الاردن.. مائدة مستديرة توصي بالخروج بدليل سلوك ينظم العلاقة بين المجتمع المدني والإعل
مسؤولية الإشكالية في العلاقة هي مشتركة بين كافة أطراف العلاقة
الاردن.. مائدة مستديرة توصي بالخروج بدليل سلوك ينظم العلاقة بين المجتمع المدني والإعلام
الحقيقة الدولية– عمان – خاص/ مروان شحادة
لا يمكن لأحد أن يغفل الدور الكبير الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني أو ما يسمى بالمنظمات الأهلية غير الحكومية في المجتمعات المتقدمة بالدرجة الأولى، وبعض المجتمعات النامية في الدرجة الثانية، في مجال تنمية الفرد والمجتمع في مجالات اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية وغيرها من المجالات والقطاعات في المناطق التي لا تطالها نشاطات المؤسسات الرسمية الحكومية، والتي تغطيها تلك المؤسسات من خلال العمل التطوعي غير الربحي، والذي لا تسعى من خلاله أيضاً للوصول إلى السلطة أو المشاركة بها.
ويوجد في الأردن حوالي 3500 مؤسسة مجتمع مدني مسجلة رسمياً عاملة في مختلف القطاعات، الخيرية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، يعمل بهذه المؤسسات حوالي 17000 موظف، وحجم الاستثمار بها حوالي 152 مليون دينار أردني، يستفيد منها شريحة كبيرة من المجتمع الأردني، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، تقدر بحوالي 400 ألف نسمة، بحسب ما ذكرته الناشطة إيملي نفاع.
وتعاني مؤسسات المجتمع المدني إشكالية في العلاقة مع الأنا والآخر، حيث لا تتوافر هيئة أو مجلس واحد ينظم ويؤسس عملها لتوحيد الجهود التي تصب في تهيئة الظروف التشريعية والقانونية المناسبة لعملها من جانب، وتنظيم العلاقة مع مثيلاتها من المؤسسات الأهلية بغض النظر عن القطاع الذي تعمل فيه، فضلاً عن تنظيم العلاقة مع الآخر سواء كان مؤسسات حكومية أو شعبية محلية أو أجنبية.
وقد جاءت المائدة المستديرة التي نظمها مركز الأردن الجديد للدراسات، بحضور نخبة من السياسيين والحزبيين والإعلاميين وقادة بعض مؤسسات المجتمع المدني، لتصب في الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل النهوض بقطاع مؤسسات المجتمع المدني، والتي بدأها المركز منذ أكثر من سنتين، حيث تحدث المشاركون في هذه المائدة حول " ميثاق شرف للعلاقة بين المجتمع المدني والإعلام"، وكانت تحت رعاية دولة الأستاذ طاهر المصري، نائب رئيس مجلس الأعيان الأردني، ومفوض المجتمع المدني في جامعة الدول العربية.
في الوقت الذي بين فيه دولة المصري، مفوض المجتمع المدني في جامعة الدول العربية نقده للقصور من الناحية المفاهيمية بطبيعة الدور الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني على المستوى الرسمي والشعبي، ومستقبلها، والذي لا يقتصر ذلك على الجمعيات الخيرية فقط، إلا أنه عبر عن أهمية المهمات التي تلقى على عاتق تلك المؤسسات المدنية، والتي تشكل الدور الموازي والمكمل لما تقوم به الحكومات من مسؤوليات وواجبات تجاه الأفراد والمجتمعات، وأنه تقع على الإعلام مسؤولية المراقبة والمساءلة وإزالة الغموض واللبس الذي يعتري هذه المفاهيم المتعلقة بدور وآلية عمل المجتمع المدني، وأن إيجاد وثيقة شرف لتنظيم العلاقة بين الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني تدلل على أننا نسير في الطريق الصحيح.
