احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: ما معنى الإحساس بالمسؤوليّةِ الذاتيّةِ

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669

    ما معنى الإحساس بالمسؤوليّةِ الذاتيّةِ







    إذا أنت قطعتَ إشارة المرور وهي حمراء، فإنك مسؤولٌ قانونياً عن فعلك هذا، وهي مسؤولية جزائية، قد تُرتِّبُ عليك الحبس أو الغرامة . وإذا صدمتَ السيارة التي أمامك فلحق بها ضرر، فإنك مسؤول قانونياً أيضاً عن فعلك هذا، وهي مسؤولية مدنيّة ترتِّبُ عليك ضمان الضرر والتعويض عنه . أما إذا كنت مسؤولاً في مؤسسة عامة أو خاصة، فلا بد أن ثمة مهام تكون منوطةً بك، أو نتائج أنت مكلّف بتحقيقها، ولا بد أن مسؤولية إدارية ستقع عليك إنْ لم تؤدِّ ذلك العمل أو لم تحقق تلك النتائج، وقد يترتب على ذلك الفصل من العمل أو الإنذار أو الحرمان من الترقّي أو ما إلى ذلك . وكذلك الحال فبوصفك عضواً في المجتمع فأنت مسؤول عـن أداء بعض الواجبات الاجتماعية خاصة حيال الأقارب والأصدقاء والجيران، وربما تخلَّفت عن زيارة مريض أو بيت عزاء أو فرح، فعوقبتَ باللوم أو الإعراض أو المعاملة بالمثل، وتلك مسؤولية اجتماعية . .
    ورغم أن مجال حديثنا هنا ليس أيَّ واحدٍ من مفاهيم المسؤولية التي أشرنا إليها، فمجال الحديث وموضوع هذا المقال هو المسؤولية الذاتية والإحساس بها، أقول، رغم ذلك فإن إشارات المقدمة السالفة، قصدتُ بها الإيماءَ إلى أن مفاهيم المسؤولية متعددة، يحددها المجال الذي نخوض فيه، أو السياق الذي نستخدم الكلمة من خلاله . لكن سواء أكانت المسؤولية قانونية (مدنية أو جزائية) أم إدارية أم اجتماعية فهي تعبر عن (صفةِ مَنْ يُسألُ عن أمْرٍ تقعُ عليه تبعتهُ)، وللمسؤولية دائماً أساس تقوم عليه، فالمسؤولية الجزائية تقتضي توفر العلم والإرادة فيمن يُسأل، والمسؤولية الإدارية تستلزم وجود السلطة والصلاحية التي تُمكِّن من ممارسة العمل واتخاذ القرار بيد المسؤول ليكون مسؤولاً . كما تستوجب المسؤولية الاجتماعية وجود صلة من نوع ما كالقرابة أو الصداقة أو الزمالة أو الجيرة . . ، وبوجه عام فإنّ المسؤولية بأنواعها تترتب على فعل أو امتناع عـن فعل، أي على سلوكٍ سلبي أو إيجابي .
    لكن ماذا عـن المسؤولية الذاتيّة، والإحساس بها، وهي محور هذا الموضوع وأساسه، وما هي علاقتها بالمفاهيم السابقة للمسؤولية ؟ تعني المسؤولية الذاتية أن يكون المرءُ وليَّ أمر نفسه، ويكون المسؤولَ عن تصريف شؤون ذاته، وأن يؤدي أدواره في الحياة، ويؤمن بأن مهام كل دور تقع على عاتقه بشكل أساسي، وأنه يتحمل وحده تَبِعَةَ أعماله وأقواله ومواقفه . وإذا كان مصدر المسؤولية القانونية هو القانون أو العقد أو الفعل الضار أو سوى ذلك، ومصدر المسؤولية الإدارية هو علاقة العمل أو الوظيفة، ومصدر المسؤولية الاجتماعية هـو العادات والتقاليد وثقافة المجتمع، فإن مصدر المسؤولية الذاتية هو الشعور والإحساس بها . وإذا كان مناط قيام المسؤولية الجزائية العلم والإرادة، وشرط المسؤولية الإدارية توفر السلطة والصلاحية، وشرط المسؤولية الاجتماعية وجود علاقة من نوع ما، فإن مناط المسؤولية الذاتية هو ضمير الفرد من الناحية الوجدانية، ونضوجه من الناحية العقلية، وهذان أمران (أقصد الضمير والنضوج) لا يطالهما قانون، ولا يحكمها عقد، ولا تراهما عيون المجتمع مباشرة .
    إن الذين يشعرون بالمسؤولية الذاتية، لديهم إدراك لأدوارهم في الحياة ولمتطلبات كل دور، وإدراكٌ بأن القيام بمهام الدور يقع على عاتقهم وحدهم، فما مِنّا مـن أحد إلاّ وله أدوار متعددة، يرتب على كل دور منها واجبات، سواء أكان دور الأب أو الإبن أو التلميذ أو الموظف أو الزوج أو عضو الأسرة والمجتمع أو المواطن . . أو كل ذلك أو بعضه أو سواه . ولكل دور مقتضياته، والذي يملك الشعور بالمسؤولية يؤدي تلك الأدوار بدافع ذاتي، وليس خوفاً من عقاب أو أملاً في ثواب، حيث أن تلك الأدوار هي محور حياته، والقيام بها هو الذي يحقق له ذاته، ويضمن له المكانة، والإحساس بالرضا عن النفس، والشعور بالإنجاز، واحترام الذات .
