تفسير سورة الكوثر كاملة - سبب تسمية سورة الكوثر - معاني كلمات سورة الكوثر
صور سورة الكوثر , تفسير سورة الكوثر , سبب نزول سورة الكوثر , الكلمة معناها سورة الكوثر , عدد ايات سورة الكوثر , نوع سورة الكوثر
تفسير سورة الكوثر كاملة - سبب تسمية سورة الكوثر - معاني كلمات سورة الكوثر

صور سورة الكوثر , تفسير سورة الكوثر , سبب نزول سورة الكوثر , الكلمة معناها سورة الكوثر , عدد ايات سورة الكوثر , نوع سورة الكوثر

سورة الكوثر، سورة مكية رتبتها 108 بين سور القرآن الكريم، هي أقصر سور القرآن الكريم بآياتها الثلاث، نزلت بعد سورة العاديات

ومناسبتها لما قبلها أنه وصف في الأولى الذي يكذب بالدين بأمور أربع:

بشرى للنبي محمد بالنسل الصالح وسيبقى ذكره
البخل.
الإعراض عن الصلاة.
الرياء.
منع المعونة.

وهنا وصف ما منحه رسوله من الخير والبركة، فذكر أنه أعطاه الكوثر وهو الخير الكثير، والحرص على الصلاة ودوامها، والإخلاص فيها والتصدّق على الفقراء.
سبب نزول سورة الكوثر

كان المشركون من أهل مكة والمنافقون من أهل المدينة يعيبون النبي ويلمزونه بأمور:

أنه إنما اتبعه الضعفاء ولم يتبعه السادة الكبراء، ولو كان ما جاء به الدين صحيحا لكان أنصاره من ذوي الرأي والمكانة بين عشائرهم، وهم ليسوا ببدع في هذه المقالة، فقد قال قوم نوح له فيما قصه الله علينا: فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ. وقد جرت سنة الله في خلقه أن يسرع في إجابة دعوة الرسل الضعفاء، من قبل أنهم لا يملكون مالا فيخافوا أن يضيع في سبيل الدعوة الجديدة، ولا جاها ونفوذا فيخافوا أن يضيعا أمام الجاه الذي منحه صاحب الدعوة, وأن يتخلف عنها السادة الكبراء حتى يدخلوا في دين الله وهم له كارهون، ومن ثم يظل الجدل بين أولئك الصناديد ورسل الله، ويأخذون في انتقاصهم. وكيل التهم لهم تهمة بعد تهمة، والله ينصر رسله ويؤيدهم ويشدّ أزرهم. وعلى هذا السّنن سار أهل مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تخلف عنه سادتهم وكبراؤهم حسدا له ولقومه الأدنين.
إنهم كانوا إذا رأوا أبناءه يموتون، يقولون: انقطع ذكر محمد وصار أبتر، يحسبون ذلك عيبا فيلمزونه به ويحاولون تنفير الناس عن اتباعه.
إنهم كانوا إذا رأوا شدة نزلت بالمؤمنين طاروا بها فرحا وانتظروا أن تدول الدّولة عليهم وتذهب ريحهم، فتعود إليهم مكانتهم التي زعزعها الدين الجديد. فجاءت هذه السورة لتؤكد لرسوله أن ما يرجف به المشركون وهم لا حقيقة له، ولتمحص نفوس الذين لم تصلب قناتهم، ولتردّ كيد المشركين في نحورهم، ولتعلمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم منتصر لا محالة. وأن أتباعه هم المفلحون.

خلاصة سبب النزول

قال ابن عباس : « نزلت في العاص بن وائل وذلك أنه رأى رسول الله يخرج من المسجد وهو يدخل فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا وأناس من صناديد قريش في المسجد جلوس فلما دخل العاص قالوا له من الذي كنت تحدث قال ذاك الأبتر يعني النبي وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله وكان من خديجة وكانوا يسمون من ليس له ابن أبتر فانزل الله تعالى هذه السورة» .
حدثني يزيد بن رومانقال :« كان العاص بن وائل السهمي اذا ذكر رسول الله قال دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له لو هلك انقطع ذكره واسترحتم منه فأنزل الله تعالى في ذلك إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ إلى آخر السورة وقال عطاء عن ابن عباس كان العاص بن وائل يمر بمحمد ويقول إني لأشنأك وإنك لأبتر من الرجال فأنزل الله تعالى إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ من خير الدنيا والآخرة .»

