الرشق: مستعدون لتقديم تنازلات في جميع الملفات باستثناء البرنامج السياسي
عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية حماس لـ "للحقيقة الدولية":
الرشق: مستعدون لتقديم تنازلات في جميع الملفات باستثناء البرنامج السياسي
عزت الرشق
■ أبدينا مرونة كافية في المفاوضات ولكن الطرف الآخر لم يبد نفس القدر من المرونة
■ متفائلون بنجاح الحوارات في القاهرة لان هناك إرادة حقيقية للوصول الى اتفاق
■ الخلافات العربية لم تؤثر على فشل الحوار وإيران لم تدفع لنا أموالا لإفشاله
■ علينا أن نذهب للمجتمع الدولي بحكومة ذات مواصفات فلسطينية وليست حكومة ذات مواصفات أمريكية
الحقيقة الدولية – القاهرة/ حاوره – مصطفى عمارة
أقر عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عزت الرشق، بعدم حدوث أي تقدم في القضايا الخلافية المطروحة على جدول الحوار الذي يجري في القاهرة بين حماس وفتح.
وقال الرشق في حوار موسع مع "الحقيقة الدولية"، إن المفاوضات ما تزال تراوح مكانها، موضحا أنه بعد 11 ساعة من النقاش لم يتم التوصل إلى شيء، وعلي ضوء ذلك تم تأجيل الجلسة الثانية لنهاية الشهر الحالي.
وأشار الرشق إلى أن "حماس" اصطدمت بتعنت وفد حركة "فتح" وعدم تقديمه المرونة الكافية للوصول إلى حل في قضايا الحوار، مشددا على ضرورة أن تتحلى كافة الأطراف بروح المسؤولية، وعدم التمترس عند مواقف محددة، لأن ذلك لا يساعد في إنجاح الحوار الفلسطيني.
وقال: "نحن في حركة حماس جئنا إلى الحوار بمرونة جادة لإنجاحه، لكننا اصطدمنا بالإخوة في فتح، وأنهم لم يقدموا المرونة الكافية، إضافة إلى تمترسهم عند مواقف محددة".
وأوضح أن الوزير المصري عمر سليمان أبلغ وفد "حماس" أن جملة "احترام الاتفاقيات الموقعة سابقا مع إسرائيل" غير كافية، وأن هيلاري كلينتون طالبت بالالتزام الكامل بشروط "الرباعية"، ما يدل على عدم تغير موقف الإدارة الأمريكية من حماس والحكومة الفلسطينية المقبلة. وتاليا نص الحوار:
الحقيقة الدولية/ ما هي الأسباب الحقيقية لتعليق جولة الحوار الثانية، وهل يعني هذا أنها فشلت؟
الرشق/ خلال جولة الحوار الثانية قمنا بجولة مارثونية من الحوارات الشاملة، استمرت من 10 الى 11 ساعة من الحوار المعمق. وبعد تلك الجولة وجدنا أننا لم نحرز تقدما حقيقيا في الملفات المختلف عليها، ونحتاج الى مزيد من الوقت، وهذا كان سبب تأجيل الحوار الفلسطيني في القاهرة.
وقد طرحت خلال الجولة الثانية أفكار إبداعية سواء من المتحاورين أو من قبل الجانب المصري، وهذه الأفكار المتعلقة بشكل الحكومة وبرنامجها السياسي تحتاج الى مزيد من الوقت لدراستها والعودة الى القيادات والمؤسسات العليا، للمشورة والرأي واتخاذ القرار فيها.
ومن هذا المنطلق تم الاتفاق على تأجيل الجولة الثانية للحوار الفلسطيني في القاهرة، على ان يستأنف في السادس والعشرين من نيسان الحالي. وقد قدمنا للأخوة في فتح والجانب المصري مقترحين لهذه الإشكاليات العالقة في بعض الملفات ومنها الحكومة الانتقالية وبرنامجها السياسي، الأول يقضي بتشكيل حكومة دون الإشارة الى برنامج سياسي، بحيث يكون عملها داخليا في توحيد مؤسسات السلطة وتأهيل الأجهزة الأمنية، ورفع الحصار وفتح المعابر، وتهيئة الأجواء أمام الانتخابات الرئاسية والتشريعية، والثاني تشكيل حكومة ترتكز على البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية التي جاءت بعد اتفاق مكة، بيد أن المقترحين رفضا من جانب فتح التي تريد برنامجا سياسيا يقوم على الاعتراف بإسرائيل والالتزام بشروط الرباعية.
الأمر كان بهذه الصورة ولا شيء غير ذلك، وهو يعني بكل بساطة أن الحوار لم يفشل، ولن يفشل في الجلسات الحوارية القادمة، لأن هناك إرادة حقيقية لإنجاحه وهو الأمر الذي يتفهمه الإخوة المصريون جيدا، وعليه الرهان اليوم.
الحقيقة الدولية/ ومن برأيكم يتحمل مسؤولية فشل جولة الحوار الثانية؟
الرشق/ حركة حماس أبدت مرونة كبيرة في التعاطي مع القضايا العالقة بيننا وبين الأخوة في حركة فتح، خاصة الملفات التي اختلفنا عليها مع فتح، وهي قضية برنامج الحكومة وقضية الانتخابات وقانونها، بالإضافة إلى ملف توحيد الأجهزة الأمنية.
