الأردن مطمئن على حصته في المنطقة رغم التخوفات من الإهمال الأمريكي
سياسيون أردنيون: الطائرة تحلق رغم ضجر الطاقم وإلحاح الركاب وغياب المعلومات
الأردن مطمئن على حصته في المنطقة رغم التخوفات من الإهمال الأمريكي
الاهمال الامريكي الذي يتصوره محللون اردنيون او يتحدثون عنه لعمان يعبر عن ازمة في البيت الابيض اكثر مما يعبر عمليا عن ازمة في عمق العلاقات الامريكية - الاردنية او عن تصور جديد او مختلف للدور الاقليمي الاردني في سياق مرحلة ما زالت معقدة جدا ومفتوحة على كل الاحتمالات.
ويمكن القول في عمان ان مستويات القرار المركزية مرتاحة ومسترخية ومطمئنة على الحصة الاردنية في لعبة السياسة بالمنطقة اكثر من اي وقت مضى، ليس فقط لأن عمان محطة اجبارية عند اي محاولة للعبور نحو الملفات الحساسة والاساسية في المنطقة، ولكن لانها الاقل تأثرا بمجريات الازمة الاقتصادية الكونية، ولانها صاحبة تجربة طويلة في الصبر والترقب، والاهم لان واشنطن نفسها لم تحدد شيئا بعد.
"القدس العربي" سألت سياسيا رفيع المستوى عن حقيقة القول بأن واشنطن تهمل عمان ودورها، الامر الذي انعكس على المطبخ السعودي والمصري.. فكان الجواب: واشنطن نفسها في ظل ادارة اوباما لا تستطيع تحديد اي شيء ولم تجهز خطة لاي موضوع او ملف حتى نصدق التصور القائل بأن العاصمة الاردنية تخرج من حضن الرعاية الامريكية.
بالنسبة للصحافة الاردنية ولدت تعبيرات خجولة تتحدث عن غياب الدور الاردني الاقليمي واهمال الامريكيين.
وفي مجالسات النميمة السياسية استعرضت نخب غير مطلعة على السياقات مؤشرات مفترضة على ضعف اهتمام الديمقراطيين بالاردن، وكان ابرزها تصورات تحملها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي قيل انها لا تحب عمان كثيرا، وان كانت تحب وظيفتها اكثر من اي شيء اخر. وفي سياق سلوك اللطم السياسي، تحدث البعض عن غياب الدور السياسي والدبلوماسي الاردني وعن مزاجية القيادة المصرية في التنسيق مع عمان وعن اهتزاز التحالف مع السعودية وعن مكاسب تحققها دمشق فقط. ومحليا قرئت تداولات النخب المسؤولة التي جرت مؤخرا على انها دليل للضعف وتشكيك بعدم وجود مطبخ حقيقي في الأردن، ووصلت حمى الترحم على أيام النفوذ الأردني في الماضي حد السعي لتكريس ثقافة الخوف من خطط جهنمية موضوعة أمريكيا وعربيا لإضعاف عمان حتى تقبل سيناريوهات الوطن البديل.
وساند هذه الثقافة تأجيل حسم ملفات وطنية مهمة وحالة التردد التي يظهر فيها المستوى التنفيذي في البلاد ومؤشرات التعديل الوزاري الأخير التي افتقدت للاعتماد المهني واعتمدت على المحاصصة العشائرية والجغرافية في القرن الجديد، كما ساندها الانتشار المفاجئ للحديث مجددا عن الإصلاح على المستوى الحكومي بدلا من ممارسته وتنفيذه على الأرض.
محور هذه التكهنات تأسس على ما يتهامس به الكثيرون حول تراجع حاد بالنفوذ الاردني سياسيا واقليميا، وهو تهامس وجد في مناقلات النخب واختيارات المسؤولين مؤخرا حليفا معززا يؤسس مجده على الشعور بأن الإستراتيجية الوحيدة المقررة في البلاد منذ جاء اوباما للحكم هي عدم تقرير اي إستراتيجية والتعاطي بالقطعة مع المسائل والمشاهد إلى أن تتضح نوايا واشنطن المتجددة في العراق وفلسطين والمنطقة.