شرح بعض مفردات السورة

الكوثر: المفرط في الكثرة، قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر: بم آب ابنك؟ قالت: آب بـكوثر، ويقال للرجل الكثير العطاء هو كوثر، قال الكميت الأسدي:

وأنت كثير يا ابن مروان طيّب وكان أبوك ابن العقائل كوثرا

والشانئ: المبغض،
وأصل الأبتر: الحيوان المقطوع الذنب، والمراد به هنا ما لا يبقى له ذكر ولا يدوم له أثر, فشبه بقاء الذكر الحسن واستمرار الأثر الجميل بذنب الحيوان من حيث إنه يتبعه وهو زينة له. وشبه الحرمان منه ببتر الذنب وقطعه.

تفسير سورة الكوثر
مقالة مفصلة: الكوثر

(إنا أعطيناك الكوثر)، بهذه الآية الكريمة، افتتح الله سورة الكوثر، مذكراً نبيه بنعمة عظيمة، ومنة كريمة، وموعود أخروي، جعله الله عز وجل كرامة لنبيه، وبشارة له ولأمته من بعده، ثم رتب على ذلك الوعد العظيم، الأمر بالصلاة والعبادة، والوعد بالنصر والتأييد { فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر } و الكوثر هو نهر في الجنة كما جاء في الحديث عن أنس بن مالك قال :
” بينا رسولُ اللهِ ذاتَ يومٍ بين أَظْهُرِنَا ، إذ أَغْفَى إغفاءةً ، ثم رفَعَ رأسَه مُتَبَسِّمًا! فقُلْنَا : ما أضْحَكَكَ يا رسولَ اللهِ ؟ ! قال : أُنْزِلَتْ عليَّ آنفًا سورةٌ. فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . إنا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر . إن شانئك هو الأبتر ثم قال: أَتَدْرون ما الكوثرُ ؟ فقلنا : اللهُ ورسولُه أعلمُ . قال: فإنه نهرٌ وعَدْنِيه ربي عزَّ وجَلَّ ، عليه خيرٌ كثيرٌ ، و حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يومَ القيامةِ ، آنيتُه عددُ النجومِ ، فيَخْتَلِجُ العبدُ منهم ، فأقولُ : ربِّ ، إنه مِن أمتي . فيقول : ما تدري ما أَحْدَثَتْ بعدَك . زاد ابنُ حجرٍ في حديثِه: بين أَظْهُرِنَا في المسجدِ . وقال : ما أَحْدَثَ بعدَك .[4] “


وأصل كلمة الكوثر يدل على الكثرة والزيادة، ففيه إشارة إلى كمال الخيرات التي ينعم الله بها على نبيه في الدنيا والآخرة. ولا تقل صفات ماء نهر الكوثر جمالا وجلالا عن النهر نفسه، فقد ثبت في أحاديث للنبي أن ماء نهر الكوثر أشد بياضا من اللبن، وأحلى مذاقا من العسل، وأطيب ريحا من المسك، حتى إن عمر بن الخطاب لما استمع إلى تلك الأوصاف، قال للنبي : إنها لناعمة يا رسول الله، فقال النبي : (آكلوها أنعم منها). وجاء الوصف النبوي لماء نهر الكوثر بأن من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا، ولم يسود وجهه أبدا.

أما الحوض الذي يكون في أرض المحشر، فطوله مسيرة شهر، وعرضه كذلك، ولهذا جاء في الحديث أن النبي قال: (حوضي مسيرة شهر، وزواياه سواء)، أي أن أطرافه متساوية، وجاء في وصف الحوض أيضا أن آنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها.

أما ماء الحوض فهو مستمد من نهر الكوثر كما سبق، فصفات الماء واحدة، كرامة من الله لنبيه والمؤمنين من أمته، حيث يتمتعون بشيء من نعيم الجنة قبل دخولها، وهم في أرض المحشر، وعرصات القيامة، في مقام عصيب، وحر شديد، وكرب عظيم.



والميزابان اللذان يصلان بين نهر الكوثر في الجنة، وبين حوض النبي في أرض المحشر، لا يقلان شأنا عن النهر والحوض، فالميزابان أحدهما من فضة والآخر من ذهب، فالماء من أطيب ما يكون، ومقره من أرق ما يكون، ومساره ومسيله من أغلى ما يكون.

