مياه إسرائيل الملوثة تسبب مرض «الذبول التبقعي»
«الحقيقة الدولية» تزور الأراضي المصابة بالمرض في الأغوار الشمالية
مياه إسرائيل الملوثة تسبب مرض «الذبول التبقعي» وشبهات اشعاعات نووية
اثار فيروس الذبول التبقعي تبدو ظاهرة على نبتة البندورة
الحقيقة الدولية – عمان – نعمت الخورة - تصوير : سيف الكردي
مزارعون: انتشار المرض تزامن مع التخلص من المياه الملوثة في نهر الأردن
النائب الناصر: استخدام المياه الملوثة في سقاية المزروعات يصيبها بأمراض على المدى البعيد
الجمعاني: نسمح للمزارعين بسقاية مزروعاتهم من نهر الأردن تعاطفا مع أوضاعهم
ساري: تلوث المياه يضعف النبتة.. لكنه لا يسبب الفيروس
إن الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن ومقدراته يدفعنا إلى «إمساك» ما نملكه من معلومات والتدقيق في مدى صحتها قبل تقديمها للقارئ لتقييمها، خصوصا وأن هذه المعلومات قد «تخرب بيوتا» على حد تعبير مصدر مطلع لـ «الحقيقة الدولية».
معلومات حصلت عليها الصحيفة عقب كشفها عن وجود تلوث مياه في قناة الملك عبد الله، وسعت «الحقيقة الدولية» مرارا وتكرارا للوصول الى حقيقتها، فحملتها إلى جمعية ألمانية تحمل اسم (G T Z) هي، بحسب المصدر، التي أجرت فحوصات مخبرية على المياه الملوثة في القناة التي اتضح فيما بعد أنها قادمة من إسرائيل، وخلص تقريرها الى “وجود إشعاعات نووية في المياه”.
الجمعية الألمانية نفت بـ “المطلق” هذه المعلومات، وكذلك فعل مدير سلطة وادي الأردن موسى الجمعاني، في اتصال أجرته الصحيفة معه قبل نحو ثلاثة أسابيع، حتى انه بدا ضاحكا من المعلومة بقوله “لا.. شو بتحكي.... إشعاع نووي!”.
ذهبنا في اتصالاتنا الى رئيس لجنة التحقق النيابية الخاصة بـ “تلويث مياه قناة الملك عبد الله” النائب وصفي الرواشدة وأطلعناه على فحوى معلوماتنا فذهب قائلا: “إن من يريد أن يكتب عن هذا الموضوع من غير وثائق تثبت ذلك فهو خائن وسيدمر الواقع الزراعي للمملكة”.
نظرنا للأمر بتمعن أكبر، فذهبنا إلى مختبرات الجمعية العملية الملكية، التي حولتنا بدورها إلى قسم الهندسة الميكانيكية في الجمعية، والذي بدوره حولنا الى مؤسسة أخرى.. ومن جهة الى جهة، وحفاظا على مقدرات المملكة ارتأينا في “الحقيقة الدولية” طي الصفحة وكتمان ما نملكه من معلومات، كان مصدرها شخصية مسؤولة ومطلعة وقريبة جدا من أصحاب الاختصاص.
الذبول التبقعي
وبعد حين من الزمن، خرجت إلى الملأ أصوات مئات المزارعين في الأغوار الشمالية، تئن بفعل ما أصاب مزروعاتها من ضرر جراء ما عرف بـ “مرض الذبول التبقعي”.
تلقفنا الموضوع كأي مؤسسة إعلامية أخرى، سعت وبحثت عن أسباب هذا المرض، وطالبنا الحكومة بتعويض المزارعين عما أصابهم.
لكن ذات المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، خرج إلينا بمعلومة جديدة مفادها أن “المياه الملوثة القادمة من إسرائيل هي سبب انتشار الفيروس في مئات الدونمات المزروعة بالبندورة”.
المصدر قال: إن “الأراضي المصابة بالمرض كانت تسقى من مياه ملوثة تسحب بصورة غير رسمية من مياه نهر الأردن عن طريق ماتورات وبرابيش وتحت مرأى سلطة وادي الأردن”.
