فك الوطا
بقلم : الداعي بالخير
صالح صلاح شبانة - -

ليس غريبا ان تختلط التعابير التراثية الشعبية بالتعابير السياسية والامور الحياتية وارجو ان لا يتهمني البعض بتجاوز الخطوط الحمراء او قلة الادب لما اتناوله في هذه التعابير «فك الوطا» كما عبر عنه التراث الشعبي هو خلع الحذاء، ويراد به المبلغ الذي يدفعه العريس للعروس من اجل ان تخلع حذاءها قبل الخلوة الشرعية و«يؤخذ العريس العروس»بعد «ما روحوا المعازيم مثل التيوس»!!

لله در هذه الامثال كم تحمل من الحكمة حتى ولو كانت الفاظها «دفشه» يبدأ العروسان بتناول طعام العشاء «انا شخصيا لم اتناول الطعام طوال ذلك اليوم»!! وذلك من اجل توثيق عرى الالفة بين الزوجين، وبعد الطعام تأتي مرحلة «فك الوطا» فهي اكثر سفها من الافلام التي يعرضها التلفزيون بالصوت والصورة «ناقصة ريحة العطر»!!، فيطلب العريس من عروسه ان تخلع ثوبها المطرز، وهي لا تفعل ذلك الا بعد ان يقدم لها خمسة قروش «شلن» يا بلاش!! «بس بقي الشلن يسوى»!!! فترفض، وهكذا يستمر في «رش الشلون» حتى يصل المبلغ الى خمسين قرشا.. وهنا تخلع الثوب المطرز والحزام. وحتى المنديل!! وتبقى في الثوب الابيض الداخلي «يا عيب الشوم»!! وبطبيعة الحال فان العروس لن تنتقل الى الفراش الا بعد ان يدفع عريسها عدة شلون اخرى... وهذا ما يسمونه «فك الوطا» يعني عبء اخر على اكتاف العريس ومع ذلك تطالب النساء بالكوتا،،!!

وبعيدا عن المشهد التراثي، ترى كم يختلف المشهد السياسي عن المشهد التراثي؟؟

كم يختلف ما يحدث على الارض مما نستخرجه من الذاكرة لكي نتحسر على لحظات بسيطة جميلة لم نعد نستطيع الحصول عليها في ظل التطور الهائل في مرافق الحياة؟؟ كم على العراق ان يدفع ملايين ومليارات من نفطه ودم اولاده ثمن «فك الوطا» لامريكا التي لا يرضيها الا ان تسرق كل خيرات ومقدرات الخليج العربي الذي يعوم على بحار من الذهب الاسود ومعظم شعبه محروم من هذه النعمة التي تحولت الى نقمة من هذا الخير الذي تحول الى ويلات، عليه ان يصرف بحجمها من دم ابنائه.. ومن ماء وجوههم من كرامتهم كامم دخل عليها الاستعمار من باب الثروة.

يحاول العراقيون، والفلسطينيون «فك الوطا» المحتل، فهو متشابه بالوجه والسلوك والعمل والفعل القبيح، بالهدف والمرام وان اختلف بالاسم والدين فهو احتلال يعشق شرب الدم، وشي اللحم .. وتمزيق الانسان.. فالاول يريد المال بلا شعب، والثاني يريد الارض بلا شعب ويدوس «بوطاه» الثقيل على قلوب الناس اجمعين!!.

«فك الوطا» او «خلو الرجل» الذي يريده الاحتلال لن يكون الا باخر قطرة من دمائنا وبأخر شهيد من ابناء امتنا وما يحدث على الارض في غزة هاشم، وفي فلوجة العز، هو محاولة لخلع قدم الغاصب وقطعها، فهو لن «يفك وطاه» بتلك السهولة، مثلما كانت العروس الساذجة ايام زمان «تفك وطاها» بحفنة شلون. وبعدها ينتهي الامر الى حياة مليئة بالحركة والعمل والجهد والانجاب والتربية!! لقد اتى الامريكيون الى العراق للاستيلاء على اخر معاقل القوة في الشرق واغتيال الاسد الذي كان يحافظ على الغابة ويصون المال لاهله.. الان المال مستباح والنفط والدم وجثث الشهداء وقتلى الامريكان حيث تلف النعوش بالاعلام الامريكية ثمنا لحلم سمج حاول الماسونيون والصهاينة تمريره من عشرات السنين، وحملوه للحمار الديمقراطي مرة، وللفيل الجمهوري مرة اخرى.. فحمله الفيل الجمهوري، لانه مثل الانسان الذي حمل الامانة فكان ظلوما جهولا.. لقد بدأ الفيل في عهد بوش الاول.. واوقف الحمار الديمقراطي مسيرة الزحف المشؤوم لمدة ثماني سنوات في عهد بيل كلينتون «واشرب ميته» واكمل الفيل المسيرة وسيفك وطاه رغما عنه بعد ان تنقطع رجله.. بعد ان يبترها العراقيون في الفلوجة والرمادي وسامراء..