ولكن للأسف لم نجد تلك المرونة لدى الطرف المقابل وعلى سبيل المثال لا الحصر، بالنسبة لملف الأجهزة الأمنية تمسكت حركة فتح بضرورة إصلاح الأجهزة الأمنية في غزة دون الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، ونظرا لخطورة تلك القضية التي تسببت في الصدامات الماضية وعمقت الانقسام، فلقد طلبنا من الأخوة في فتح إصلاح الأجهزة الأمنية في الضفة وغزة في نفس الوقت، وان يعاد بناؤها على أسس مهنية غير فصائلية، وان يتم إصلاح الخلل في تركيب تلك الأجهزة وبنيتها وعقيدتها الأمنية، لان استمرار هذا الخلل يؤثر بالسلب على الأمن الاجتماعي والأمن الأهلي، ولكننا لم نجد التجاوب الكافي من قبل الأخوة في حركة فتح.
الحقيقة الدولية/ ولكن هناك اتهامات من الطرف المقابل بان حماس لم تبد المرونة الكافية لإنجاح الحوارات في القاهرة؟
الرشق/ هذا كلام غير صحيح فلقد أبدينا مرونة كبيرة في المفاوضات وتحدثنا بكل صراحة مع فتح عن تصورنا للحكومة المقبلة ومهامها والتي حددناها في ثلاث مهام، الأولى إنهاء الاقتتال الفلسطيني، والثانية تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، والثالثة إيجاد تسوية لرفع الحصار من خلال المجتمع الدولي.
وقد أبدينا استعدادنا لتقديم تنازلات بما يحقق البندين الأول والثاني من خلال تشكيل الحكومة والانتخابات، وهذا أيضا يحتاج الى تنازلات من الجانب الآخر.
أما بالنسبة للبند الثالث والمتعلق برفع الحصار فإننا يمكننا ان نحقق نسبة منه ولكننا لا نستطيع الاستجابة لكل شروط المجتمع الدولي، والخاصة بالبرنامج السياسي لان هذا يعني تشكيل حكومة بالشروط الأمريكية وهذا أمر نرفضه بالكامل، ونحن نسعى لتشكيل حكومة فلسطينية تستجيب لحاجات الشعب الفلسطيني.
نحن لدينا شعور يقيني بأن الأخوة في "فتح" يريدون أن يستفردوا بالقرار في المنظمة، وأن يضعوا جميع مفاتيحها في جيوبهم، وما نخشاه تكرار ما حدث قبل أربع سنوات في تلك القضية، فنخرج باتفاق على الورق فقط دون تطبيق.
مأزق أمريكي
الحقيقة الدولية/ وهل جاء مدير المخابرات المصري عمر سليمان بجديد من واشنطن يسهم في رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وتشكيل حكومة فلسطينية؟
الرشق/ أطلعنا الوزير عمر سليمان على نتائج جولته في واشنطن، وقال ان الإدارة الأمريكية أبلغته ان تشكيل حكومة فلسطينية على أساس احترام التزامات منظمة التحرير وبرنامجها ليس كافيا ولابد من الإعلان عن التزام أي حكومة فلسطينية بما وقعت عليه منظمة التحرير من اتفاقات.
وأبلغنا سليمان أيضا أن احترام الاتفاقيات الموقعة سابقا مع إسرائيل غير كافية، وأن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية طالبت بالالتزام الكامل بشروط الرباعية، ما يدل على عدم تغير موقف الإدارة الأمريكية.
الحقيقة الدولية/ وما هي رؤيتكم لكيفية الخروج من هذا المأزق؟
الرشق/ نعتقد أن ما نحن فيه اليوم يحتاج لموقف فلسطيني موحد في مواجهة التحديات التي تواجهنا، يسير بالتوازي معه ضمانات مصرية على اعتبار أنها راعية الحوار، وإسناد عربي، عندها لو تحقق ذلك فسنتمكن في تلك اللحظة من فرض خياراتنا كفلسطينيين وكعرب على المجتمع الدولي لان إرغام طرف واحد على دفع كل فاتورة الاشتراطات الدولية لن يؤدي الى تحقيق المصالحة أو الاستقرار الفلسطيني وعلينا ان نذهب للمجتمع الدولي بحكومة ذات مواصفات فلسطينية وليست حكومة ذات مواصفات أمريكية مفروضة علينا.
تأثير الخلافات العربية على الحوار
الحقيقة الدولية/ ما مدى تأثير الخلافات العربية وخاصة الخلافات التي ظهرت مؤخرا بين مصر وقطر على فشل جولة الحوار الفلسطينية الثانية في القاهرة؟
الرشق/ الخلافات العربية لم يكن لها أي تأثير على الحوار الفلسطيني، فلم يحدث أي نوع من التدخلات العربية في الحوار، ولكن كانت هناك أسباب ذاتية وموضوعية أدت الى عدم وصول الحوار للنتائج المرجوة.