وبين أن “الجمعية الألمانية أجرت فحوصا مخبرية على عينات من البندورة أخذت من الأراضي المصابة بالمرض، وبينت النتائج أن الفيروس الذي أصاب البندورة مصدره المياه الملوثة القادمة من إسرائيل”.
وتساءل المصدر عن توقيت إصابة المزروعات بمرض يحمل فيروسا هو الأول من نوعه في الأردن، على حد تعبير مزارعين التقتهم “الحقيقة الدولية” في الأغوار الشمالية، مع ظهور قضية تلوث المياه.
لكن المهندس الزراعي كمال ساري بين أن المرض موجود أصلا في الأردن منذ عشر سنوات، بيد انه لأول مرة يحمل في طياته فيروسا. وأضاف أن “تلوث المياه يضعف النبتة، لكنه لا يسبب الفيروس”.
يشار الى أن المياه التي يتم سحبها من نهر الأردن هي مياه مالحة تخزن في برك اصطناعية بالمزارع حيث يتم خلطها بالمياه التي تضخها سلطة وادي الأردن لتخفيف ملوحتها قبل سقاية المزروعات.
وباعتراف عدد من المزارعين، فإن الأراضي التي تضررت جراء المرض هي التي تسقى بمياه يتم جرها من نهر الأردن، مشيرين الى أن المياه التي تصرف لهم من سلطة وادي الأردن غير كافية لسقاية أراضيهم، حيث يلجأون الى تركيب ماتورات ومد برابيش من النهر إلى مزارعهم لسقايتها.
وأكدوا ان الجهات المعنية في وزارتي الزراعة والمياه أجرت فحوصات مخبرية على عينات من المياه المستخدمة في سقاية المزروعات وبعض الشتلات الزراعية، لكن”الحقيقة الدولية” لم تتمكن من الحصول على معلومة تفيد بنتيجة هذه الفحوصات.
إلا أنهم بينوا لـ “الحقيقة الدولية” أنهم يقومون بذلك منذ زمن بعيد، ولم يسبق ان تضررت أراضيهم قبل اكتشاف تلويث إسرائيل للمياه الأردنية في قناة الملك عبد الله. وزعموا أن مياها ملوثة فاضت على أراضيهم لمدة ثلاثة أيام، مطالبين بتعويضهم عما أصابهم من ضرر.
حازم الناصر
وزير المياه والري السابق والنائب حازم الناصر استبعد في حديث لـ «الحقيقة الدولية» أن يكون تلوث المياه سببا في ظهور مرض الذبول التبقعي، لكنه أكد في الوقت ذاته أن كثرة استخدام المياه الملوثة في سقاية المزروعات يسبب لها مرضا على المدى البعيد.
ورغم تأكيد الناصر ان مياه نهر الأردن لا تستخدم في سقاية المزروعات، قال الجمعاني ان سلطة وادي الأردن تغض الطرف عن استخدام مزارعين لمياه نهر الأردن وبعض الينابيع المتواجدة بالمنطقة، باعتبارها خارج التنظيم ولها مصادر مياه خاصة بها غير تابعة للسلطة، الأمر الذي أكده المزارعون الذين يمدون أنابيب لسحب المياه من النهر.
وبين المصدر ذاته، انه تم التخلص من المياه الملوثة بفعل إسرائيل في نهر الأردن، ما يثبت فرضية إصابة المزروعات بالذبول التبقعي جراء استخدامها لهذه المياه.
واستغرب الناصر «استخدام مياه نهر الأردن في زراعة الأراضي» بقوله «هذه معلومة جديدة».
اشتال مستوردة حاملة للفيروس
بدوره، قال أمين عام وزارة الزراعة للثروة النباتية عدنان عبد النور لـ «الحقيقة الدولية» ان حشرة «تربس» المسببة للمرض متواجدة منذ الثلاثينات في العالم اجمع، لكنها حملت الفيروس بفعل الأحوال الجوية التي شهدتها المملكة مؤخرا.
وأرجع سبب انحصارها في منطقة الأغوار الشمالية وحول وحدات زراعية معينة الى ان الإصابة حدثت في نبته أو نبتتين فقط، ما أدى الى انتشارها الى 500 دونم في منطقة الأغوار الشمالية، مشيرا الى انه تم رش المزروعات بأدوية للسيطرة على انتشار المرض، وليس القضاء عليه.
