أكثر من ثمانية أعوام مرت علي أكبر جريمة إبادة جماعية شهدها التاريخ المعاصر بحق أطفال رضع لم يتجاوز بعضهم الخامس دون ذنب أو جريرة سوي إنهم احتاجوا للتشافي من بعض الأمراض العارضة أو كانوا بحاجة لجرعة تطعيم تقيمهم الأوبئة ليجدوا أنفسهم بين أيادي قتلة مجرمين كان من المفترض أن يكونوا (( ملائكة رحمة )) يجري الله تعالي علي أيديهم الشفاء والعافية وإذ بهم أصحاب نفوس مريضة رخيصة يكرهون الحياة ويحبون الفناء تحكمهم إرادة شيطانية مفسدة في الأرض.. نفوس عطشى للدم وقاتلة للحياة.
لأن حياة خمسة من البلغاريات وفق مقاييسهم اللا إنسانية أهم من حياة مئات من الأطفال الليبيين الأبرياء... فهم من العالم الثالث عرب ومسلمين لا قيمة لهم ولا يحق لهم الحياة فوق الأرض وتحت الشمس , فالحياة وقيمة الإنسان وفق زعمهم لم تُخلق إلا لهم ولأصحاب الدم الأزرق النبيل.. ولأن قتلاهم ملائكة , وقتلانا أبالسة ! ولان أطفالنا مجرمون , ومجرموهم أبرياء طيبون.
ماذا لو كان المحقونين بالإيدز هم أطفال بلغاريا ؟.. تري ماذا يكون رد فعل الغرب علي ذلك ؟ هل يرضوا بذلك أم يقيموا الدنيا ولا يقعدوها... ويحاكمون من قام بهذا الفعل ويعتبرونه إرهابياً معادياً للإنسانية جمعاء ويقدمونه للمحاكمة ؟!! هذا إن لم يشنوا من فورهم حرباً على من يُفكرُ حتى في مثل هذا الجُرم..
ووقوفنا لمعرفة فداحة هذه الجريمة نستطلع أراء أصحاب المعاناة من أولياء أمور الأطفال المحقونين عمداً بوباء فيروس الايدز... وردود أفعالهم لكشف محاولات المشككين والمضللين ولأجل ذلك أجرينا هذه اللقاءات والتي فيها التقينا الأخوة :-
المواطن / عبد الله العشيبي والد الطفلة ( فرح ) حيث قال : إن ما حدث لأطفالنا جريمة إبادة جماعية غير مسبوقة في التاريخ الإنساني ارتكبت في وضح النهار مع سبق الإصرار والترصد كان ومازال يأمل مرتكبوها ومن ورائهم من أجهزة استخبارتية عالمية وبعض الفاقدين للأخلاق والإنسانية أن يحققوا أغراضهم الدنيئة غير المعلنة عبر ارتكاب مثل هذا الفعل الإجرامي.. والجريمة الأفضع من ذلك هي وقوفهم في صف قاتلات الأطفال..!! وتجاهلهم لمأساة أربعمائة واثنين وثلاثين طفلاً أمام الرأي العام وأسرهم دون جدوى دليل براءة لهولاء المجرمين مرتكبي هذا الفعل الشنيع وهذا هو التعبير بعينه عن العنجهية والصلف والتعالي والشعور بالعظمة والإحساس بالتمييز بين رعاياهم ورعايا العالم الثالث وخاصة العرب منهم والمسلمين وهو ما جعل منهم يقفون هذا الموقف المخزي ويتعامون عن الحقيقة .
نحن إلى هذا اللحظة صابرون علي ما فعلوه لإننا وضعنا قضيتنا بين أيدي أمينة لا سلطان عليها.. آلا وهي سلطة القضاء الليبي والذي تعامل مع هذه القضية بتروي وبنزاهة وكفل للمتهمين حق الدفاع في شفافية لكن للصبر حدود وخاصة في ظل هذه الحملة الشرسة التي تطال أطفالنا وأسرهم وتشكك في نزاهة قضاءنا وعدالتنا وتنحاز انحيازاً سافراً مع الجلاد ضد الضحية حيث اختزل أعداء الإنسانية قضية أطفالنا العادلة في الممرضات البلغاريات وغضوا الطرف عن المأساة الإنسانية الحقيقية التي يعيشها أطفالنا وأسرهم.!
إن ما حدث لأطفالنا جريمة إبادة جماعية غير مسبوقة في التاريخ الإنساني...
وفي جو مُلبد بسحب الكآبة والحزن كان لنا لقاء آخر ضمن سلسلة لقاءاتنا مع بعض أولياء أمور الأطفال المحقونين بفيروس الإيدز حيث حدثنا والد الطفل " حاتم عيسي العقوري " عن هذه الكارثة قائلا :-
في البداية أدعو الله سبحانه وتعالي أن يتغمد شهدائنا الأبرياء من الأطفال المحقونين غدراً بواسع رحمته وان يمن علي الباقين بالشفاء العاجل...
