كتاب مقاومة الشيخ غومة/
أطلعت مؤخراً على الكتاب الذى صدر عن مركز دراسات جهــاد الليبييــــن سنة 1988 { سلسلة دراسات معاصرة -4} بعنوان [ مقاومة الشيخ غومة المحمودى للحكومة العثمانية في ايالة طرابلس 1835-1958] والذي تضمن بحثاً تقدم به الأخ/ محمد أمحمد الطوير سنة 1981 لنيل درجة الماجستير في التاريخ ، استحق به عن جدارة درجة الماجستير بعد مناقشة البحث في كلية التربية بجامعة الفاتح . ألا أن قيمة البحث أكبر من ذلك بكثير لعدة أسباب أهمها أنه رائد الأبحاث العلمية الأكاديمية عن الرواد الذين شاركوا في صنع تاريخنا ولأن الباحث لم يكتف بالمراجع الجاهزة والوثائق التي سبق انتقائها وترجمتها بل قام بالبحث عن المزيد من المراجع والوثائق والمعلومات في أماكن تواجدها وحاول أن يعيش الأحداث فزار مواقع حدوثها ومواطن نشوئها . لقـد عمل الأخ/ الطوير على تلافى كل السلبيات التي أثيرت حول البحث أثناء مناقشته واستمع بكل احترام لجميع وجهات النظر التي قيلت حول البحث وعمل خلال فترة ليست بالقصيرة على استكمال نواقص البحث لكي يكون أحد المراجع العلمية الهامة . كتاب الأخ / الطوير ليس سرداً للأحداث فقط وإنما دراسة وبحث يلاحظ من خلالهما الموضوعية في الطرح والتحليل والاستنتاج أن لزم الأمر وفي انتقاء المعلومة واختيار الوثيقة بعد تدقيق وتحقيق ووزن لها مع إحاطة شاملة بالأسباب والدوافع لمضمونها ذلك لأن الباحث ليس لديه نوايا سيئة يرغب في دسها أو أطماع في استمالة أحد إلى جانبه ، كما عمل الكثير من الكتاب الأجانب الذين أرخوا للفترة التي يتناولها كتاب الأخ / الطوير وترجمت وأصبحت (مع الأسف) مذكراتهم وأبحاثهم ودراساتهم مراجع معتمدة في التاريخ الوطني على الرغم من أن بعض اصحابها قد أعدوا كجنود لأداء مهمة التمهيد للاحتلال الإيطالي ، لقد بذل المؤلف جهوداً مضنية لتقصي الحقائق وجمع المعلومات المهمة واضعاً في اعتباره أن محاور البحث والدراسات التاريخية تعتمد على المعرفة والاحاطة بأحوال الإنسان والزمان والمكان وكما يقول أبن خلدون أن أحداث التاريخ ( ظاهرها لا يزيد على أخبار الأيام والدول ولكن باطنها نظر وتحقيق وتحليل للكائنات ومبادئها دقيق ، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق ) وليس غريباً أن ينتهج الباحث الأسلوب العلمي في دراسته وبحثه فهو الباحث المتخصص والهاوي المتحمس لمهنته الساعي لأن يكون أكثر من جامع للوثائق ومنسق للمعلومات وإنما مجتهد ومنقب وباحث عن الجديد ، ومحلّل للأحداث والوقائع بمراعاة مصادرها وكل الظروف المحيطة بها والتي لابد وأن تكون مؤثرة ومتأثرة بها . فتكوين وثقافة وتعليم المؤلف وما يتمتع بها الذين التقى بهم لاستطلاع معلوماتهم وارأيهم حول مادة الكتاب من احترام للآراء العلمية وتقدير للاستنتاجات الموضوعية كل ذلك وغيره ساعده على إعداد بحثه بكامل الحرية ولم يتعرض لاي عائق كالذي تعرض له / أحمد النائب الذى قال عنه الشيخ المرحوم/ الطاهر الزاوي { فأن ظروف أحمد النائب لم تكن تسمح له بالصراحة لأن مراعاة الظروف بالنسبة للمؤرخ فى الاقتصار على بعض الحقائق وترك بعضها للظرف المناسبة سنة متبعة منذ القدم وأن الذي يقرأ المنهل العذب يفهم منه صورة لما كان يشعر به الأستاذ/ أحمد النائب في نفسه ولم يصرح بها 1 .