خالد شيخ يلقي بقنبلة خلال محاكمته في غوانتانامو: أنا العقل المدبر لهجمات سبتمبر.. ولي
خالد شيخ يلقي بقنبلة خلال محاكمته في غوانتانامو: أنا العقل المدبر لهجمات سبتمبر.. وليس بن لادن!
ما ان بدأت وقائع جلسة استماع خاصة بالخمسة الكبار المتهمين بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، والتي تعتبر الاعتداءات الاكثر دموية في التاريخ، حتى تحولت الى ما يشبه السيرك من كثرة مقاطعات خالد شيخ محمد، منسق الهجمات، للقاضي الكولونيل ستيف هانلي، وكذلك رمزي ابن الشيبة الذي قيدت رجلاه بالسلاسل في ارض قاعة المحكمة ثم ازيلت قيوده في وقت لاحق بعد جدل قانوني مطول بين محاميته والقاضي. وفي قاعة المحكمة جلس في الصف الاول خالد شيخ محمد الذي بدا بدينا وبلحية طويلة تميل للبياض، ونظارة سميكة، وكان يداعب لحيته بأنامله خلال الجلسة، وارتدى ثوبا ابيض وعمامة اشبه بعمامة عمر عبد الرحمن، الزعيم الروحي للجماعة الاسلامية الذي يقضي عقوبة السجن المؤبد في سجن كولورادو الاميركي، بتهمة تدبير تفجيرات نيويورك 1993. وجلس خلف خالد شيخ محمد زميله وليد بن عطاش، وكان يضع على رأسه شالا اسود منقطا مثل الشالات اليمنية، ثم رمزي بن الشيبة وكان يرتدي جلابية بيضاء ويعتمر طاقية سوداء وكان كثير الابتسام ويبدو سعيدا وهو ينظر الى جانيت هاميلتون رسامة المحكمة التي تسجل لمحات وتقاطيع وجهه من خلف زجاج سميك، ثم علي عبد العزيز علي البلوشي وكان هو الاخر يعتمر طاقية سوداء، ومصطفى الحوساوي وكان يضع شالا ابيض ناصعا على رأسه، وكان قليل الاعتراض على قرارات اللجنة العسكرية.
كذلك بدت معنويات خالد شيخ جيدة رغم كثرة اعتراضاته، ولكنه بين باقي المعتقلين كانت تبدو له شخصية «كاريزمية». أما ابن الشيبة الذي حضر الجلسة مقيد الرجلين، قبل ان تزال القيود لاحقا، فبدا بصحة جيدة وأكثر بدانة من سائر المعتقلين. وحضر الجلسة امس عدد من ممثلي عوائل هجمات سبتمبر وعدد من ممثلي اجهزة الاعلام. والخمسة الكبار المتهمون بتدبير هجمات سبتمبر تم اعتقالهم في عامي 2002 و2003 وإيداعهم سجوناً سرية قبل نقلهم الى غوانتانامو عام 2006. واثار خالد شيخ الجدل واللغط بتصريحه المثير للاهتمام بانه العقل المدبر للهجمات وليس اسامة بن لادن. واستفز خالد شيخ القاضي بطلبه إبعاد المحامين والحراس عنه «لانهم اميركيون»، مشيرا الى ان الذين عذبوه (في المعتقل) ايضا اميركيون، وكذلك القنابل التي تقصف غزة اميركية الصنع. وقال انه لم يتحدث بعد عن الجرائم التي ترتكب في العراق وافغانستان، وسط تهديد القاضي بإبعاده إنْ لم يلتزم بقواعد المحكمة والحديث عبر محاميه.
وقال خالد شيخ انه اعترف بهجمات سبتمبر «.. ماذا تريدون بعد ذلك»؟. واشتكى خالد شيخ من عملية النقل من الزنازين الى قاعة المحكمة العسكرية، وقال انه «متعب للغاية.. ولا استطيع متابعة اجراءات المحكمة بالشكل المطلوب».
