احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: ما هو الضمير

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669

    ما هو الضمير


    رغم أن البحث في مفهوم الضمير، موضوع ذو أبعاد أخلاقية وفلسفية وتربوية، إلا أنه مسألة تراود الخاطر بإلحاح في هذه الأيام تحديداً، في ضوء ما شهدناه في غزة من قتل وجرح وتدمير وحصار، ومناظر دماءً وأشلاء، وأُمهات ثكلى، وأطفال يتألمون، وعائلات فقدت بعض أو معظم أو جميع أفرادها . مما يجعل المرء يتساءل فعلاً عن ضمير الإنسان أين يكون في مثل هذه الأحوال والأهوال والفظائع ؟ سواء أكان هذا الإنسان هو الفاعل، أو المتفرِّج، أو صاحب التأثير الذي يُحجم عن ممارسة تأثيره؟ على أية حال، تذهب الموسوعات والمراجع التي حاولتْ تفسير مفهوم الضمير مذاهب شتى، إلا أنها جميعاً تربطه بالأخلاق، وتنظر إليه معظمها كخاصية أو ملكة يمتاز بها الإنسان، وهي تصدر أحكاماً تلقائية على الأفعال، فتستحسنها أو تستقبحها وفقاً لمعيارها الأخلاقي الذاتي .
    ويمارس الضمير دوره قبل الفعل وبعده، بمعنى أنه قد يدعو إلى سلوك معين أو ينهى عن سلوك قبل اتيانه . كما أنه قد يوجّه التأنيب على سلوك لا يقره، أو يبعث الرضا والسعادة في النفس نتيجة سلوك يواتيه ويعجبه .
    أعتقد أن عمل الضمير في النفس يشبه إلى حدّ بعيد عمل السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) داخل الدولة، فالضمير يمارس دور التشريع من حيث أنه يقرر ذاتياً الأفعال التي يجب القيام بها والأفعال التي ينبغي الإحجام عنها، إنه يقرر لك مثلاً أن عليك أن تستجيب لنداء شخص يستغيث، هكذا ذاتياً وتلقائياً بغض النظر عن أية أسباب دينية أو قانونية أو اجتماعية . ويمارس الضمير السلطة القضائية داخل النفس، لأنه يصدر أحكاماً ذاتية داخلية على أفعالك بعد أن تقوم بها أو تحجم عنها، فكأنما يقول لك إن هذا الفعل لم يكن مقبولاً أخلاقياً، وذاك الفعل كان محموداً وفاضلاً . أما دور الضمير كسلطة تنفيذية فتراه يمارسه من خلال ما يفرضه من عقوبة على السلوك الذي يرفضه، ومكافأة على السلوك الذي يستحسنه، فهو يؤنّب ويلوم ويعاقب، وقد يبلغ تأنيبه حدَّ استخدام الجلد بسياط الندم، وقد يبعث آلام نفسية متفاقمة، تؤدي إلى محاولة الشخص تصحيح فعله، والتوبة عن الإتيان بمثله، وربما محاولة القيام بأي سلوك يكفِّر عن خطئه .
    إذن فالضمير نظام أخلاقي ذاتي داخلي متكامل، يقرر ويصدر أحكاماً ويعاقب ويكافىء، وهو الباعث الحقيقي على الفضائل، والتعبير الصادق عن الأخلاق، لأن الخُلُق هو الطبع والسجيّة، وهو السلوك الذي ينطلق من الذات بشكل طبيعي تلقائي دون تكلف، وإلا سُمّيَ تَخلُّقاً وليس خُلقاً . وفي هذا المعنى يقول المرحوم مصطفى لطفي المنفلوطي في كتابه (النظرت) : ((أتدري ما الخُلق عندي؟ هو شعور المرء أنه مسؤول أمام ضميره عما يجب أن يفعل)) ويقول : ((ما زالت الأخلاق بخير حتى خذلها الضمير وتخلّى عنها، وتولّت قيادتها العادات والمصطلحات، والقواعد والأنظمة، ففسد أمرها واضطرب حبلُها، واستحالت الى صور ورسوم وأكاذيب وألاعيب)) .
    ويبدو أن تفسير وجود الضمير عند الإنسان، وتميّزه بذلك عن الكائنات الأخرى، قد حيّر العلماء وعجزوا عن أن يقدموا له تفسيراً قاطعاً . فهل يولد الضمير مع الإنسان، فهو مفطور عليه؟ أم أنه يكتسبُ من البيئة نتيجة ارتباط بعض الأفعال في اللاشعور بالثواب أو العقاب، وفقاً لما ذهب إليه فرويد عندما تحدث عن (الأنا الأعلى) أو (الأنا المثالي) . من جانبي، أميل إلى الرأي الذي يعتقد أن الضمير ناتج عن التطوّر، بمعنى أن الإحساس بالالتزام نحو المجتمع كان من ضرورات التكيّف مع الحياة وضرورات استمرارها، فتطوّر الضمير لدى الإنسان وصار يورّث كأي صفة أخرى يحملها البشر .
    وحول هذه الحيرة المتعلقة بتفسير الضمير الإنساني وإمكانية تطوّر الدراسات بشأنه، أنقل هنا ما أورده الدكتور أحمد زويل في محاضرة له في الجامعة الأمريكية في القاهرة بعنوان (البحث عن المعرفة)، فهو يقول : .. إن هذا المخ المتميز عن مخ الحيوان هو الذي صاغ طريق الإنسان في البحث عن المعرفة .... ولكن الإنسان لديه تميّزٌ آخر، إنه الوعي أو الضمير، وهو أمر لا نعرف أساسه جيداً، وسوف تكون دراسات الضمير من الدراسات العلمية الأساسية في القرن الجاري ... ... إننا نتساءل في هذا السياق حول ما إذا كان الضمير الحسن أو السيىء، الخير أو الشر، هو علاقة جينية معقدة، أم أنه أمر يعود إلى البيئة فقط . ومن ثم نتساءل عما إذا كان التفكير غير العقلاني القائم على الحرب والإرهاب والتعصب ومجمل المتاعب الإنسانية، يأتي من خلال وعـي وضميـر مأزوم جينياً ...! .
    وأعتقد أن السؤال المهم المطروح عند بحث موضوع الضمير هو : هل هناك فعلاً ضمير حي وآخر ميت ؟ ضمير ضعيف وآخر قوي ؟ ضمير ذو صوت مرتفع وآخر هامس أو أبكم ؟ يبدو أن كل ذلك موجود وقائم ومشهود، حتى أن علم النفس يحدثنا عن الشخصية التي تسمى السيكوباتية (ضد الاجتماعية)، وهي شخصية يمكنك أن تقول فيها إنها (منزوعة الضمير)، فأصحابها لا يصيبهم أي احساس بالذنب عندما يؤذون الغير بأي نوع من أنواع الأذى، إذ أنهم لا يملكون مشاعر نحو الآخرين، ولا يتعلمون من أخطائهم، ولا يتوبون بطبيعة الحال عنها، وهم يقدمون رغباتهم على أي شيء وعلى أي أحد، بل أن رغباتهم تتفوق على خوفهم من العقاب، يقول طبيب النفس والكاتب (الدكتور عادل صادق) رحمه الله، في مثل هذه الشخصية : ... لا تأمنهُ على شيء، إنه يخون القريب قبل البعيد، ويخون الصديق قبل العدو، ويخون من أطعمه وأسقاه قبل من زجره ونبذه ... لا ولاء ولا انتماء ولا التزام .
    وأعتقد أن النظر في أحداث التاريخ، وفي الواقع والحاضر أيضاً، يجعلنا نخلص إلى أن ضمير الإنسان وإن كان موجوداً فعلاً، ومميزاً للإنسان عن باقي الكائنات، إلا أنه ما زال ضعيفاً وغير قادر وحده على إقامة مجتمعات يسودها السلام والأمن والتعاون، لذا كان لا بد من وجود الشرائع والعادات والأعراف والقوانين التي تحاول زجر الشر في نفس الإنسان، ومساعدة الضمير على بث الخير وإقامة الفضائل .