بيد أن المهندس ساري أكد لـ «الحقيقة الدولية» ان «حشرة تربس لا تنتقل عن طريق البذور أو المياه لأنها تموت بعد مرور خمس ساعات على وجودها في الماء»، متفقا مع عبد النور بان الظروف الجوية ساهمت في انتشارها.
وحول إمكانية ان تكون البذور القادمة من إسرائيل حاملة لهذا المرض أشار المهندس إلى ان «الاشتال القادمة من إسرائيل وغيرها جميعها حملت الفيروس».
جولة في الأغوار الشمالية
«الحقيقة الدولية» وفي جولة لها في مزارع الأغوار الشمالية في منطقة الديات والزور، التقت بمجموعة من المزارعين المتضررين من المرض، الذي أكدوا أنهم خسروا أكثر من 1000 دونم من الأراضي المزروعة بالبندورة.
وبينوا ان وزارة الزراعة أجبرتهم على حرق بعض مزروعاتهم المصابة بالفيروس.
وقال المزارع عبد الرحمن غانم، والذي يمتلك 25 دونما: ان «هذه المرة الأولى التي يواجه فيها المزارع الأردني هذه المشكلة في حياة الزراعة الأردنية، بحيث يتم إصابة البندورة بتبقع، ومن ثم تنشف البندورة بشكل كامل، حيث تصل نسبة نجاح حبة البندورة الى 70%.
كما أشار مزارع آخر، فضل عدم ذكر اسمه، الى ان الكثير من المهندسين الزراعيين يقفون عاجزين أمام تحليل هذا الفيروس رغم تأكيدهم على أن البندورة مصابة بحشرة «تربس» (الذبابية البيضاء).
وبين ان الفحوصات المخبرية زعمت ان «المياه ليست لها علاقة بهذا الفيروس وانه كان يقوم بسقاية البندورة كل ثلاثة أيام وقد تفشى المرض بالبندورة منذ شهرين بالتزامن مع كشف المياه الملوثة التي تم التخلص منها في نهر الأردن».
وأضاف أن جميع المزارعين في المنطقة يسقون أراضيهم من مياه النهر عبر أنابيب، مشيرا الى ان نتائج الزراعة العام الماضي عن نفس الفترة كانت أفضل بكثير.
ولفت الى أن هناك وحدات كثيرة وعلى الأخص مناطق الزور التي يتكاثر بها الفيروس «بطريقة خطيرة».
وأوضح غانم أن «جميع الأدوية التي تم فيها مكافحة المرض لم تفلح في ذلك رغم رش البندورة بمبيدات عديدة».
وأضاف أن «أحد المهندسين الزراعيين المنتدبين من وزارة الزراعة قام بمراجعة المنطقة للاطلاع على البندورة، إلا انه لم يعلق على ما شاهد».
وبين «أننا مزارعون منذ عقود لكننا لم نشاهد مثل هذا الفيروس»، مشيرا الى ان البطاطا وصلها المرض في مرحلة متأخرة.
وقال «ليس هناك علاج للفيروس لأن الأدوية التي استخدمتها وزارة الزراعة هي لقتل الحشرة التي تصيب البذور فقط.
تكلفة الرش
المزارع بركات احمد مرزوق، قال: «هناك وحدات زراعية تم شطبها، مرجحا قدوم المرض من ناحية الشريعة وتحديدا من منطقة الكتار من الجانب الإسرائيلي» مستندا في ذلك على انه «كلما اتجهنا إلى الأمام كانت الإصابة خفيفة».
وأشار مرزوق الى ان «هناك إصابات حدثت في البصل وانه تم حرق كميات من الوحدات المزروعة بالبندورة المتضررة» مبينا ان «الحالة تسوء ولم يتوقف زحف الفيروس».
وانتقد مرزوق تكلفة الرش، مؤكدا ان تكلفة الرشة الواحدة تبلغ 350 دينارا، في حين تم رش الأراضي بحوالي 12 الى 20 رشة، ولم تتحقق الفائدة المرجوة. وقال انه يتم سقي المزروعات من نهر الأردن.
المصدر : الحقيقة الدولية – عمان – نعمت الخورة - تصوير : سيف الكردي 5.5.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
المفضلات