وقد جاءت الأحاديث النبوية تبين أن لكل نبي من الأنبياء حوضا في أرض المحشر وعرصات القيامة، فقد ثبت عن سمرة ابن جندب أن النبي - - قال إن لكل نبي حوضا ترده أمته، وإنهم ليتباهون أيهم أكثر واردة، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة)، فرحمة الله في ذلك الموقف قد شملت المؤمنين من كل الأمم، فلكل نبي حوض، يرده المؤمنون من أمته، إلا أن حوض نبينا يتميز بثلاثة أمور :

الأول : أن ماءه مستمد من نهر الكوثر، فماؤه أطيب المياه، وهذا لا يثبت لحوض غيره من الأنبياء، عليهم جميعا صلوات الله وسلامه.
الثاني : أن حوضه أكبر الأحواض.
الثالث : أن حوضه أكثر الأحواض واردة، أي يرد عليه من المؤمنين من أمته، أكثر ممن يرد على سائر أحواض الأنبياء من المؤمنين من أمتهم.

ويحظى بشرف السبق في ورود حوض النبي من أمته فقراء المهاجرين، فعن ثوبان مولى رسول الله - - أنه قال : (أول الناس ورودا على الحوض فقراء المهاجرين، الشعث رؤوسا، الدنس ثيابا، الذين لا ينكحون المنعَّمات، ولا تفتح لهم أبواب السدد)، والسدد هي القصور الخاصة بالمترفين، فكما أنهم كانوا أفقر الناس في الدنيا، وأقلهم منصبا، وأدناهم شأنا، مع ما كانوا عليه من قوة اليقين، وصدق الإيمان، وعظيم البذل والتضحية في سبيل الله، فقد نالوا كرامتهم في أرض المحشر، بورودهم أول الناس على حوض النبي .

هذه السورة خالصة لرسول الله Mohamed peace be upon him.svg كسورة الضحى، وسورة الشرح. يسري عنه ربه فيها، ويعده بالخير، ويوعد أعداءه بالبتر، ويوجهه إلى طريق الشكر. كذلك تمثل حقيقة الهدى والخير والإيمان. وحقيقة الظلال والشر والكفران..الأولى كثرة وفيض وامتداد. والثانية قلة وانحسار وانبتار. (إن شانئك هو الأبتر)

في الآية الأولى قرر أنه ليس أبتر بل هو صاحب كوثر (وقد وردت روايات كثيرة أن الكوثر نهر في الجنة أوتيه رسول الله). وفي هذه الآية يرد الكيد على كائديه ،ويؤكد- الله – أن الأبتر ليس هو محمد، إنما هم ِشانئوه وكارهوه.

إن الدعوة إلى الله والحق والخير لايمكن أن تكون بتراء ولا أن يكون صاحبها أبتر، وكيف وهي موصولة بالله الحي الباقي الأزلي الخالد ؟إنما يبتر الكفر والباطل والشر ويبتر أهله، مهما بدا في لحظة من اللحظات أنه طويل الأجل ممتد الجدور.

وصدق الله العظيم. وكذب الكائدون الماكرون.

قال المراغي: «(إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) أي إنا أعطيناك من المواهب الشيء الكثير الذي بعجز عن بلوغه العدّ، ومنحناك من الفضائل ما لا سبيل للوصول إلى حقيقته، وإن استخف به أعداؤك واستقلوه، فإنما ذلك من فساد عقولهم، وضعف إدراكهم.

(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) أي اجعل صلاتك لربك وحده، وانحر ذبيحتك وما هو نسك لك لله أيضا، فإنه هو الذي رباك وأسبغ عليك نعمه دون سواه كما قال: تعالى آمرا له: « قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ». وبعد أن بشر رسوله بأعظم البشارة، وطالبه بشكره على ذلك، وكان من تمام النعمة أن يصبح عدوه مقهورا ذليلا، أعقبه بقوله: (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) أي إن مبغضك كائنا من كان هو المقطوع ذكره من خيري الدنيا والآخرة، وأما أنت فستبقى ذريتك، ويبقى حسن صيتك، وآثار فضلك إلى يوم القيامة. وشانئوه ما كانوا يبغضونه لشخصه، لأنه كان محبّبا إلى نفوسهم، بل كانوا يمقتون ما جاء به من الهدى والحكمة، لأنه سفّه أحلامهم، وعاب معبوداتهم، ونادى بفراق ما ألفوه ونشئوا عليه. وقد حقق الله في شانئيه من العرب وغيرهم في زمنه ما يستحقونه من الخذلان والخسران، ولم يبق لهم إلا سوء الذكر أما النبي ، ومن اهتدى بهديه فإن الله رفع منزلتهم فوق كل منزلة، وجعل كلمتهم هي العليا.»

قال الحسن رحمه الله: عنى المشركون بكونه أبتر: أنه ينقطع عن المقصود قبل بلوغه، والله بيّن أن خصمه هو الذي يكون كذلك . وصلّ ربنا على نبيك محمد الذي أعليت ذكره، وأذللت شانئه، صلاة تبقى ما بقي الدهر.