الأردن... قضية مياه الديسي واحتمال تلوثها إشعاعيا تتفاعل
الأردن... قضية مياه الديسي واحتمال تلوثها إشعاعيا تتفاعل... الجهات العليا تأمر بالتحقيق الموسع .. ووزارة المياه تؤكد صلاحية المياه
أثار تقرير حديث صدر عن مجموعة علماء بينهم أردنيون وإسرائيليون موجة عارمة من الجدل والاستياء حول تلوث إشعاعي في مياه الديسي وهو الحوض المائي الذي يراهن عليه الأردن لتوفير مياه صالحة للاستهلاك لعمان العاصمة.
وصدرت بسبب هذا التقرير الذي أثار الهلع سياسيا بسبب احتمالات التأثير على تمويل مشاريع مياه ضخمة في المنطقة تعليمات من مستويات القرار الحكومية في الأردن بفتح تحقيق في المسألة ومعرفة دور مؤسسات جامعية أردنية في إصداره خلافا للمقاييس التي تعتمدها المؤسسات الرسمية.
وكشفت الدراسة الأمريكية ان المياه من احد المصادر الجوفية في الأردن تحتوي على مستويات عالية من جزيئات مُشعة تتكون في الطبيعة وترتبط بالإصابة ببعض أنواع السرطان، الأمر الذي يمثل خطرا على صحة الاف الأشخاص الذين يشربون هذا الماء في الأردن.
التقرير الذي أصدرته جامعة ديوك في الولايات المتحدة اعد بالتعاون مع جامعة البلقاء التطبيقية وشارك به كل من رئيس الجامعة الدكتور عمر الريماوي والدكتور عبد الله الزعبي المتخصص في الهندسة الجيوفيزائية والدكتور عماد عكاوي وجامعة بن غوريون في إسرائيل.
ونشرت وكالة (رويترز) للإنباء دراسة لخبراء حول مياه الديسي قالت ان تلك المياه تحتوي على مستويات إشعاع أعلى بـ(20) مرة من المستوى العادي.
من جانبها قللت وزارة المياه والري الخميس من أهمية التقرير الأمريكي مؤكدة مطابقة المياه الأردنية، من ضمنها الديسي، لمعايير المواصفة المعتمدة بما فيها الإشعاعية.
وأكد وزير المياه والري رائد أبو السعود ان الوزارة تحرص على تأمين الاحتياجات المتزايدة للمواطنين وخصوصا مياه الشرب وفق أفضل المواصفات من خلال إدارة المختبرات المركزية بالتعاون مع وزارة الصحة والوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان إيصال مياه آمنة وصحية ومطابقة لمواصفة مياه الشرب الأردنية.
ونفى ابو السعود ما جاء في التقرير، مجيبا فقط بما يتعلق بمياه الشرب دون ان يجيب مباشرة فيما يخص مياه الديسي.
ولم تجب تصريحات الوزير كذلك عن كيفية اخذ هذه العينات ومن هي لجنة الباحثين هذه، وبعلم من أخذت هذه العينات، وكيف يوجد فيها الخبير الإسرائيلي افنير فينغوش، الذي شارك في التقرير. إذ يتضح من صفحته الخاصة على الانترنت انه قام بأبحاث متعددة في الأردن بالتعاون مع أطراف أكاديمية من الجامعات الأردنية. وشملت تلك الأبحاث دراسات لنوعية المياه في حوض نهر الأردن وغيرها.
وأوضح السعود في تصريحات صحافية ان اخر النتائج للتحاليل التي اجرتها مختبرات هيئة الطاقة الذرية اللبنانية أفادت تدني التراكيز الاشعاعية في مياه الشرب الاردنية.
وبين أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد مختبرات سلطة المياه مركزا إقليميا لإجراء فحوصات المياه للنظائر البيئية، بما فيها النظائر المشعة مما يعطي مصداقية دولية وعالمية لهذه المختبرات فضلا عن اعتمادها من قبل هيئة الاعتماد البريطانية منذ العام 2005.
وأكد أبو السعود حرص الوزارة وسلطة المياه في بذل جهدها لتأمين الاحتياجات المتزايدة للمواطنين خاصة مياه الشرب، وفق أفضل المواصفات بما يضمن سلامتهم ويحقق الأمن المائي الوطني.
