سلوك الخاطب مع خطيبته
الخطبة مقدمة للزواج، وتمهيد لحصوله، وهناك فرق بين كلمتي الخطبة والزواج، والعرف يُميِّز جيدًا بين رجل خاطب، ورجل متزوج. والشريعة فرَّقت بين الأمرين تفريقاً واضحاً، فالخطبة ليست أكثر من إعلان الرغبة في الزواج من امرأة معينة، أما الزواج فعقد وثيق، وميثاق غليظ، له حدوده وشروطه وحقوقه وآثاره.
وقد عبّر القرآن عن الأمرين فقال في شأن النساء المتوفى عنهن أزواجهن: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سراً إلا أن تقولوا قولاً معروفاً، ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله والخطبة مهما يقام حولها من مظاهر الإعلان فلا تزيد عن كونها تأكيداً وتثبيتاً لشأنه .
والخطبة على أية حال لا يترتب عليها أي حق للخاطب، إلا حجز المخطوبة بحيث يحظر على غير الخاطب أن يتقدم لخطبتها، وفي الحديث: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه . والمهم في هذا المقام أن المخطوبة أجنبية عن الخاطب حتى يتم زواجه بها، ولا تنتقل المرأة إلى دائرة الزوجية إلا بعقد شــــــــــــرعي صحيح، والركن الأساسي في العقد هو الإيجاب والقبول . وللإيجاب والقبول ألــــــــــفاظ معهودة معلومة في العرف والشرع.
وما دام هذا العقد - بإيجابه وقبوله - لم يتحقق فالزواج لم يحدث أيضاً لا عرفًا ولا شرعاً ولا قانوناً، وتظل المخطوبة أجنبية عن خاطبها لا يحل له الخلوة بها، ولا السفر معها دون وجود أحد محارمها كأبيها أو أخيها. ومن المقرر المعروف شرعاً أن العاقد إذا ترك المعقود عليها دون أن يدخل بها يجب عليه نصف مهرها، قال تعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح . أما الخاطب إذا ترك المخطوبة بعد فترة طالت أو قصرت فلا يجب عليه شيء إلا ما توجبه الأخلاق والتقاليد من لوم وتأنيب، فكيف يمكن - والحالة هذه - أن يباح للخاطب ما يباح للعاقد سواء بسواء؟ إن نصيحتنا للسائل أن يعجل بالعقد على خطيبته، فبه وحده يباح له ما يسأل عنه وإذا لم تسمح ظروفه بذلك، فالأجدر بدينه ورجولته أن يضبط عواطفه، ويكبح جماح نفسه، ويلجمها بلجام التقوى، ولا خير في أمر يبدأ بتجاوز الحلال إلى الحرام.
المفضلات