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Sep 2008
    العمر
    34
    المشاركات
    2,088
    معدل تقييم المستوى
    18
    يسلمووووووووووووو

    على الموضوع الرائع

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sun Oct 2008
    الدولة
    قي قلب حبيبتي
    العمر
    31
    المشاركات
    5,887
    معدل تقييم المستوى
    21
    مشكور أختي على موضوع رائع
    تقبلي مروري اخوكي فهد

  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Tue Sep 2008
    الدولة
    في بستان الورد
    المشاركات
    24,164
    معدل تقييم المستوى
    21474876
    يسلمووو على الطرح المميز

  5. #5
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sun Jan 2009
    المشاركات
    985
    معدل تقييم المستوى
    16
    عرّف الفلاسفة الضمير بأنه منطقة في مركز القلب تتجمع فيها أنبل المشاعر الأنسانيّة
    وهذا ماشرحتيه في موضوعك الجميل
    كل الشكر لك الأسطورة

  6. #6
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474973

  7. #7
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Dec 2008
    العمر
    28
    المشاركات
    1,157
    معدل تقييم المستوى
    17
    الاسطوره
    يسلموووووو لموضعك
    الاكتر من راااااااائع وانشالله نــشــوفــ
    جديدك الــمــستــمــر حــــــياتــو
    تــقــبلــي مـــــــروريـــ
    بــنت الــنشامى

المواضيع المتشابهه

  1. عذاب الضمير
    بواسطة هدى الرحمان في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 16-07-2012, 11:32 PM
  2. الضمير !!!!!!!
    بواسطة رمز الوفاء في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 15-09-2011, 03:45 PM
  3. عذاااب الضمير
    بواسطة ناناة في المنتدى القصص القصيرة
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 02-12-2009, 03:39 PM
  4. الضمير
    بواسطة قمر بلا أحزان في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 28-10-2009, 09:52 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك