بينما انا جالس ارتشف قهوة الصباح ، سيجارتي بيدي ، واستمع إذاعة الـ BBC واهيء نفسي للذهاب للمقابلة الشخصية ، " المهم ادخل بالموضوع" اها كلامك صح .
بينما أنا كذلك، لفت انتباهي خبر في الاذاعة ، متعلق بالتدخين والمدخنين، وبعد كلام ٍ طويل خلُصَ المذيع في تقريره أن التدخين هو المُتصدر بجدارة وبلا منازع كسبب رئيس من اسباب الوفيات في العالم!!!
ومن ضمن ما قيل في التقرير أن من اسباب زيادة نسبة التدخين هو عُلو معدل دخل الفرد في بعض المجتمعات ، بحيث ان التدخين لا يشكل له ضائقة مادية" وضَربَ مثالا ً المجتمع الكويتي حيث لا يتجاوز سعر عبوة التدخين " 450فلس " كويتي.
الا أنه عاد وقال ان هناك مجتمعات معدل دخل الفرد فيها محدود ويتسبب التدخين فيها بضائقة مادية كبيرة للمدخنين ، ومع ذلك نسبة التدخين عالية جدا ً وضرب على ذلك مثالا ً المجتمع الأردني .
ولعل ما يُفجع النفس ويجعلها تكتوي بحسرتها، قولهُ ان مقدار ما ينفقهُ الاردنييون على التدخين سنويا ً هو " 500" !!! ليس خمسمائة دينار، ولا خمسمائة ألف دينار، بل خمسمائة مليون دينار!!!!
ومما اثار حفيظتي ، هو ما اثاره المذيع بالقول، أن مستشفى الأمير حمزة بن الحسين والذي يتسع لـ 400 سرير كانت تكلفة انشاؤه هي 60 مليون دينار!؟
وهُنا جلستُ مع نفسي افكر فخرجت معي الحسبة التالية:
لو قسمنا ال 500 مليون على 60 مليون لوجدنا ان :
كان بإمكان المواطن الأردني أن يساهم في بناء ما يُقارب 8 مستشفيات كمستشفى الأمير حمزة،!! اي بقيمة "480"مليون، ويبقى 20 مليون ، ولو افترضنا أن تكلفة سيارة الاسعاف مجهزة بجميع وسائل الاسعافات الأولية هي 50 الف دينار للسيارة الواحدة، لوجدنا ان الـ 20 مليون نشتري بها " 400 سيارة اسعاف" وتم توزيعها على المستشفيات الثمانيه، لكان نصيب كل مستشفى "50" سيارة اسعاف" وبالتالي ستصل جميع سياراة الاسعاف لجميع مناطق المملكة ، وستنقذ ارواح كثيرة" مع التأكيد ان كل شيء بيد الله ولكننا نحسب هنا الاخذ بالاسباب" .
وصدقوني ، انا كان لي تجربة مع والد صديق لي ، من الزرقاء، كان من اشهر محاميها، ولكنها كان يتنفس دخانا ً من شدة تدخينه!!! أين انتهى به المطاف؟! انتهى بإصابته بسرطان الحنجرة، وتم استئصال حنجرته، ورُكِّبَ له جهازا ً للنطق بدلا منها!! وصدقوني ، اذا ما جلستم معه او مع غيره ممن ابتلاهم الله بذلك، لكانت مشاعركم متضاربة، فأنتم من ناحية توشكون على الضحك عندما تسمعون صوت " روبوت آلي" يخرج من حنجرة انسان، وفي ذات الوقت يتملككم رغبة عارمة للإجهاش بالبكاء مما ترون امامك! .
أنا لستُ اعترض على قضاء الله وقدره، لكني اعترض واتنكر على من يُلقون بأنفسهم للتهلكة.
أعرف ان ما كتبت ُ هنا ربما سيجد بعض الآذان الصاغية، وربما ستعزفُ عن سماعه آذان ٌ كثيرة، وربما قد تستمع اليه بعض الآذان وتتأثر به، وسرعان ما تنساه او تتناساه عندما تأتي السيجارة على بالهم. !
وأعلم انه قد يخرج علي شخص ويقول " انه من الصعب تحقيق ما تقوله، وانت وكأن بك بعيد عن الواقع، فنحن لسنا في المدينة الفاضلة" فأقول له: نعم ، معك حق، ولكن يكفينا ان نحقق نصف بل ثلث ما كتبت هنا.
للعلم ، انا لا ادخن، ولا اذكر اني وضعت سيجارة ً في فمي في يوم من الايام ، سواء مشتعلة او غير مشتعلة " ولله الحمد" ، لكني آثرت الكتابة في البداية ان السيجارة في يدي ، من باب المداعبة، ومن باب امكانية ان يكون التأثير في نفس القارىء اكبر، خصوصا ً المدخنين، فالإنسان يحب ان يستمع ممن يشاركه ذات المعاناة.
مع تمنياتي للجميع ، بالصحة والعافية، أملا ً ان نتجه نحو مجتمع آمن من التدخين.
الخبر الرئيس ، من ال bbc والتعليق والتحليل من قبلي ، مهند.
المفضلات