} لقد بين الباحث الأسباب والدوافع الكامنة وراء حركة الشيخ غومة ضد العثمانيين وقسمها إلى أسباب سياسية واقتصادية ودينية واجتماعية ووطنية وقومية وهي أسباب مقبولة وتؤكد الوثائق صدقها إلا أن ذلك لا يمنع من القول بأن محاربة المحاميد للعثمانيين قد بدأت قبل سنة 1207 واستمرت متواصلة ويؤكد التاريخ أن الشيخ/ احمد بن نوير والشيخ/ أبو القاسم بن خليفة بن عون وغيرهم من مشائخ المحاميد قد حاربوا العثمانيين وتعاونوا مع القره مانلليين الذين كانوا يعترفون بحكم المحاميد لمنطقة الجبل الغربي وأن يوسف باشا القره مانللي قد غدر بشيخ المحاميد / أبو القاسم بن خليفة واغتاله في دار ضيافته بطرابلس ... (( دعاه لطرابلس بالأمان ولسلامة نيته قدم عليه سنة 1236 فأكرم مثواه أنزله منزلاً كريمة وأنعم عليه بهدايا نفيسة ولم يلبث أن أمر بقتله فاغتيل ليلاً على غرة منه بدار الضيافة سنة 1236هـ 2.) )) وكان ذلك بهدف إخضاع الجبل الغربـــــــــي للقره مانليين مباشرة إلا أن اغتيال الشيخ أبو القاسم لم يحقق الهدف . والأستاذ/ على مصطفي المصراتي في كتابه غومة فارس الصحراء صفحة (209) يرجع الرأي القائل بأن الإدارة هي التي دبرت أمر اغتيال أبو القاسم وليس الحاكم المستضيف كما أكدت الكتب التاريخية 3 ) . وإذا ما أضيف إلى ما ورثه غومة عن أسرته وآله قناعاته الشخصية والتي نجح المؤلف في إبرازها وهي تولى أبناء البلاد إدارتها كما حدث في مناطق أخرى مثل البلقان فإن تحليل الأخ /الطوير للأحداث ومحاولته الجادة للرد على كثير من التساؤلات كانت إيجابية . وبعد وبما أن أكثر المراجع والمؤلفات التي تناولت مقاومة الشيخ غومة قد أشارت إلى الخلاف القائم بين غومة وأحد أبناء عمومته قاسم بيرى وبما أن الأخ / الطوير قد أشار هو كذلك إلى هذا الموضوع فإن الأمر يدعو إلى إيراد بعض الملاحظات حول هذا الموضوع :- أولاً:إن غومة وقاسم وأخويه أحمد وعبد الصمد قد تربوا في بيت خليفة والد غومة لوفاة والدهم ولأنه أقرب المحاميد نسباً إليهم ، حيث تولى الإشراف على تربيتهم وتنشئتهم وتكوينهم ، وأن غومة وقاسم كانا في عمرين متقاربين وأن كل واحد منهما كان يرى نفسه أفضل من الآخر ، وفي إحدى المرات اختلف غومة وقاسم على أمر يخص أحد أصحاب المحاميد فاتجها إلى والد غومة ليبت في الأمر ولما كان قد أيد وجهة نظر أبنه فقد غضب قاسم فاتفق مع أخويه على الانفصال عن غومة في الوقت المناسب والاتجاه إلى صرمان سراً (المقر الصيفي للمحاميد) ودبروا لذلك أمراً وهو أنه في اليوم الذي يتقرر فيه الرحيل إلى موقع آخر كما هي العادات وقتها يظهرون استعدادهم للبقاء إلى حين استكمال انتقال غومة ثم يلحقون به في اليوم التالي وهكذا حدث ، سافر آل غومة جنوباً وسافروا هم شمالاً إلى صرمان فلحق بهم غومة بعد عدة أيام ووجد أخاهم الأكبر عبد الصمد مختبياً في صرمان من العثمانيين بعد أن تم اعتقال قاسم وأحمد من العثمانيين باعتبارهما من اتباع غومة وجادل غومة عبد الصمد (الذي تسميه بعض المصادر محمد) في أمر العودة إلا أنه رفض رئاسته والعودة معه فكلف غومة أحد اتباعه بإطلاق النار عليه وقتله وتم ذلك فعلاً .. وعندما علم العثمانيون بالأمر افرجوا عن قاسم وأحمد واصبح المفرج عنهما في نظر العثمانيين بأنهم من اتباعهم مع أقربائهم ومؤيديهم من المحاميد وأصحابهم .. ثانياً:خلال مدة اعتقال غومة في تركيا (12) سنة كان قاسم من المهتمين برعاية شئون