الصداقة بالنسبة للأطفال مثلما هي بالنسبة للكبار عنصر ضروري جداً للنمو النفسي السليم، ويؤكد هذه النظرية خبراء علم النفس في جامعة (مينسوتا) الأمريكية، حيث ثبت أن الصداقة بالنسبة للأطفال ليست ترفاً ولكنها ضرورة من ضروريات الحياة مثل الغذاء والنوم، كما أشارت الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع إلى أن الأطفال في سن المدرسة الذين يجدون أنفسهم بلا أصدقاء وتنقصهم القدرة على تكوين الصداقات، يكونون أكثر عرضة للوقوع فريسة المشكلات السلوكية والعاطفية في سن المراهقة.
فالصداقة لها أثر كبير على النمو الاجتماعي والخلقي والنفسي والحركي للطفل، فهي تبعد الطفل عن العزلة التي تحوله إلى شخصية ضعيفة هشّة معرضة للإصابة بأمراض نتيجة للخوف وعدم الثقة بالنفس.
وتتغلب الصداقة على الخجل والجبن والخوف الاجتماعي، وزيادة على ذلك فهي تساعد الطفل على التغلب على مشاكل الكلام، وهي تفرغ الشحنات الزائدة من الطاقة عند الطفل وذلك عند اللعب وممارسة الهوايات مع أصدقائه، وبالتالي فإنها تخفف من العنف والرغبة في التدمير مما يساعد الطفل على التركيز في الأمور المهمة.
والصداقة تعلم الطفل معنى التعاون والعمل الجماعي وفي نفس الوقت تنمي روح المنافسة الايجابية لديه وتشجعه على التقدم والتحسن وتقوي شخصيته وتساعده على تطوير المقاييس الأخلاقية لديه، كما أنها تحرره من الأنانية وتعلمه التسامح والمصالحة مع الآخرين.
فالطفل يتعلم من الصداقة الأخذ والعطاء، كما يتعلم أن يكيف نفسه مع الآخرين، فإذا اعتدى على غيره اعتدى الغير عليه، وإذا أراد لعبة رفيقه فلا بد من أن يتنازل له عن لعبته بالمثل في مناسبة قريبة، وهكذا يكتسب كثيراً من الخبرات الضرورية لتعويده التحمل والصلابة.
والطفل الذي يقضي وقته مع أطفال أقل منه سناً ينمو عنده الإحساس بحمايتهم، والطفل الذي يلعب بين وقت وآخر مع أطفال أكبر منه سناً يتعلم منهم كثيراً عن طريق التقليد والمشاهدة.
مفهوم الصداقة بين الأطفال
تختلف طرق تعاطي الأطفال مع بعضهم بعضاً باختلاف جنسهم وعمرهم، فلكل أسلوبه في اللعب وفي تفسير العلاقات.
أولاً: الفتيات
في الإجمال تسعى الفتيات إلى تكوين مجموعة صغيرة من الصديقات لا تتعدى الثلاث، عند الالتقاء فإن حديثهن يتمحور عادة حول أنشطتهن ومعارفهن والمشاعر التي يُكننها لهن، صحيح أن عدد المشاجرات بين الفتيات يكون قليلاً جداً مقارنة بالأولاد، إلا أنه متى وقع الشجار فإن المصالحة تأخذ وقتاً طويلا، أو أنها لا تحصل بتاتاً، وغالباً ما تستاء الفتيات من فشل علاقتهن ببعضهن بعضا، ويمضين وقتهن في التفكير في ما ارتكبنه من خطأ، وكأنهن يُحملن ذواتهن ما حصل.
ثانياً: الأولاد
على عكس الفتيات يتسكع الأولاد ضمن مجموعة من أربعة إلى خمسة أفراد، وهم يركزون على كل نشاط يتضمن منافسة ومبارزة وحركة، مثل ''كرة السلة''، أو العاب ''الفيديو''، على الرغم من كثرة الشجار والمعارك بين بعضهم بعضا، إلا أنهم سرعان ما يتصالحون ويتخطون مشكلتهم وينسون ما حصل، لا يهتم الأولاد كثيراً بمن ارتكب خطأ ولا يتوقفون كثيراً أمام خسارة أحد الأصدقاء، لأنهم يجدون سهولة في إيجاد أصدقاء جدد ليلعبوا معهم.
أطفال ليس لديهم أصدقاء
بالفعل هناك أطفال ليس لديهم أصدقاء، ذلك لأن سلوكهم يمنعهم من أن يلفتوا انتباه رفقائهم، وهنا يشعر أولياء أمورهم باليأس والإحباط منهم، لأنهم عادة ما يرفضون أن يجربوا الأشياء الجديدة، وهؤلاء الأطفال غالباً ما يكونون واحداً من الأنواع التالية:ـ
1- الطفل الخجول:ـ إذ تبين الدراسات أن الأطفال الخجولين لا يعرفون الكثير عن كيفية تكوين صداقات أو حل المشاكل الاجتماعية.