الحقيقة الدولية/ ولكن هناك من يقول ان إيران دفعت مبلغ 2 مليار لحماس لإفشال الحوار؟
الرشق/ هذا كلام سخيف ولا يستحق الرد عليه أبدا
إعمار غزة
الحقيقة الدولية/ هناك من يقول إن حماس جاءت الى الحوار في القاهرة للحصول على مساعدات إعمار غزة، فما تعليقك على هذا الكلام؟
الرشق/ حركة حماس لم تذهب إلى القاهرة من أجل الحصول على أموال الإعمار أبدا، بل إنها منذ اليوم الأول دعت للحوار وتجاوبت مع كل الوساطات لإنهاء حالة الانقسام والتي نعتبرها طارئة، ولا يجب ان تبقى في داخل الكيان الفلسطيني، وبذلنا كل الجهود لإنجاح الحوار الفلسطيني وكان وفد حماس في جولات الحوار هو اكبر الوفود وهذا دليل على جديتنا.
الحقيقة الدولية/ ماذا فعلت حماس لإنهاء معاناة أهالي غزة التي تسبب بها العدوان الصهيوني؟
الرشق/ نحن في حركة حماس بذلنا كل الجهد لإنهاء تلك المعاناة المتواصلة منذ أكثر من عامين، ونحن لم نترك شعبنا لوحده يواجه آثار الحصار الإسرائيلي، بل وقفنا إلى جانبه وعانينا كما كان يعاني وتحملنا جميعا آثار هذا الحصار الخانق، ودخلنا مع شعبنا في مواجهة العدوان الإسرائيلي في غزة.
وقد تجاوبنا مع كل الوساطات لإنهاء معاناة أهلنا في غزة، سواء في موضوع التهدئة أو صفقة شاليط، ولكن الطرف الإسرائيلي هو الذي افسد الجهد المصري في تلك الملفات.
والإخوة في مصر يعرفون ذلك وأبدينا مرونة كبيرة في المفاوضات مع فتح لإنهاء حالة الانقسام سواء في تشكيل الحكومة أو الانتخابات ولكن وكما قلت لك نحن لا يمكن ان نقدم تنازلات في البرنامج السياسي لان هذا يهدد تضحيات الشعب الفلسطيني، صحيح ان هذا الشعب يعاني ولكنه ليس على استعداد للتفريط بكرامته.
حيادية مصرية
هل تلمستم حيادية الطرف المصري في الحوارات السابقة والحالية؟
الرشق/ الجانب المصري أظهر طوال فترة جولات الحوار الثلاث حيادية مطلقة وملحوظة في التعاطي مع الجميع بشكل موحد، وأنه يسعى دائما إلى تقريب وجهات النظر، كما تم الاتفاق مع الجانب المصري على رفع هذه الجولة من الحوار "لحين دراسة الأفكار المطروحة مع كافة القيادات".
الحقيقة الدولية/ هل كان لديكم حديث مع الجانب المصري حول الأزمة الإنسانية في غزة، وفتح المعابر؟
الرشق/ تحدثنا خلال وجودنا في القاهرة مع القيادة المصرية حول ضرورة فتح المعابر، وطالبناهم بضرورة وجود حل استثنائي، وبوجوب إدخال المساعدات والمواد الإغاثية ومواد البناء حتى يتم ترميم البيوت المهدمة، وقد تلقينا وعودا من الوزير عمر سليمان بدراسة هذا الأمر.
الحكومة الصهيونية المتطرفة
الحقيقة الدولية/ ما تأثير وصول حكومة يمينية متطرفة في كيان العدو على عملية السلام؟
الرشق/ وصول حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة الى الحكم رسالة واضحة لكل من راهن على عملية السلام انه واهم وهذه الحكومة لم تأت بجديد لان الحكومات السابقة سلكت نفس الطريق فالأحزاب والشعب الإسرائيلي غير معني بالسلام ولا يعرفه أبدا.
الحقيقة الدولية/ وهل تتوقعون صداما بين الحكومة الصهيونية والإدارة الأمريكية الجديدة؟
الرشق/ هذه الحكومة سوف تصطدم مع كل العالم بما فيها الإدارة الأمريكية الحليفة لها لأنها تهدم الطرح الذي تبنته الإدارات الأمريكية السابقة من إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، ويجب علينا كعرب ان نستغل هذا الموقف لإقناع العالم بان إسرائيل لا تريد السلام.
الحقيقة الدولية/ في ضوء المعطيات التي أفرزتها جولة الحوار الثانية هل انتم متفائلون بنجاح أية جولات قادمة؟
الرشق/ نعم نحن متفائلون لأننا دخلنا في عمق القضايا العالقة وهناك أجواء يمكن التفاهم فيها، ولكن نريد الوصول الى رزمة واحدة من الاتفاقات وهناك أفكار جديدة تحتاج الى بحث ولكن هناك إرادة حقيقية للوصول الى حل شامل.
المصدر : الحقيقة الدولية – القاهرة/ حاوره – مصطفى عمارة- 12.4.2009
رد مع اقتباس
المفضلات