أسرة غومة التي أقامت بعض الوقت في بيت قاسم بالزاوية (الصابرية) وعندما رجع غومة من تركيا استقبلته والدته قبل وصوله يفرن وطلبت منه عدم التعرض لقاسم وطلبت من قاسم ذات الطلب ، وفعلاً تحقق لها ما أرادت فلم تقاوم قلعة يفرن هجوم غومة ولم يفعل غومة شيئاً يذكر لقاسم .... لقد كان الاختلاف في وجهات النظر قائما بين غومة وقاسم إلا أنه لم يرق إلى مستوى الخيانة والغدر ، وأبناء وأحفاد غومة وقاسم عاشوا ولا زالوا يعيشون مع بعضهم البعض وعلاقاتهم الاجتماعية دائمة ومنذ ذلك التاريخ مستمرة والمصاهرة بينهم كانت ولازالت قائمة ... مواقفهم تجاه القضايا الكبرى والمبادى والقيم واحدة .. ثالثاَ:نورد بعض ما اختلق حول خلاف غومة وقاسم :- أ -(.. وكان غومة وأبن عمه بيرى يتنفسان على الاستيلاء وحوزة المناطق الجبلية والمنافذ الهامة وفي ليلة غير مقمرة .. في ظلمة هادئة إلا من همهمات فرس مدرب أطلقت على أبن آخى بيرى وذهب ضحية يلفه الظلام وتطوقه الرمال .. وكان صاحب الطلقات يهدف صدر بيرى ولكنه الحظ العاثر .. من هذه المحاولة نشأت فرقة بين هذه القبائل التي تنظوى تحت لواء غومة وانقسمت إلى شطرين : فريق ينحاز إلى بيرى وفريق إلى أبن عمه غومة .. وكان أكثر شجاعة .. وأشد بأسا وجراءة لا يعرف المحال 3.) ب-( وفي هذه المرة حاول راغب باشا أن يقترب من الحقيقة ولو خطوة ، فاصدر أمره أن يعين نائبا عنه في المنطقة الجبلية (قاسم) الشيخ (قاسم المحمودى) فهو عربي .. مواطن .. غير عسكري ، بل هو من أقارب غومة فكرة قد تكون صائبة 3 ) . كما وكتب الأستاذ/ على المصراتي فقال (الدولة تحمي ظهره " أي قاسم") .. وتمده بما يريد .. وستكون له رتبة .. أن لقب الباشوية في انتظاره ورضا الباب العالي يضع له مكانه .. وسيسبغ عليه ثوباً فضفاضاً .. ودغدغت الأحلام - قاسم المحمودي - ووافق على الفكرة .. وأغراه ما لقي من مظاهر التبجيل والإكرام .. ويقوم رواة التاريخ من شيوخ البادية كما سمعوا من أجدادهم أن قاسم طوى عريضة غومة التي كانت في جيبه وأهمل شأن الوساطة التي قطع عهداً لغومة أن يقوم بها . خان الأمانة .. خان بنى قومه .. ولحق قاسم بمعسكر اللواء أحمد باشا الارنؤوطي 3 ) . للاستاذ/ على المصراتي مع احترامنا لمصادر معلوماته إلا أن ذلك لا يحول دون إثبات أن الحادثة التي يشير لها في (ج) وهي الحملة التي أعدت لمحاربة غومة كانت بعد فراره من تركيا ورجوعه للجبل ، وكما هو معلوم ومؤكد لدى جميع المؤرخين أن رتبة الباشوية قد منحت لقاسم المحمودى قبل فرار غومة من تركيا فغومة نفسه يؤكد ذلك إذ أرسل في سنة 1855 رسالة إلى بأي تونس جاء فيها (.. حين غبنا عن وطننا وليتوه عنه وهو ليس من حقه هذه الرتبة التي وصلتوه لها باشا فساد وخرق العوائد ... إحنا رؤوس العروبة نعرفوا قيمة السلطنة ونعطوها كارها ..4 ) . الباشوية استحقها قاسم لاخلاصه للدولة العثمانية ومقدرته ولم ينلها للغدر ومنحت له كما منحت لغيره من الليبيين والعرب المسلمين (صفة الباشوية) ولا علاقة لحصول قاسم عليها بمحاربة غومة فهما لم يتحاربا على الإطلاق وأن تخيل البعض ذلك .. والمنح والتقليد لها كان وقت غياب غومة عن الوطن وتوقف مقاومته في الجبل لمدة (12) سنة ، وما ينطبق على باشوية قاسم ينطبق على كل ما قيل واختلق حوله من قبل الأوربيين الذين كانوا يحفرون قبر الإمبراطورية العثمانية وغيرهم