2- الطفل القلق:ـ يعد الخوف والقلق شيئاً طبيعياً في فترة النمو بالنسبة لكثير من الأطفال، وتبين الدراسات أن نسبة (90%) من الأطفال يعانون على الأقل من أحد المخاوف في فترة النمو، ويجب أن تهتم عندما تجد أن مخاوف طفلك تفوق هذه المخاوف إما لكونها غير عادية، أو متواجدة لفترة تزيد عن سن ثماني سنوات، أو تمنع طفلك من الاشتراك في أنشطة يشترك فيها جميع الأطفال الذين في مثل سنه.
3- الطفل المكتئب:ـ إن كثيراً من الأطفال الذين ليس لهم أصدقاء يكونون معزولين ومكتئبين لأنهم لا يجدون أحداً للعب معه، ولكن حزنهم يختفي بمجرد تعليمهم كيف يكونون أصدقاء.
وهناك أطفال آخرين كان لديهم أصدقاء في الماضي ولكن ليس لديهم الآن أصدقاء، لأنهم منغمسون في مشاكل أخرى.
إن الأطفال يصبحون في بعض الأحيان مكتئبين لأسباب لا يدركها أولياء أمورهم، ومن الصعب جداً على الكبار أن يلاحظوا الكآبة أو الحزن عند الأطفال، معتقدين أنه مجرد جزء من طبيعتهم.
دور الوالدين فـي اختيار الأصدقاء
للوالدين دور مهم في توجيه طفلهما نحو اختيار أصدقائه وحل مشكلاته معهم، لكن كثير من الآباء والأمهات يخطئون في حدود هذا الدور، وهذه محاولة لرسم ملامح هذا الدور:ـ - دعا طفلكما يختار أصدقاءه بنفسه، لأن ذلك يشعره بالراحة والثقة في النفس، وإذا تعرف على صديق لا ترضيان عنه، فحاولا أن تغيرا ما لا يرضيكما في هذا الصديق، وذلك
بدعوته إلى البيت والعطف عليه وتقديم النصح والإرشاد له.
- إذا واجه طفلكما صعوبة في اختيار صديقه فعليكما بمساعدته في توسيع فرص اختيار الأصدقاء.
- إذا تأثر طفلكما بأحد أصدقائه سلباً، فحاولا تقليل فرص الالتقاء بهذا الصديق تدريجياً إلى أن يتوقف أو يتغير هذا الصديق، وحاولا أن يكون لكما أثر إيجابي في طفلكما وذلك بالاقتراب منه والاستماع إليه ومعرفة ما يجذبه إلى هذا الصديق وتعويضه عنه.
- احرصا على أن تكونا الصديقين المفضلين لطفلكما، وذلك بإشعاره أنكما تحبانه وتقدرانه وتحترمانه وتثقان به.
- إذا كان طفلكما يحرص على اختيار أصدقاء لا ترضيان عنهم، فقد يكون مردّ ذلك إلى خلل في علاقتكما به، فقد تكونان دائماً ما تتحكمان فيه، فأراد أن يثبت العكس، أو قد تبالغان في نقده وإشعاره بعدم الثقة، فيلجأ إلى الانتقام منكما باختيار أصدقاء لا يعجبونكما.
- تحدثا مع طفلكما عن سمعة وسلوك أصدقائه حتى يمكنكما أخذ قرارات صحيحة، تحدثا مع طفلكما عمن يوقع نفسه في مشاكل ومن يضايق الأطفال الآخرين وهم يلعبون.
- امدحا طفلكما على اختياره الجيد للأصدقاء، وذلك بأن تتحدثا بلطف عنه وعن صديقه، واجعلا طفلكما يعرف أنكما تقدران أصدقاءه.
- إذا تشاجر طفلكما مع صديقه فلا تسارعا بالانحياز إليه ضد صديقه أو توبيخه أو لومه، فقط استمعا إليه وقدرا مشاعره وساعداه على أن يحل مشكلاته بنفسه.
- لا تقلقا من كثرة أصدقاء طفلكما أو قلتهم، فليس هناك عدد مثالي من الأصدقاء، بعض الأطفال يفضلون الاقتصار على صديق واحد، والبعض الآخر يفضل مجموعة من الأصدقاء، المهم أن تتقبلا اختيار طفلكما وتحترمانه.
- ابذلا جهداً للتعرف على والدي أصدقاء طفلكما وتبادل الزيارات العائلية معهم أو اللجوء إلى الهاتف كوسيلة اتصال، وحاولا دائماً التمتع بمستوى إيجابي رفيع في التعامل مع والدي صديق ابنكما.
رد مع اقتباس
المفضلات