صور دينية عن الرسم الحالي للقرآن , عبارات اسلامية عن رسم القرآن الحالي
بيسات عن الرسم الحالي للقرآن , كلمات عن الرسم الحالي للقرآن , رسائل عن الرسم الحالي للقرآن

حكم كتابة القرآن بالرسم الحالي:
لقد اختلف علماء المسلمين في حكم كتابة المصحف بالرسم العثماني، هل هي واجبة أم لا؟ وبالتالي: هل تجوز كتابته بالرسم المتعارف الآن أو لا؟
* فذهب فريق من العلماء إلى أن هذا الرسم، الذي كتب به المصحف الإمام، رسم توقيفي، لا تجوز مخالفته. ونسبوا التوقيف فيه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، واستدلوا لهذا: بأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان له كتّاب يكتبون الوحي، وقد كتبوا القرآن فعلا بهذا الرسم، وأقرّهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على كتابتهم، ومضى عهده والقرآن مكتوب على هذا النحو، لم يحدث فيه تغيير ولا تبديل. ثم جاء أبو بكر رضي الله عنه، فجمع القرآن في الصّحف بهذا الرسم، ثم حذا حذوه عثمان رضي الله عنه، فاستنسخ المصاحف على تلك الكتابة، وأقرّ الصحابة رضي الله عنهم عمل أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما، ثم انتهى الأمر إلى التابعين وتابعي التابعين ومن بعدهم، ولم يخالف أحد منهم في هذا الرسم، وعليه فيجب التزامه ولا تجوز مخالفته.
* وذهب فريق آخر إلى أن الرسم العثماني اصطلاحي لا توقيفي، فلا يجب التزامه ولا مانع من مخالفته، إذا اصطلح الناس على رسم خاصّ للإملاء وشاع بينهم. واحتجّوا لذلك بأنه: لم يرو في القرآن ولا في السنة ولا إجماع الأمة ما يدلّ على وجوب التزام ذلك، بل السّنّة دلّت على جواز رسمه بأي وجه سهل، لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يأمر بكتابته، ولم يبيّن لهم وجها معيّنا لرسمه، ولا نهى أحدا عن كتابته، ولذلك اختلفت خطوط المصاحف التي كتبها الصحابة لأنفسهم.
* والرأي الثالث، الذي ذهب إليه جمهور العلماء، هو أنّ الرسم العثماني ليس توقيفيا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكنّه اصطلاح ارتضاه عثمان رضي الله عنه، وأجمع عليه الصحابة، وتلقّته الأمة بالقبول، فيجب التزامه والأخذ به، ولا تجوز مخالفته. وهذا الرأي هو المنقول عن الأئمة والمذاهب المعتبرة.
روى أبو عمرو الداني، في كتابه (المقنع) عن أشهب قال: سئل مالك رحمه الله تعالى: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا، إلا على الكتبة الأولى. قال أبو عمرو: ولا مخالف له من علماء الأمة. ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه قال: تحرم مخالفة خطّ مصحف عثمان في واو، أو ألف، أو ياء، أو غير ذلك. ونقل عن كتب فقه الشافعية والحنفية: أنه ينبغي ألا يكتب المصحف بغير الرسم العثماني، لأن رسمه سنة متبعة.
والظاهر أن هذا الرأي هو الأرجح من الآراء، لما فيه من اعتدال، إلى جانب زيادة احتياط لكتاب الله عزّ وجلّ، والحفاظ عليه ضمان لصيانة القرآن من التغيير أو التبديل حتى في الشكل. علما بأن الاصطلاح الإملائي عرضة للتغيير والتبديل، بل إن قواعد الإملاء في العصر الواحد، قد تختلف وجهات النظر فيها وتتفاوت في بعض الكلمات من بلد لآخر، فإذا أبيح كتابة القرآن بالاصطلاح الإملائي لكل عصر، أدّى ذلك إلى التغيير في خطّ المصحف من عصر لآخر، وهذا مما يتنافى مع قداسة القرآن وعظمته في نفوس المؤمنين، ومما قد يؤدّي إلى اختلاف المسلمين في كتاب الله تعالى، ويجرّ إلى فتنة أشبه بالفتنة التي حدثت أيام عثمان رضي الله عنه، وحملته على استنساخ المصاحف. وحجة تيسير قراءة القرآن على الدارسين والعامة لا تبرّر التغيير الذي يمكن أن يؤدي إلى التهاون في تحري الدقة في كتابة القرآن، ثم يجر إلى الفتنة والاختلاف.
على أنه يمكن تحقيق ذلك التيسير، باعتياد قراءة القرآن في المصاحف على ذوي الاختصاص، لاسيما وقد علم أنه لابد في أخذ القرآن وحفظه وتعلمه من الاعتماد على المشافهة إلى جانب الكتابة، وأنه لا يكتفى بأحدهما عن الآخر، بل ربما كان الاعتماد على المشافهة أكثر من الكتابة وأولى.
هذا إلى جانب تعلّم فنّ التجويد والانتباه إلى الإشارات التحسينية التي وضعها العلماء على الكلمات، لمعرفة الفوارق الإملائية في الرسم. على أنه يمكن أن ينبّه في ذيل كل صفحة من صفحات المصحف، إلى ما يوجد فيها من كلمات تخالف في رسمها وإملائها الرسم المتعارف والإملاء المألوف.
وأخيرا يمكننا أن نقول: إنه لا بأس بمخالفة الرسم العثماني والكتابة بالإملاء المتعارف، إذا كنا نكتب آيات القرآن في مجالات التعليم والتدريس، كأن يكتب على السبورة مثلا أو على لوح للصغار أو ما إلى ذلك من أشياء، لا يقصد بها كتابة مصحف أو جزء منه، بل المقصود أن يذاكر الطلاب هذه الآيات ويستظهرونها على الوجه الأكمل والأداء الصحيح. وقد نقل عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام ما يفيد جواز ما قلناه، والترخيص فيه، بل الدعوة إليه.