    وهي مشاعر وأحاسيس لا يمكن لأحد أن يعيش متوازناً أو سعيداً أو سوياً بدونها، حتى لو اتّبع شتى الوسائل الواعية واللاواعية لتعويض افتقادها وعدم إحساسه بها .
    والذين يشعرون بالمسؤولية الذاتية، يؤمنون بأنهم هُمْ من يَختارُ الاستجابة لمختلف المثيرات التي يتعرضون إليها، فليست الظروف ولا البيئة هي من يفرض سلوكنا وأنماط تفكيرنا وقيمنا ومواقفنا، بل استجابتنا لها ـ باختيارنا ـ هو الذي يحدد ما نحن عليه من ايجابية أو سلبية، تعاسة أو سعادة، مكانة أو ضعة، خيبة أو نجاح، هدوء أو عصبية . وبالتالي فإن من لديهم هذا الإحساس الذاتي بالمسؤولية، لا يقصِرونَ حياتهم على ردود الأفعال، فهم المبادرون إلى الفعل، والسبّاقون إليه، لا ينتظرون أوامر الغير ليقوموا بواجبهم، ولا يستسلمون للظروف لتشكل لهم حياتهم كيفما تشاء .
    إن هؤلاء الذين يحسّون بالمسؤولية الذاتية، يؤمنون بمسؤوليتهم عن نتائج أعمالهم، ولا يبحثون عمّن يتولى تصريف شؤون حياتهم نيابة عنهم، او اضطلاع بمهام أدوارهم بموجب وكالة مطلقة يمنحونها لسواهم، إنهم يقرون بالخطأ إن هم فشلوا، ويعملون على تصحيحه، وإذا واجهتهم مشكلة يبحثون عن الحلول والبدائل، ولا ينتظرون الحل من أحد، فهم مؤمنون بحريتهم في الاختيار وبمسؤوليتهم عن حياتهم .
    ولغياب المسؤولية الذاتية مؤشرات عـدة، يمكن لك أن تراقبها في نفسك وفيمن حولك، لتستشعر أماراتها وقرائنها، وأول ما تلمسه لدى من يفتقدون الإحساس بالمسؤولية الذاتية، هو إلقاء اللوم على الآخر، أو على الظروف، أو على الحظ، أو على المجتمع برُمّتهِ، فلا تكاد تسمع في حديثهم ما يَشْي بأن لهم دوراً، أو أن عليهم واجباً، أو أنهم مسؤولون عن حياتهم وتصريف شؤونهم، فثمة دائماً شخص ما، أو جهة ما، أو عوامل خارجية هي التي تسبب الفشل أو المشاكل أو التقصير، دون أية مسؤولية تقع على عاتقهم .
    وثمة مؤشر آخر مهم ينم عن غياب الشعور بالمسؤولية الذاتية، وهو كثرة التبريرات التي يسوقها الذين يفتقدون هذا الإحساس، وهي تبريرات غالباً ما يُقنعون بها أنفسهم ولو لاشعورياً، ثم ينطلقون لإقناع الناس بها، مهما كانت تلك التبريرات واهيةً أو متاهفتةً أو هشّةً، إنها حُجج وأعذار يحاول مـن خلالها المرء استبعاد الشعور بالذنب، أو وخز الضمير، أو الإقرار بالخطأ، ثم ينبري ليتخذ منها أسلوباً للدفاع عن نفسه أمام الآخرين .
    وفي غياب الشعور بالمسؤولية تلمَسُ التقاعس، والاتكالية، وإحساس المرء دائماً بأنه ضحيّة، خانه الحظ، وعتتْ عليه الظروف، وظلمهُ الناس، ولم تُتَحْ له الفرص، وربما حيكت له المؤامرات والدسائس كذلك .
    وكثيراً ما أشار الذين كتبوا حول المجتمع العربي من وُجْهةٍ إجتماعية ونفسية، إلى ظاهرة عدم الشعور بالمسؤولية الذاتية التي تسود بين أفراده، وهي ظاهرة أكثر ما تلمسها في أدائهم لوظائفهم وأعمالهم، في إنتاجهم وإنجازهم وانتمائهم لمؤسساتهم ولمجتمعهم، ويفَسّر هؤلاء الكتّاب السبب الرئيسَ لهذه الظاهرة بالقمع، وهذا أمر مفهوم ومقنع، فحين يعتاد الطفل أو التلميذ ومن ثم الموظف أو المواطن أو صاحب أي دور في المجتمع أو أي أحد، على أن أداء المهمة مرتبط بالعقاب والخوف فلن يؤديها بعد ذلك بدافع ذاتي، ولن يقوم بها إلا خشية الجزاء، فيغيب الرادعُ الذاتي الداخلي، ويحلُّ مكانه بكل جدارة الرادع الخارجي . وأنّى للرادع الخارجي أن يكون موجوداً في كل لحظة، وأن يتابع كل تفاصيل الحياة، وأنّى له أن يقوم بدور عظيم كدور الرادع الداخلي .
    إذن فهي الحريّة ! أجل الحريّةُ هي أهم شروط الإحساس الذاتي بالمسؤولية، ويا لها هذه الحرية ! يا لها من معنى كبير، ويا لها من شرط لا تقوم كثير من فضائل الحياة بدونها، فلا إبداع ولا تقدم ولا حسَّ بالمسؤولية إلا بها، مع أنها إذا تحققت (أي الحرية ) فلا تكون إلا لقاء ضريبة وثمن .

