أن البكاء هو لغة الإتصال بين الاهل والطفل إذ لو لم يوجد هذا البكاء كيف ستكون لغة المخاطبة بين الطفل وذويه.
يمثل البكاء اللغة الوحيدة والأساسية لدى الطفل الرضيع التي يعبر فيها عن جوعه وعطشه وألمه وازعاجاته.
والأم هي الخبيرة الأولى في التعرف على صوت رضيعها اذ بإمكانها تمييزه اعتباراً من اليوم الثالث بعد الولادة وهي قادرة على التفريق بين صرخات فلذة كبدها وصرخات الأطفال الآخرين. كما يستطيع الأب أيضاً لكن بشكل أقل دقة من الأم التي لا أحد يعلى عليها في هذا المجال.
وتستجيب الأم الشابة لصرخات طفلها بعاطفة معينة وردود أفعال خاصة وهي غالباً ما تستطيع تحديد السبب أو الدافع الذي يقف وراء بكائه وهل هو جائع أو عطشان أو مبلّل تحته أو مريض أو منزعج. إن حدس الأم يمكّنها من فهم بكاء طفلها وتفسيره وبالتالي ما هي احتياجاته.
وهناك دراسات سمعية أنجزت على بكاء الأطفال بينت أن هناك أنواعاً لبكائهم وأن لكل نوع معناه. وقد استطاع الباحثون من خلال دراساتهم تمييز بكاء الجوع وبكاء الألم وبكاء التعب وبكاء السعادة.
لكن السؤال المهم الذي يخطر على بال الأمهات مراراً هو: ما العمل عندما يبكي الطفل؟ وهل يجب الرد عليه في كل مرة يبكي فيها؟ وهل يجب الإنتظار حتى يهدأ الطفل من تلقاء ذاته؟ وهناك اعتقاد شائع بين العامة يقول بضرورة ترك الرضيع يبكي ويبكي ويبكي إلى أن يهدأ من تلقاء نفسه. والحقيقة أن هذا السلوك ليس سلوكاً جيداً لأنه لن يفيد الا في زيادة بكاء الطفل وعويله.
وقام الباحثان الأمريكيان بيل وأينسوورث بإجراء دراسة طاولت موضوع البكاء لدى الرضع وحصلا بنتيجتها على اجابات مهمة على أسئلة طالما طرحها الأهل.
علميا وتربويا : الأطفال الذين يبكون كثيراً هم اولئك الذين لا تستجيب لهم امهاتهم للرد على عويلهم كما يجب ووجدا أن الأمهات اللواتي يصغين إلى بكاء اطفالهن وبالتالي الرد عليهم انما يعملن على مساعدة صغارهن في تنمية وسائل الإتصال مع الآباء والامهات. وأكثر من ذلك فقد تبين أن لسرعة الأهل في الرد على بكاء طفلهم دوراً مهماً في انقاص عدد مرات البكاء.
ومهما يكن فإن هناك أماً تستجيب لطفلها مظهرة له حنانها وصبرها مهما حاول الآخر استفزازها. وهناك أم أخرى تفقد اعصابها بمجرد اطلاق الطفل لمعزوفته (أي البكاء).
بكاء الطفل يعني أنه يريد شيئاً أو أنه يشكو من شيء ما أو أنه يرغب في قول شيء ما فلنستمع اليه بصبر وروية. وعلى أية حال فإن بكاء الطفل الرضيع له دلالات معينة عند الطبيب، فالبكاء الحاد القوي قد يعني وجود اصابة بالتهاب الأذن أو التهاب السحايا أو أزمة بطنية أو وجود ورم دموي. والبكاء المزمن قد يعكس أخطاء في تغذية الصغير من قبل أمه أو قد يدل على وجود اضطرابات هضمية مزمنة.