وقد اشتملت الدائرة المستديرة جلستين، تناولت الأولى بحث الإجابة عن ضرورة إمكانية إقرار وتفعيل ميثاق الشرف لمنظمات المجتمع المدني، فيما بحثت الجلسة الثانية السبل في إيجاد مذكرة تفاهم أو دليل سلوك حول العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني والإعلاميين الأردنيين، كما قدمت على هامش الجلستين ورقة خلفية من إعداد مركز الأردن الجديد، قرأتها الدكتورة مي الطاهر، نائب مدير المركز، وكانت بمثابة مدونة السلوك الخاصة بالمجتمع المدني والحكم الرشيد، إذ أن معظم مداخلات ونقاشات المشاركين والحضور دارت حولها.
وبينت الدكتورة الطاهر في أن المدونة التي ستقرأها تأتي للرد على الانتقادات والهجمات التي تمارسها بعض المؤسسات الإعلامية بحق بعض مؤسسات المجتمع المدني، وأن مسودة ميثاق الشرف لتقليل الفجوة والإشكالية الواقعة بين مختلف الأطراف، ولتوضيح الدور الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني، وبناء الثقة مع الآخر، وتحتوي هذه المدونة بعد الاطلاع على حصيلة تجارب المجتمع المدني في العديد من الدول.
كما بينت الطاهر أن مسودة الميثاق تسعى لتعزيز الثقة بمؤسسات المجتمع المدني، وتوثيق التعاون مع شركاء المجتمع المحلي على صعيد الحكومة والبرلمان والإعلام والقطاع الخاص والبلديات، فضلاً عن بناء شراكات مستدامة مع مختلف الأطراف.
وتشتمل مسودة ميثاق الشرف التي دعت إليها الدائرة المستديرة تسعة مواد، تتضمن تعريفاً عاماً بالمسودة، وأن المواطن هو الهدف منها، ومبادئ الحاكمية الداخلية الرشيدة، والإدارة المالية والمساءلة، وسياسات التوظيف وإدارة الموارد البشرية، ومبادئ التأثير والفاعلية والعلاقة مع المنظمات الأخرى، ومنع تضارب المصالح، والشفافية والحق في الحصول على المعلومات، وأخيراً آليات متابعة وتنفيذ وتفعيل هذا الميثاق.
وتحدث في الجلسة الأولى، التي رأستها إميلي نفاع، الناشطة في الملتقى الإنساني لحقوق المرأة، وقدم فيها كل من المحامي حسين العتيبي، ونهي المعايطة، وسلوى خيري مداخلاتهم حول موضوع الدائرة المستديرة، حيث وصف العتيبي المجتمعات العربية بالمجتمعات الأهلية التقليدية، لأنها قائمة على القبلية والعشائرية وليست قائمة على المواطنة.
وعلق العتيبي، في أن التأخر في وجود مثل هذا الميثاق المقترح، ساهم إلى حد كبير إلى فرض قوانين وتشريعات حكومية وضعت قيوداً أعاقت عمل مؤسسات المجتمع المدني، بذريعة وجود فساد مالي وإداري لدى تلك المؤسسات.
وفي مداخلتها، عرجت نهي المعايطة، رئيسة الاتحاد النسائي الأردني، على بعض التحديات والمعوقات التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني بشكل عام، وقطاع الجمعيات الخيرية بشكل خاص، ومنها: التشريعات، التي اعتبرتها قديمة غير متطورة ولا تتناسب مع الظروف الحالية، وبخاصة في البنود المتعلقة بمنع العمل السياسي، والمشاركة الجماعية التي تعكسان مدى حرية الرأي والتعبير، وكذلك مشكلة التمويل، من حيث تغطية تكاليف التشغيل الخاصة بإدارة المؤسسات، وتمويل المشاريع الإنتاجية، والتمويل الخارجي غير المشروط، بالإضافة إلى مشكلة تداول السلطة في تلك المؤسسات، ونقص المهارات والتدريب لتطوير العاملين في هذا القطاع الهام.
فيما اعتبرت سلوى الخيري، نائب رئيس جمعية البيئة الأردنية، أن مسودة هذا الميثاق تمثل الأساس الأخلاقي لعمل مؤسسات المجتمع المدني، وهو من الأشياء الضرورية والحيوية للنهوض بهذه المؤسسات، وطالبت بأن يكون التوقيع والموافقة على بنوده إلزامي لكل مؤسسات المجتمع المدني، لأن هذه المؤسسات لها القدرة على الوصول للأفراد، ناهيك عن تغطيتها لنشاطات لا يمكن أن تغطيها الحكومة.