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474973
    اشكرك غاليتى

    على كل جديد لديكى

    ودى

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sun Jun 2007
    المشاركات
    2,056
    معدل تقييم المستوى
    2260286

  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Tue Oct 2007
    الدولة
    بقلـــب ابي وامي
    المشاركات
    14,701
    معدل تقييم المستوى
    32
    ولغياب المسؤولية الذاتية مؤشرات عـدة، يمكن لك أن تراقبها في نفسك وفيمن حولك، لتستشعر أماراتها وقرائنها، وأول ما تلمسه لدى من يفتقدون الإحساس بالمسؤولية الذاتية، هو إلقاء اللوم على الآخر، أو على الظروف، أو على الحظ، أو على المجتمع برُمّتهِ، فلا تكاد تسمع في حديثهم ما يَشْي بأن لهم دوراً، أو أن عليهم واجباً، أو أنهم مسؤولون عن حياتهم وتصريف شؤونهم، فثمة دائماً شخص ما، أو جهة ما، أو عوامل خارجية هي التي تسبب الفشل أو المشاكل أو التقصير، دون أية مسؤولية تقع على عاتقهم .
    وفي غياب الشعور بالمسؤولية تلمَسُ التقاعس، والاتكالية، وإحساس المرء دائماً بأنه ضحيّة، خانه الحظ، وعتتْ عليه الظروف، وظلمهُ الناس، ولم تُتَحْ له الفرص، وربما حيكت له المؤامرات والدسائس كذلك .

    مشكووورة اختي الاسطورة للموضوع المفيد

  5. #5
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sun Mar 2009
    الدولة
    مكان
    العمر
    35
    المشاركات
    1,226
    معدل تقييم المستوى
    17
    اشكرك على الطرح

  6. #6
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Tue Feb 2009
    الدولة
    من قلب الاردن الحبيب
    المشاركات
    2,980
    معدل تقييم المستوى
    19

  7. #7
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Dec 2008
    العمر
    30
    المشاركات
    4,942
    معدل تقييم المستوى
    20
    يسلمووو على الطرح

المواضيع المتشابهه

  1. مات الإحساس
    بواسطة دلع الأردن في المنتدى خواطر واحاسيس منقوله
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 28-06-2010, 12:24 PM
  2. جـــــــ الإحساس ــــرح
    بواسطة love_jordan في المنتدى عذب الاماكن والمشاعر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-02-2009, 01:30 PM
  3. جرح الإحساس ..
    بواسطة مارسيليا في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 09-01-2009, 09:08 AM
  4. هل لديك هذا الإحساس::.
    بواسطة رمز الوفاء في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 24-03-2008, 09:58 PM
  5. ... أحاسيس لمن يعرف الإحساس ...
    بواسطة أميرة الاحساس في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 12-03-2008, 09:46 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك