اجتماعات العرب بالدول اللاتينية تصاب بعدوى فشل قمة الدوحة
محللون سياسيون يرسمون لـ "الحقيقة الدولية" ملامح العلاقة الجديدة بينهما
اجتماعات العرب بالدول اللاتينية تصاب بعدوى فشل قمة الدوحة
الحقيقة الدولية – عمان – نعمت الخورة
لم يكد القادة العرب المشاركون في القمة العربية الحادية والعشرين التي عقدت الاثنين في الدوحة، يلملمون أوراقهم ويلتقطون أنفاسهم من قمة لم تأت بجديد سوى الكثير من الصراخ والضجيج، حتى بدأت أعمال القمة الثانية للدول العربية ودول أمريكا اللاتينية، الثلاثاء في قطر.
وتهدف القمة التي شارك فيها أغلب زعماء الدول العربية، إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين المنطقتين، خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية، بعد ارتفاع حركة التبادل التجاري إلى ثلاثة أضعاف منذ القمة العربية اللاتينية الأولى التي عقدت في البرازيل عام 2005.
وشارك في القمة ثلاث وثلاثون دولة، اثنتان وعشرون عربية وإحدى عشرة أمريكية جنوبية لمناقشة ما تم إنجازه من خطوات على طريق التعاون والتنسيق بين أعضاء هذا التجمع في السنوات الأربع الماضية منذ انتهاء القمة الأولى وحتى الآن.
وأعربت رئيسة شيلي والرئيس الحالي لاتحاد دول أمريكا اللاتينية ميشيل باتشيليت، عن رغبة دول أمريكا اللاتينية "في نقل خبراتنا وما حققناه في منطقتنا إلى الدول العربية". وأكدت باتشيليت أن "العالم يشهد أزمة عالمية مالية طاحنة ومشكلات بيئية تمثل تحديا كبيرا"، الأمر الذي يتطلب "إيجاد صيغة تعاون وحوار مشترك من أجل مواجهة التحديات".
وثمن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مواقف دول أمريكا اللاتينية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وأشار إلى أن أمريكا اللاتينية كان لها مواقف كبيرة في مساندة العرب والمسلمين للدفاع عن تفاعل الحضارات أمام من كانوا يروجون للصراع بين الحضارات.
وكانت البرازيل هي أول من أطلق فكرة عقد قمة بين الدول العربية والدول اللاتينية عام 2003، بالاستناد إلى أن العلاقات العربية اللاتينية تعود إلى أكثر من 500 عام.
علاقات متطورة
ورأى مراقبون ومحللون سياسيون عرب أن القمة اللاتينية فرصة حقيقية لانطلاقة جديدة من التعاون وبناء علاقة إستراتيجية بين الجانبين، لاسيما وأن علاقاتهما شهدت في الآونة الأخيرة نقلة نوعية منذ انعقاد القمة الأولى لهما في برازيليا عام 2005، حيث إن حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والبرازيل ارتفع من ثمانية مليارات دولار عام 2005 إلى 21 مليار دولار العام الماضي.
وبينوا أن حضور عدد كبير من رؤساء أمريكا الجنوبية الذين شاركوا في القمة الثانية العربية الأمريكية الجنوبية في الدوحة ليس من قبيل المصادفة بقدر ما يعود إلى اقتناع هؤلاء الرؤساء بأهمية هذا اللقاء الكبير بين قادة دول المنطقتين وكونه ينعقد أيضاً غداة انعقاد القمة العربية ما يعطي الحدثين معاً نكهة خاصة في المسيرة العربية المراد أن تكون على مستوى الحدث والمسؤولية والتطلع نحوهما بثقة عالية وبقدرة على بداية التغيير المطلوب في واقع ومستقبل هذه الأمة.
وقالوا إن أهمية القمة العربية الأمريكية الجنوبية الثانية في الدوحة تأتي أيضاً من خلال كونها تمثل حدثاً سياسياً مميزاً لجهة الاستفادة من وجود الحشد العربي المتمثل بعدد كبير من قادة الدول العربية، أمام عدد كبير من قادة دول أمريكا الجنوبية ما يجعلهم أمام سيل من المباحثات واللقاءات الثنائية للبحث في بعض الأمور العالقة سواء لتعزيز مجالات التعاون الثنائي أو لتنظيم زيارات متبادلة باعتبار أن الدول العربية ترتبط بالأساس بعلاقات وثيقة مع دول أمريكا الجنوبية، ولاسيما سورية ولبنان ومصر من خلال جالياتهم المنتشرة في تلك الدول، في حين ترتبط دول عربية أخرى كليبيا والجزائر وقطر والسعودية بعلاقات تعاون مع منطقة أمريكا الجنوبية في مشاريع تتعلق بالطاقة واستيراد المواد الصناعية والزراعية، إضافة إلى ذلك، فإن الجاليات العربية المتواجدة في دول أمريكا الجنوبية تشكل مجتمعة نسبة مرتفعة من سكان القارة تقدر مابين 10-15 بالمائة وهو عدد مرتفع لا تعرفه أية قارة أخرى.