نحن ننتظر ما تنطق به المحكمة التي نثق في عدالتها ونزاهتها ونقول للمشككين لن تنالوا من عدالة قضيتنا مهما قلتم... لأنها أكبر من ترهات أجهزة مخابراتكم ووسائل إعلامكم التي تحاول إن تختزل القضية في خمس بلغاريات وتغض الطرف عن مأساة أكثر من أربعمائة طفل بريء منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر.
ونحن نقول للمشككين في عدالة قضية أطفالنا بأنكم شركاء حقيقيون في الجرم , ونحن نطالب العدالة باستيفاء المعلومات حولكم وتقديمكم للعدالة بتهمة التورط في الجريمة.. كما ندعو سياسياً إلى مقاطعة الدول التي تأوي مثل هذه الشراذم الانتهازية المُشككة في العدالة.
حاتم... لم يتجاوز الأربعة أشهر لم يرتكب جريمة يستحق عليها الحكم بالموت البطيء...؟!
وضمن سلسلة لقاءاتنا مع أولياء أمور الأطفال الليبيين الضحايا المحقونين بالإيدز...
أما الذين يرجفون في الفضائيات ويتباكون على المجرمات البلغاريات فهم لم يأتوا بجديد فهذه هي طبيعتهم التي جبلوا عليها.. فتعريفهم للإنسان هو كل من يحمل في عروقه الدم الأزرق النبيل وغيره لا يستحق الحياة ولا عجب في عالم تقوده عقلية الاستعلاء، وتسيطر عليه العقدة العنصرية أن يكون هذا مصير الإنسانية لديهم.
فسحقاً لكل من يكيل بمكيالين ولن تؤثر فينا شكوكهم لإننا نثق بعدالة قضيتنا وصدقها وبنزاهة قضائنا واستقلاله.
أنها جريمة بشعة...
" إن هذه الجريمة البشعة ليست فكرة عابرة كانت تدور في أذهان المجرمين بل هي بفل عمل استخباراتي مدبر وراءه دوائر الاستخبارات الغربية والصهيونية للنيل من مستقبل هذه البلاد المتمثل في أطفاله رجال الغد "...
هذا ما حدثنا به المواطن " فيصل العقيلي " والد الطفلة المغدورة " حنين "... واستطرد قائلاً :- " إننا رغم حملات التشكيك التي يشنها الشركاء في الجريمة،فكلنا ثقة كاملة في قضيتنا وبإذن الله سوف تنتصر أرواح أطفالنا البريئة الطاهرة على الأرواح الشريرة قصر الزمن أو طال، فحياة أطفالنا لن تذهب هدراً.. ومعاناتنا ستكون هي المُحفز القوى للمطالبة بحق الحياة والعلاج والرعاية لأبنائنا.. وبحق القصاص العادل ضد كل من ساهم في هذه الجريمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولن يضيع حق وراءه مطالب.. والرحمة والجِنان لأطفالنا ولا رحمة لقاتليهم.. نحن لسنا إرهابيين ولم نساهم في خراب بلدانهم.. ومطالبنا عادلة يكفلها القانون والشرائع السماوية وما شرعه الغربيون أنفسهم من وثائق لحقوق الإنسان.
رغم حملات التشكيك و التشويش التي يشنها الشركاء في الجريمة،فكلنا ثقة كاملة في قضيتنا...
أننا أصحاب حق...
وكان لنا لقاء بالأخ / حسن الفارسي والذي بدوره أخبرنا عن مأساة أسرته حيث حُقن ابنه ولم تعلم والدته بخبره فاستمرت في إرضاعه لفترة طويلة قبل أن يُجرى له تحليل دم ويُكشف ما أصابه فانتقل الوباء إليها عن طريق الرضاعة.. وفي تلك الفترة كانت الأم حامل بمولودها الثاني حيث انتقل الوباء القاتل إلى الطفلة المولودة فأصبح يعاني مأساة أسرته بالكامل الطفل والطفلة وأمهما.
ولم يستطع أن يُكمل الحكاية غير انه يردد حسبي الله ونعم الوكيل.. وطالب بالقصاص العادل ممن ارتكبوا هذه الجريمة مخاطباً الضمير العالمي الحي بالوقوف مع هؤلاء الضحايا وأسرهم.. حتى يشعر بأنه غير متفرد بمأساته وإن الإنسانية بخير.. وإنه صاحب حق وِفق كل الشرائع الوضعية والسماوية ويشعر بأن العالم لن يتسامح مع من يقف دون حصوله على حقه ورد الظلم والعدوان عن أسرته والثأر لهم ممن تسببوا في معاناتهم مادام على قيد الحياة.
ألم يعتصرنا...