وقاطع بن عطاش القاضي عدة مرت، مشيرا الى انه لم يتلق من المحكمة اي مراسلات من التي يتحدث عنها، سواء بالعربية او بالانجليزية، واخر رسالة يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) تحدث عنها القاضي لم تصله هي الاخرى. وقال بن عطاش انه يريد ان يمثل نفسه ولا يريد من محاميه التدخل، وأوقفه القاضي مرة اخرى. أما رمزي فقد حول قاعة الجلسة الى هرج ومرج عندما قاطع القاضي بقوله انه يشكر المحكمة لانها لم تزوده باي شيء من تلك المراسلات، وقال انه يشكر محاميته الميجور جاكسون لانها لم تمده باي شيء «فهي مهتمة بالحديث الى الصحافة والاعلام» اكثر من قضيته. وقاطعه القاضي، وحذره من الاستمرار بهذا الاسلوب. لكنه واصل قائلا: «لا يهمني ان تزيلوا القيود من رجلي ام لا، لقد عاقبوني في زنزانتي ثلاثة ايام بدون سبب، انني اريد تصريحا بالنوم في الزنزانة، الحراس هم الذين يسببون المشاكل، ويجب ان تحلوا هذه المشاكل، لقد ارتكبنا هجمات سبتمبر ونحن فخورون بذلك» وأضاف انه لن يحضر الجلسة المقبلة اذا ما واصل القاضي منعه من الكلام. وتضامن معه خالد شيخ محمد وقال انه هو الاخر لن يحضر لان قضيتهم واحدة. وكان المتهمون الخمسة الكبار يتبادلون الابتسامات بين بعضهم البعض وكذلك الهمس والحديث بعيدا عن وقائع الجلسة المستمرة بين القاضي وممثلي الادعاء والدفاع، بينما الحوساوي كان هادئا معظم الوقت. وخاطب الحوساوي القاضي بقوله ان الطبيب النفساني الذي كشف عليه أكد قدرته العقلية في تمثيل نفسه امام قاعة المحكمة، «ولكنكم لا تثقون حتى بأطبائكم». وقال الحوساوي انه ارسل للقاضي هانلي رسالة بها تساؤلات عديدة ولكنه لم يتلق ردا منه حتى الان. واجابه القاضي بقوله «اي تساؤلات يجب ان تكون عبر محاميك». واشتكى بن عطاش من انسيابية الترجمة من الانجليزية الى العربية وبالعكس. واعترض خالد شيخ على تحديد جلسات اخرى للنظر في التهم الموجهة الى الخمسة، بقوله انه العقل المدبر للهجمات وليس بن لادن. وقاطعه القاضي مرة اخرى ولكن خالد شيخ صرخ: «هذا ارهاب وليس محكمة، انت تهددنا ولا تعطينا فرصة للكلام، انني اريد التحدث عما يدور في غزة والعراق وافغانستان، ولكن افعل ما شئت، ولا يهمنا الإعدام او السجن المؤبد». ويواجه خالد شيخ محمد وهو اكبر شخصية من نشطاء «القاعدة» تحتجزها الولايات المتحدة لمحكمة جرائم الحرب، ومصطفى احمد الحوساوي، ووليد بن عطاش، تهمة ارتكاب اعمال ارهابية والتآمر مع تنظيم «القاعدة» لقتل مدنيين في هجمات اطلقت حرب حكومة بوش على الارهاب. وهم يواجهون ايضا 2973 تهمة بالقتل، اي واحدة لكل شخص قتل في عام 2001 حين صدمت طائرات ركاب مخطوفة برجي مركز التجارة العالمي ومقر وزارة الدفاع (البنتاغون).
وأدانت المحاكم العسكرية حتى الان ثلاثة فقط من المشتبهين بالانتماء الى «القاعدة» وهم اليمني سالم حمدان (افرج عنه بعد ان قضى مدة العقوبة) واليمني البهلول بالسجن مدى الحياة، والاسترالي دافيد هيكس الذي اطلق سراحه بعد ان انتهت مدة محكوميته». والاجراءات الامنية التي طبقت في قاعتي المحاكمة، التي مثل امامها المتهمون الخمسة بتهم التخطيط لهجمات سبتمبر، وكذلك قاعة مجاورة مثل امامها عمر خضر الكندي، لم تسمح للصحافيين إلا بقلم ودفتر صغير.