والأخطر من ذلك كان تصريح مساعد أمين عام سلطة المياه للمختبرات والنوعية المهندس زكريا الطراونة بان الدراسة تتعلق ببعض دول منطقة الشرق الأوسط وان العينات التي شملتها الدراسة هي لمصادر مياه غير مستعملة لمياه الشرب، لافتا إلى ان أي تقييم لأي مصدر مائي إشعاعي يحتاج لأكثر من عامين وحسب المعايير الدولية لاعتماد مثل هذه النتائج علميا، اي انه يعترف بأخذ عينات.
وأوضح الطراونة ان مياه الشرب الأردنية تخضع لرقابة حثيثة لمختلف المعايير بما فيها الإشعاعية وهي مطابقة للمواصفات بما فيها الخصائص الإشعاعية، حيث تنص المواصفة الأردنية على أن جرعة التعرض الإشعاعي السنوي لمختلف العناصر المشعة يجب ان لا تتجاوز 5.0 ميلسيفرت في العام، وان المياه التي تزود مناطق الجنوب هي دون هذا الحد، حيث النتائج الى انها 3 .0 ميلسفيرت في بالعام.
وفي السياق قال نقيب الجيولوجيين الأردنيين بهجت العدوان ان أبار مياه حوض الديسي تحوي مياها نقية صالحة للشرب وهي مياه غير متجددة.
ولفت في بيان الخميس إلى أن التكوين الجيولوجي لحوض الديسي يختلف عن الأحواض المائية في الأردن، حيث يتكون في طبقات رملية قديمة العمر.
وأضاف ان الآبار التي تحوي بعض الإشعاعات هي أبار أخرى تستخدم لإغراض غسل الفوسفات وان وزارة المياه بصورة هذه الآبار وبشكل علمي دقيق، مؤكدا على قدرة المختبرات الأردنية على إجراء جميع أنواع التحاليل وبمستوى مشهود له.
وقال التقرير ان عيونا جوفية قديمة في الأردن الذي يعاني من نقص المياه توجد بها مستويات من الإشعاع تتجاوز 20 مرة المستوى الذي يعتبر آمنا للشرب الأمر الذي يثير مخاوف بخصوص سلامة المياه في أنحاء الشرق الأوسط.
وأفاد افنير فينجوش وهو باحث بجامعة ديوك في الولايات المتحدة قاد الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية العلوم والتكنولوجيا البيئية انها مياه ينبغي الا يشربها احد.
وأوضح ان عدة دراسات أظهرت أنها ترتبط بمستويات مرتفعة من سرطان العظام، بل وأظهرت دراسات أخرى ان لها بعض الارتباط بسرطان الدم.
وفحص فينجوش وزملاؤه عينات مياه من 37 بئرا لضخ المياه في حوض الديسي الجوفي الواقع على حدود الأردن الجنوبية مع السعودية لدراسة مستويات الإشعاع.
وسعت عدة دول أخرى في الشرق الأوسط للتغلب على نقص المياه باستغلال خزانات جوفية مماثلة مع تزايد إعداد السكان بصورة تفوق الموارد.
وقال الباحثون أن ذلك قد يعرض الناس في مصر وإسرائيل وليبيا والسعودية إلى مستويات مرتفعة من الإشعاع لان هذه الدول تستغل موارد مماثلة في توفير المياه للشرب والزراعة. وتستغل ليبيا مصدرا للمياه الجوفية على نطاق واسع، كما تستخدم إسرائيل مصدرا مماثلا لإغراض الزراعة.
وأوصى الباحثون بان يراقب المسؤولون الصحيون في المنطقة مستوى الإشعاع في مصادرهم المائية وخصوصا في الأردن حيث لا توجد أي مراقبة رسمية في الوقت الحالي.
وبدأت المملكة الأردنية في الآونة الأخيرة مشروعا بكلفة تبلغ 600 مليون دولار لضخ مياه الشرب من حوض الديسي إلى العاصمة عمان التي يسكنها 3.1 مليون نسمة.
ووسع الأردن استغلال مياه حوض الديسي، حيث تتجاوز استخدامات المياه السنوية منه سعة نهر اليرموك وأدى الضخ المفرط منه إلى ارتفاع ملوحة مصادر أخرى.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس اللندنية – طارق بدارين6.3.2009
رد مع اقتباس
المفضلات