لقد تطورت الألعاب الالكترونية بشكل مذهل خلال العقود الثلاثة الماضية بسبب التعقيدات التكنولوجية ، وأصبحت تعطي للطفل حوافز نفسية مشجعة للمزيد من ممارستها ، فالتطور التقني لهذه الألعاب سواء كان بالحركات او الألوان و التقنيات المتنوعة واتساع وسائل انتشارها بسهولة سواء عن طريق الكمبيوتر او الفيديو او التلفاز او الانترنت تلقي بحوافز واستثارة أكثر للطفل وبالتالي إلى اللهاث و المزيد من الجديد والكثرة من الانغماس فيها .
ومع هذا التصاعد والتطور التقني ازدادت الدراسات والأبحاث حول الآثار السلبية على الأطفال وسن المراهقة ، وتمحورت الدراسات حول نشوء وزيادة العنف ، والجرائم ، وتدني التحصيل الأكاديمي وفقر المهارات الاجتماعية إلى درجة الوصول للإدمان .
إن تعلق الطفل خاصة في السن المبكر بهذه الألعاب أكثر خطورة فهي تشويه في ذهنيته لصورة العالم والعلاقات الشخصية وتصبح رافدا رئيسيا يتسرب منها الأفكار والتصورات والسلوك وتضفي على مكنونات نفسيته عالما غريبا خاصا يؤدي إلى استنفاذ قواه وقدراته الطبيعية الذهنية .
فوجد أن الأطفال المشاهدين او الذين يلعبون هذه الألعاب الالكترونية عبر الكمبيوتر أكثر عنفا (على الأقل على المدى القصير) إن الآثار السلبية لدى الأطفال الذكور أكثر من الإناث ذلك لان اقبال الأطفال من الذكور أكثر بسبب طبيعة هذه الألعاب التي تحوي البطولات الجسدية والذكورية ، وان الذكور من الأطفال أكثر ميولا وقدرة للانغماس وإدارة الألعاب بالنسبة للحركة والمتابعة البصرية....ولان الثقافات الاجتماعية لا تشجع المرأة والأنثى على العنف ولا يوجد ميول لدى الإناث للألعاب ذات الطابع الحربي او القتالي او المغامرات ، إن معظم الألعاب تحوي نوعا ما من العنف ( فتحوي كل السلوكيات الإنسانية لحماية النفس من الخطورة او القتل او تدمير الممتلكات ) او تحوى سلوكيات وهمية وخيالية ذات طابع حماية او دفاع عن النفس ولكنه بشكل عنفي.
حتى ان الألعاب الرياضية الالكترونية تحوى عنفا ( كراتيه ، عرقله ، تأمر سباقي.....) وكل هذه الألعاب صممت بشكل يجذب الطفل لمتابعتها فلا بد من عنصر العنف فيها ، والمفاجئة ، وردود الفعل الانتقامية لان أصحابها تجار بارعون في طريقة الترويج التجاري على حساب نفسية وخلق الأطفال وسلوكياتهم المستقبلية ، إنها تركز على عناصر العنف ، والتدمير ، والانتقام ،وما الفرق بين ما تعرضه شاشات التلفاز من هذه الأفلام الكرتونية والألعاب الالكترونية سوى أن الطفل ينخرط بشكل إرادي ومبادر في الألعاب الكترونية ولذلك فان خطورة الألعاب الالكترونية في سلوك العنف أكثر تأثيرا .
أما الإدمان على الألعاب الكترونية على الوقت الزمني الطويل الذي يقضيه الطفل مع الألعاب وعلى حساب نشاطاته الأخرى .
إن حالة الإدمان تجعل الطفل مرغما بشكل قهري على الألعاب وفقدان الاستمتاع بالنشاطات الأخرى وإعطاء الأولوية الأولى لها على حساب حتى حاجاته الاساسية كالأكل او النوم والنظافة ،.........الخ وعلى حساب واجباته المدرسية او الاجتماعية وحتى على صحته الجسدية إذا كان مصابا بمرض عضوي .
وفي حال الانحباس او الانقطاع عنها تنتابه أعراض نفسية وجسدية تعرف بالأعراض الانسحابية من انفعال شديد ، ورجفان ، وصراخ ، واضطراب التركيز ، وتسارع القلب ، وارتفاع ضغط الدم ، والسلوك العدواني ، واللامبالاة ، والتي تحتاج أحيانا إلى تدخل طبي او اجتماعي وتدوم لفترة طويلة نسبيا إن لم تعالج يتبعها الكآبة والاضطراب السلوكي .
أما بالنسبة للجريمة فان الصفات الأخرى للطفل لها دور وكذلك العمر خاصة ما قبل سن المراهقة وكذلك المحيطين ( مثل التصدع الأسري او الجو المدرسي الموبوء) ، او تناول الكحول ، والاضطراب السلوكي المسبق لدى الطفل كالسرقة والكذب ،.
ولذلك فأنني انصح الآباء بالانتباه والمراقبة بالنوعية الألعاب اللتي يشتريها الأبناء او يشاهدها وعدم السماح لهم او زجهم بجاهها في أوقات العطل المدرسية ، وتقليل الفترة الزمنية للمشاهدة اليومية لهذه الألعاب او الأفلام لمدة لا تزيد عن الساعة يوميا كما ينصح الأطباء الباحثين في هذا المجال ، وذلك للحفاظ على نمو الطفل بشكل طبيعي من الناحية الفكرية والسلوكية والأخلاقية والعاطفية والاجتماعية ، لننأى به عن أية شوائب قد تؤدي إلى اختلال شخصيته وما يتبع ذلك من اضطرابات أفراد الأسرة الواحدة ومن ثم العائلة والمجتمع
رد مع اقتباس
المفضلات