تكتلات كبرى
وأكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد مصالحة، ان قضية الحوارات العربية الدولية مهمة جدا، وهكذا كان انطلاقها بعد حرب تشرين الأول التي حدثت بعدها مجموعة من الحوارات على المستوى الأوروبي وعلى المستوى الإقليمي.
وأضاف مصالحة ان ميزة هذه الحوارات أنها تقدم العرب كمجموعة لها صوت موحد وتتعامل بالعلاقات الدولية على أساس ثقلها التكاملي مما يحقق كسبا للقضايا العربية التي بحاجة الى دعم دولي وتعزيز العلاقات التجارية بين العالم العربي وهذه الدول إضافة الى ظهور العرب كمجموعة سياسية واقتصادية موحدة.
وأوضح مصالحة ان التغيب العربي عن القمة يعود لأسباب مختلفة لكل دولة ولكن السبب الرئيسي يعود الى عدم نضوج أهمية الحوارات العربية الدولية لدى بعض الدول العربية.
وبين مصالحة ان المطلوب من الإعلام بشكل أساسي العمل على تسليط الضوء على أهمية هذه الحوارات خصوصا أننا في وضع تكتلي وليس كما الماضي الذي كانت فيه العلاقات الثنائية هي السائدة، مشيرا الى ان الدبلوماسية متعددة الأطراف ومنها دبلوماسية المؤتمرات والتكتلات إضافة الى دبلوماسية التعاون بين المنظمات على مستوى الأقاليم هي الرائجة وهي التي تكسب الرهان.
ولفت مصالحة الى ان التقصير من قبل الدول العربية في موضوع الالتفات لمؤتمرات أمريكا اللاتينية يعود الى عدم تقدير هذه الحوارات تقديرا كافيا، مبينا ان الموضوع يربط أحيانا بالجانب السياسي.
وأكد مصالحة ان المطلوب من الدول العربية التحرك كمجموعة كما ان المطلوب من جامعة الدول العربية ان تقدم أوراق عمل ناجحة وناجعة تشرح جيدا أهمية هذا الحوار مع دول أمريكا اللاتينية لأنها تبدو اليوم كقوة ناهضة تواجه سياسة الدول الأمريكية داخل القارة الأمريكية والمستوى الدولي.
وأشار مصالحة إلى ضرورة إعادة النظر في الميثاق الدولي، لافتا إلى ان الكتل الدولية ودول العالم بصدد مراجعة دولية لأسس النظام الاقتصادي الحر وان قضية الحوارات سوف تكسب أصواتا للدول العربية حينما تتبنى موقفا ما من طبيعة النظام الاقتصادي الأكثر عدالة وتوازنا على مستوى العالم.
وحول ما يتعلق بان انفتاح الدول العربية على دول أمريكا اللاتينية جاء ردا على الانفراد الأمريكي الإسرائيلي في الشرق الأوسط، قال مصالحة ان هناك تغيرا في السياسات والتوجهات الأمريكية الحالية من حيث التركيز على مبدأ التفاهم والحوار، ولا اعتقد ان في انفتاح العرب على أمريكا اللاتينية يشكل ضيرا على العلاقات العربية الأمريكية.
ضرورات ملحة
من جانبه قال الكاتب سلطان الحطاب "اعتقد ان الأمريكان اللاتينيين يقرأون المستقبل أفضل مما تقرأه القيادات العربية لان المستقبل قائم على مستوى التعاون والتعاضد الاقتصادي، مشيرا الى ان العرب فقدوا في الماضي كتلة عدم الانحياز التي كانت تضم عددا كبيرا من دول أمريكا اللاتينية.
وأضاف ان معظم دول أمريكا اللاتينية تعتقد ان هناك ضرورة لإعادة تحشيد قواها في وجه العولمة والهيمنة الأمريكية، فيما ما تزال الدول العربية منشغلة في انقسامات الإقليم العربي.
ودعا الدول العربية الى الاهتمام بعلاقاتها مع دول أمريكا اللاتينية عبر تعزيز التعاون في مجال البيئة والاقتصاد.
وأشار الى ان دول أمريكا اللاتينية تدرك خطورة هيمنة أمريكا على القرار الغذائي في العالم، حيث أصبحت هناك تحولات عديدة في هذه الدول وعلى رأسها البرازيل.
وأوضح ان التأثير الأمريكي في الدول العربية وخاصة النظام العربي يلعب دورا في إبقاء القيادات العربية بعيدة عن التعامل مع أنظمة يسارية في أميركا اللاتينية، على عكس الشارع العربي الراغب بالتعامل مع مثل هذه الأنظمة.
وقال ان استمرار انقاد القمة العربية اللاتينية ضرورة ملحة، حتى لو لم تنجح في الوقت الراهن، كون دول أمريكا اللاتينية تتطلع للعب دور في الدول العربية.
المصدر : الحقيقة الدولية - عمان
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
المفضلات