا بحاجة إلى أن نوردها المواعظ والنذر، ونذكرها بما خوف الله به عباده، وحذرهم منه، وقد حذر المولى جل وعلا وأنذر.
حذر عباده أشد التحذير وأنذرهم غاية الإنذار من عذاب النار ومن دار الخزي والبوار فقال المولى جل جلاله وتقدست أسمائه:
( فأنذرتكم نارا تلظى ).
وقال: ( إنها لإحدى الكبر، نذيرا للبشر ).
فو الله ما أنذر العباد وخوفهم بشيء قط هو أشد وأدهى من النار.
وصف لهم حرها ولظاها،
وصف لهم طعامها وشرابها،
وصف أغلالها ونكالها،
وصف حميمها وغساقها،
وصف أصفادها وسرابيلها.
وصف ذلك كله حتى إن من يقرأ القرآن بقلب حاضر، ويسمع وصف جهنم فكأنما أقيم على شفيرها فهو
يراها يحطم بعضها بعضا، كأنما يرى أهل النار يتقلبون في دركاتها، ويجرجرون في أوديتها.
كل ذلك من المولى جل وعلا إنذار وتحذير.
يتبع
المفضلات