واعرب اللفتنانت كوماندر وليام كوبلر من البحرية الاميركية الذي يدافع عن السجين الكندي عمر خضر الكندي قبل بدء اعمال المحكمة في عن تفاؤله الشديد عن قرب انتهاء معاناة موكله الذي اعتقل في افغانستان وهو في الخامسة عشرة من العمر. وقال انه اذا تمت محاكمة موكله على الاراضي الاميركية فستسقط ادلة الادعاء «لأنها غير ذات سند قانوني». وكان من المقرر ان يمثل خضر، الذي اعتقل وعمره 15 عاما، أمام المحكمة يوم 26 يناير (كانون الثاني) الجاري بتهمة القتل، بزعم انه القى قنبلة يدوية قتلت جنديا اميركيا في معركة في افغانستان عام 2002. وصرح كوبلر بأن اعادة صياغة الاتهام تلغي كل الاجراءات السابقة وتلغي موعد محاكمة خضر. لكن باتريك باريش القاضي الذي نظر قضية خضر امس، وهو كولونيل في الجيش، قال في مذكرة للمحامين إن الاتهام سيوجه من جديد للمواطن الكندي بعد ان تنعقد المحكمة للتداول. وكان الفريق الانتقالي لأوباما قد ذكر انه سيصدر امر اغلاق سجن غوانتانامو في الاسبوع الاول من رئاسته لكن المعتقل لن يغلق فعليا قبل ان يحسم المسؤولون الاميركيون عددا من القضايا القانونية والى ان يبتوا في امر 245 سجينا في غوانتانامو. ولا يوجد حديث في القاعدة البحرية بغوانتانامو سوى عن اغلاق المعسكر وترحيل المعتقلين داخل سجون بالاراضي الاميركية، باستثناء المعتقلين الخطرين وعددهم 16 يحتجزون في المعسكر السابع، وهو اشبه بمعسكر سري في غوانتانامو لم يفتح ابوابه لعدسات المصورين الصحافيين بعد. واستمرت الجلسة حتى وقت متأخر ليلة أمس للسماع لبقية المعتقلين، ثم أعيدوا جميعاً الى زنزاناتهم. وهناك جدال حول المحاكم العسكرية في غوانتانامو والتي أنشأتها إدارة بوش بموافقة الكونغرس وتحفظت المحكمة العليا عن المحاكمة كونها تميز «المقاتلين الأعداء» بدل توجيههم الى محاكم مدنية داخل أميركا. وتنقض المحاكم المدنية الأميركية أي أدلة حازها الادعاء بواسطة التعذيب، الا أن هذا المفهوم لا ينطبق على المحاكم العسكرية التي تسمح باستخدام شهادات غير مباشرة او منتزعة بالإكراه.
وكان مكتب اللجان العسكرية الاميركية، الذي يحاكم المشتبه بتورطهم في الارهاب، قد بدأ الإعداد لجلسات استماع في يناير في بعض قضايا المشتبه بهم. ويعتقد ان ابن الشيبة كان الوسيط بين منفذي الهجمات وتنظيم «القاعدة». كما ان مسؤولين بالاستخبارات الأميركية قالوا إنه كان من المقرر أن يكون أحد مختطفي الطائرات إلا انه فشل في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة. وحوكم ايضا امس امام القاضي العسكري، بات باريش، عمر خضر وهو كندي شاب متهم بالقاء قنبلة يدوية قتلت جنديا اميركيا في أفغانستان. وتوجه المحكمة العسكرية لعمر، المولود في مدينة تورنتو الكندية، لأب مصري الاصل يشتبه في انتمائه لتنظيم «القاعدة»، عدة تهم تكفي لإعدامه أو سجنه مدى الحياة إذا تمت إدانته، وهي القتل والشروع في القتل والتآمر مع «القاعدة» وتقديم دعم مادي للإرهاب، بإجراء استطلاع على القوافل العسكرية الأميركية في أفغانستان. إلا ان ممثلي الدفاع عن عمر خضر يؤكدون ان الاعترفات انتزعت منه تحت التعذيب. وتأتي هذه الاتهامات استنادًا لوثائق تنظرها المحكمة تقول: إن المتهم عمر ألقى قنبلة قتلت كريستوفر أسبير الجندي بالجيش الأميركي في مدينة خوست الأفغانية، وشارك في زرع قنابل بجوانب الطرق التي تمر بها قوات الاحتلال الأميركي في أفغانستان».
وبحسب الوثائق فإن القوات الأميركية دخلت مجمعًا يشتبه بأنه مقر لـ«القاعدة» بعد غارة جوية، لكنها تعرضت لإطلاق النيران من بندقية وإلقاء قنبلة، ما أودى بحياة أسير. وتطالب هيئة الدفاع عن عمر خضر المحكمة بإسقاط التهم الموجهة لعمر (20 عامًا)، مستندًا إلى القانون الدولي الذي يحرم محاكمة القصَّر الضالعين في صراع مسلح، على اعتبار أنهم كانوا في ميدان القتال بغير إرادتهم؛ لأنهم يفتقرون إلى الخبرة والإلمام بمخاطر الانضمام إلى القوات المسلحة، واعتقل عمر عندما كان عمره 15 عامًا (قاصرًا) في افغانستان.
المصدر : الحقيقة الدولية – الشرق الاوسط 20.1.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
المفضلات