وقد يبدو الكلام الأخير منطقيا، لكن المنطقي أكثر هو إقرار بعض السياسيين والخبراء بأن مستويات التحليق الأساسية للطائرة الأردنية في الجو تقاس وتحدد بعيدا عن كل الاعتبارات المحلية الطابع، فالتحريك والميلان والتحليق والانتقال من فضاء لآخر والهبوط والصعود، مسائل يحددها الربان في كابينة القيادة بصرف النظر عن ضجر الطاقم او إلحاح الركاب. معنى ذلك بلغة ابسط ان المعلومات الحقيقية عن ما يجري او ما سيجري غير متاحة للجميع بما في ذلك المسؤولون أنفسهم في البعد الوظيفي والمكلفين بتمرير الملحوظات ما بين الركاب وكابينة القيادة والاهم معناه ان كابينة القيادة هي وحدها التي تجلس في مكان شمولي الرؤية قياسا بمكان الآخرين وبين مجسات حساسة ومعدات قادرة بأسلوب غير مرئي على التعاطي مع كل الاعتبارات.
هذا الوضع وعلى سبيل المثال دفع الملك عبد الله الثاني لطمأنة مواطنيه قائلا بأن الدولة الهاشمية خارج مرمى الخطر الذي يتهدد الدولة اليهودية ومساحة الاطلاع عند القيادة على الأرجح هي التي دفعت الملك وفي مناسبة ثانية لمطالبة النخب بالتوقف عن طرح مخاوف الوطن البديل باعتبارها في ذهن الأردنيين فقط. ونفس المساحة بالضرورة جلبت الرئيس المصري حسني مبارك للعقبة في اليوم التالي لقمة الرياض الرباعية التي امتلأت التقارير الإعلامية بالتساؤلات حول مبررات غياب عمان عنها، وهي نفسها التي ستأتي بعد أيام بالرئيس السوري بشار الأسد لعمان قريبا.
وأوساط القرار ترى بأن الجدل حول تراجع الدور الأردني لا مسوغ له مرحليا ليس لأن عمان مؤثرة جدا في معادلة المنطقة او لديها من المعلومات ما ليس لدى الآخرين، ولكن لان دول المنطقة برمتها لا تزيد من حيث تأثيرها عن عمان ولان العالم العربي المعتدل برمته يجلس في حالة ترقب للنص الأمريكي الذي لم يصدر بعد عن كاتبيه في واشنطن.
ومن هنا لا يرى الأردنيون أنهم بحاجة للاستعراض والمزاحمة ولا يحفلون كثيرا بقصة ارتماء الرئيس محمود عباس في الحضن المصري، لأنهم متيقنون جدا من ان اي حل للقضية الفلسطينية لن ينجز الا عبر ومع الأردن او بعد رعاية مصالحه الحيوية واذا لم يحصل ذلك فأي حل لن يساهم الا في زيادة التعقيد خلافا عن كونه غير ممكن من الجانب الواقعي.
وهم يبدون واثقين بأن استعجال الدور الآن يخفض من المستوى.
فحلقات المعلومات المركزية على اتصال بالقوى الفاعلة في العالم والبدائل دوما متاحة وكذلك العبث دفاعا عن المصالح، وفي الوقت الذي تحيط به مصر بتفاصيل ملف غزة تتصدر الواجهة الأردنية قناعة بأن الخبرة الأردنية حصرا دون غيرها ستكون المطلوبة عند الانتقال للضفة الغربية وعليه فالدور موجود واحتياطي والتعبير الاستعراضي عنه الآن قد لا يكون مفيدا.
وهذا النمط من الإدارة للموقف يفسر عمليا ندرة المعطيات المعلوماتية فالمستجدات تقطر بطريقة خاصة وأحيانا لا يطلع عليها حتى المسؤولين في بعض مستويات التنفيذ وجرعة الثقة بالنفس تحكم حلقات المشهد وقصة تجاوز عمان عند المفاصل الأساسية لا يصدقها أي خصم أو كاره أو حتى معترض على الدور الأردني.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس اللندنية- 16.3.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذباح-الكويت
المفضلات