حكم حب إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من الأخريات
السؤال
ما حكم محبة إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من الأخريات، والتعاطف معها مثلا: أكون سعيدا عندما أعلم بأن السيدة خديجة أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضوان الله عليهما؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا حرج على المسلم المعاصر أن يحب إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من غيرها، لا سيما إذا كانت خديجة التي هي أم أبنائه، والتي هي جدة لجميع الآل رضي الله عنها.

ويدل لهذا أن الشرع لم يوجب التفضيل في الحب إلا في حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ {البقرة:165}. وقال تعالى: قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {التوبة:24}. وفي الحديث: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بهن حلاوة الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا... الحديث متفق عليه.

وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده، والناس أجمعين .

وأما عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الظاهر تفضيله لخديجة على عائشة - رضي الله عنهما- كما يفيده الحديث الذي روته عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء. قالت: فغرت يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكر حمراء الشدقين، قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها. قال: ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدا إذ حرمني أولاد النساء. رواه أحمد وحسنه الهيثمي في المجمع. وفي حديث المسند والطبراني:أفضل نساء الجنة أربع: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة ابنة محمد، وآسية ابنة مزاحم. وقال الهيثمي:رجالهما رجال الصحيح، ووافقه الأرناؤوط.
وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح شاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: إنها كانت، وكانت، وكان لي منها الولد. متفق عليه.
قال الذهبي: هي أول من آمن به وصدقه قبل كل أحد، وثبتت جأشه ومضت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل عندما جاءه جبريل أول مرة في غار حراء، ومناقبها جمة، وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة، جليلة، دينة، مصونة من أهل الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها حتى قالت عائشة رضي الله عنها: ما غرت من امرأة ما غرت من خديجه من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها، وما تزوجني إلا بعد موتها بثلاث سنين. اهـ.

والله أعلم.