وكان لنا لقاء مع المواطن / عيسى العرفي والد الطفلة المحقونة " أمل "... حيث قال:- " وكنت أمل أن تكبر وتملأ حياتنا سعادة وأمل.. غير أن أيدي العابثين بحياتها حولت الأمل إلى ألمٍ يعصرها ويعتصرنا معها.
ولا أمل لنا في قضائنا الذي نتمنى أن يشفي بعض ما في صدورنا ممن أسى ووجع وينصفنا ممن ظلمنا و يخرس بحكمه كل الأسنة التي تشكك في قضية أطفالنا الضحايا على أيدي مُرتكبي الجرم.. فالرحمة على من فقدناهم من أطفال أبرياء والعافية لمن يقاومون الموت حتى الآن.
من يعوض صالح ما فقده...؟؟
وحدثنا أحد أولياء الأمور عن حكاية تُجسد مأساة عائلة كاملة حيث قال :- " الحاج صالح الفرجاني "لم يرزقه الله بذرية من شريكة حياته الحاجة " كنيزة " ومع إلحاح زوجته عليه بضرورة الزواج مرة أخرى تزوج الحاج من أمرة صالحة اسمها "هدية " وكانت فعلاً هدية من السماء حيث حققت للحاج صالح أمله في بقاء اسمه من بعده وأنجبت له طفلاً أسمته " صالح " بعد وفاة والده الذي لم تسعفه المنية في رؤيته وانتقل إلى رحمة الله.
وذات يوم مرض "صالح " مرضاً عارضاً اضطرت والدته لنقله إلى المستشفي لعلاجه غير أن القدر كان لهما بالمرصاد ولم تعلم الأم البائسة إنها سلمت صالح للمجهول.. فوأد الحاج صالح حلمه في أن تكون له سلالة من بعده فغرست في جسده الصغير النحيل الوباء القاتل.
والقصة لم تنته عند هذا الحد، فالأم الخائفة الحزينة على ولدها حرصت على أن تمده بالحياة من صدرها الحنون ليتغذى ويقوى على مرضه دون عِلمها بما في جسده.. فأرضعته مرة تلو المرة لبناً صائغاً.. غير إن الوباء اللعين عندما توفرت له ظروف الانتقال كان لها بالمرصاد فتسرب إليها من طفلها فلم يمهلها المرض الفتاك والحزن على طفلها بعد علمها بما أصابه طويلاً فانتقلت إلى رحمة الله وهي في ريعان شبابها تاركة "صالح " يعانى آلام المرض وفقدان الأب والأم، ترى من سبب في مأساة هذه الأسرة التي كانت تحلم بمستقبل واعد...؟ إنها حفنة من عصابة مأجورة خلت نفوسهم من الرحمة والإنسانية، وباعت سعادة وحياة أفراد أسرة بدراهم قليلة فبئس ما يشترون..!!
من يملك أن يعيد هذه الأسرة إلى ما كانت عليه..؟
هل تستطيع دول الغرب والشرق وسكان القارات الست أن تُعيد السعادة لصالح وتعوضه معاناته من ألم المرض الفتاك وحرمانه من صدر أمه الحنون وترجع إليه والده.. والسؤال هو أين المنظمات والجمعيات العالمية الخيرية من مثل هذه المأساة وغيرها من قصص الألم والمعاناة التي تعيشها أسر هؤلاء الضحايا..؟ إلا يكفيهم موت أكثر من ثلاثة وأربعين طفلاً ونحن نقول للمشككين في عدالة قضية أطفالنا إن كنتم تنتمون إلى سلالة البشر فاعلموا أن هناك بشر مثلكم يعانون ويرون أطفالهم يمشون أمامهم وهم يحملون أكفانهم فأعينوهم بالحقيقة بدل التشكيك في العدالة..،..،
الخــاتــمــة...
هذه هي حقيقة المعاناة التي يعيشها ذوى الأطفال المغدورين كما هي.. نقلنا منها جزءاً بسيطاً لبعض الأسر والواقع أشد ألماً وأكثر غُصة، فلكل أسرة مأساتها ومعاناتها وحكاياتها والتي لو استمرينا في نشرها فلن تكفينا دور النشر كلها لأنها بمساحة لا يستطيع العقل أن يحصرها.. بل ويصدقها فهي أكبر من الحقيقة الواقعة ولا يمكن تصور فداحتها حتى في خيال مؤلفي روايات المأساة والدراما فهي تفوق خيال البشر الذين ينتمون إلى جنس البشر ويعتبرون أنفسهم جزءاً من الإنسانية.. أما أولئك الذين لم يصلوا بعد إلى مرتبة البشر فلديهم ما يحدث لهؤلاء الأطفال أمر عادى.. لا يمكن أن يهز منهم شعرة أو يحرك حتى الشعور بالذنب وتأنيب الضمير فأنفسهم جُبلِتْ على القسوة ولا مكان للرحمة في قلوبهم.
رد مع اقتباس
المفضلات