وقد طرحت في الجلسة الثانية السبل في إيجاد مذكرة تفاهم أو دليل سلوك حول العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني والإعلاميين الأردنيين، قدمها مجموعة من الإعلاميين الأردنيين، كان من بينهم، الزملاء: جميل النمري، وباسل العكور، وسمر حدادين.
حيث اقترح النمري أن تكون تسمية مشروع ميثاق الشرف، دليل أو مدونة سلوك، وبين بأنه لا يوجد إشكالية في العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني والإعلام، وأن حقيقة الإشكالية تكمن في آليات واستراتيجيات التعامل مع مختلف الأطراف والإعلام، وأن هذه المؤسسات بحاجة إلى توضيح وتدريب طرق التعامل مع المؤسسات الإعلامية لإيصال المعلومة المتعلقة بنشاطاتها.
وانتقد النمري الإعلام الأردني من ناحيتين، الأولى تتعلق بقصوره في تغطية مضمون الحدث، والتي لا تخرج في الغالب عن الإطار البروتوكولي، ولا تتضمن المحاور الرئيسية التي تناولها نشاط المؤسسة، والثانية، ضرورة التعامل بمهنية وموضوعية مع مختلف المؤسسات بعيداً عن التحفظات الشخصية أو الأيديولوجية في تغطية الخبر، وترك الحكم على تلك المؤسسة للجمهور – القارئ-.
من جهته، أكد باسل العكور، نائب رئيس وكالة عمون الإخبارية، بأن المطالبة بوجود مذكرة تفاهم بين مؤسسات المجتمع المدني والإعلام حق مشروع، وعلل ذلك إلى تقصير الإعلاميين وعدم قيامهم بالدور المطلوب منهم، بغض النظر عن المبررات التي يقدمونها، وبخاصة أن التغطية الإعلامية متواضعة من حيث الشمولية، وأنها ليست نوعية وحرفية، إذ يتم فيها التركيز على أفعال وأقوال الراعي، وترك مجريات النشاط الرئيسي بعيداً عن عيون وتغطية المندوب الصحفي.
وبين العكور أن مسؤولية الإشكال الموجود في العلاقة التي تربط القطاعات المختلفة مع الإعلام، هي مسؤولية مشتركة تتحملها كل الأطراف المعنية، وأن المطلوب تعاون كافة الأطراف للخروج من هذه الإشكالية.
ووجه العكور نقداً واضحاً وصريحاً لبعض مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في القطاع الإعلامي، باستغلالها هذا القطاع لتحقيق مكاسب مادية، من خلال البرامج والدورات التدريبية التي تطرحها للنهوض بالمهنة الصحفية، والتي تحصل بسببها تمويلا خارجيا من مؤسسات مجتمع مدني أجنبية، ودون تقديم وصرف هذه المنح في طريقها الصحيح.
ومالت الصحفية سمر حدادين في مداخلتها إلى فكرة تسمية الميثاق بمذكرة تفاهم، وأيدتها بقوة لحل الإشكالية التي وصفتها بالكبيرة ما بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الصحفية، وبينت أن لكل مؤسسة صحفية أولويات من ناحية الأهمية في تغطية نشاطات تلك المؤسسات، وأنه تقع على عاتق منظمات المجتمع المدني مسؤولية كبيرة في إبراز عناصر القوة لنشاطاتها وأخبارها، واقترحت أن يكون هناك دليل شامل لمختلف قطاعات مؤسسات المجتمع المدني، ليسهل عملية التواصل ما بين مختلف القطاعات، لأن المسؤولية مشتركة في إشكالية العلاقة بينها.
وفي نهاية الجلسات الحوارية التفاعلية، اقترح مدير مركز الأردن الجديد للدراسات، هاني الحوراني، أن يتم إطلاق وثيقة الحوار خلال شهر من تاريخه بعد إضافة المقترحات والتوصيات التي خرجت بها هذه الدائرة، وبعد تنقيحها بشكل نهائي.
المصدر : الحقيقة الدولية– عمان – خاص/ مروان شحادة 18.5.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ahmad962
المفضلات