فالمسابقة على الفوز بالفتاة ، وإطلاق النار بالليل في الظلام الدامس وعدم تحمل قساوة الصحراء وغدر قاسم لغومة (وعدم غدر غومة لبيرى) كل ذلك اختلاق وافتراء لا علاقة له بالحقيقة والتي نعتقد بأنها تنافس شريف على الزعامة واختلاف في وجهات النظر في قضايا وأمور أكثر عمقاً مما استنتج السطحيون أو اختلق المتآمرون على العرب والمسلمين . د-( وفي ربيع 1837 بدأ طاهر باشا حملته ضد المتمردين في الدواخل مدفوعا إلى ذلك بالحادث التالي :-كان من العادات الشائعة في يفرن أن يقوم المتطلعون إلى الزواج من فتاة جميلة بالتنافس في سباق للخيل يطلقون أثناءه الأعيرة النارية ، فوق ظهور خيولهم التي تعدو بسرعة خيالية وعلى مشهد من الأهالي الذين يتابعون هذا السباق وتكون الفتاة من نصيب الفائز فيه ... وحدث أن حضر غومة إحدى هذه المناسبات وتسابق مع أبن عمه بيرى الذى تغلب عليه بإقرار والد غومة الشيخ خليفة ، وشعر غومة بأنه قد طعن في كرامته وكبريائه فانتقم لذلك بارتكاب جريمة ، إذ أطلق النار ليلا على أبن عمه فأصاب شقيق بيرى وانقسم الناس وانحاز كل منهم إلى فريق يؤيده أما بعطف أو بقرابة .. 5) هـ)(وبعد ذلك بمدة قصيرة علم الناس بمقتل غومة الذي قيل أنه قتل في إحدى المعارك كانت تلك هي الرواية التي بثها الأتراك ، غير أنه سرعان ما ظهرت الحقيقة ، ذلك أن أحد أفراد قبيلة المحاميد ويدعى بيرى كان قد مل الحياة القاسية التي كان يحياها متنقلا مع سيده غومة فصمم على أن يضع حداً لذلك على نحو شنيع ، ذلك أن بيرى هذا هو الذي أشار على القوات التركية بمغادرة مدينة طرابلس حيث انضم إليها بعد ذلك كمرشد وجاسوس لها لمباغتة غومة وكان رجال هذا الأخير قد سرحوا وراء قطعان ماشيتهم عبر المراعي فيما ظل غومة مع بعض خدمه فقط منعزلا تحت الجبل ولقد وقع الهجوم عليه ليلاً بناء على مشورة بيري الغدار ..2) . أن ما ورد في الروايتين (د ، هـ) اختلاق فلم تطلق النار داخل تجمع المحاميد حيث جرى السباق ولا في غيره ن والنار أطلقت على أخ قاسم في صرمان وهي تبعد عن الموقع في وادي الأثل بأكثر من مائة كيلو متر أما بشأن أن بيرى قد مل حياة الصحراء فغدر فهذه أكذوبة مضحكة كان يجب نفيها لأن الكتاب الذي وردت فيه يرد عليها من سياق الحوادث (فبيرى) سواء أكان قاسما أو احمد أو عبد الصمد الذي أمر بقلته فلم يكن أي منهم عند وقوع الحادثة أو قبلها بأكثر من عشرين عاما تابعاً لغومة ولم يتنقل معه في الصحراء ولم يكن سيداً له كما أن آل بيري كما يؤكد الكتاب ذاته كانوا مواليين للدولة ومعينين حكاماً ولا يعقل أن ينطبق عليهم ما أشار إليه المؤلف من الحياة القاسية ، وحقد حكومة السيد شارل فيرو ورسالته المعروفة في شمال إفريقيا لا تبيح له الكذب على كل ما لا يحارب الإمبراطورية الثمانية أو (الرجل المريض) كما سموها وخططوا لها أن تكون ، وفرنسا وممثلها (شارل فيرو) هي التي (عن طريق الأميرال روز) اشترطت بالقوى على السلطات العثمانية . (عزل قائمقام زوارة / احمد بك بيرى شقيق قاسم من منصبه مع الالتزام بعدم إعادته إلى ذلك المنصب أو إسناد منصب أخر إليه ..2) باعتباره أحد أفراد الأسر المعادية لنشاطهم في ليبيا وممثلاً للإدارة العثمانية العدو المستهدف من أوربا . و-اعتراض غومة الدائم على تعيين قاسم بن على بن الوحيشي بن محمد بن سعيد السلطاني حاكما للجبل ومنحه رتبة (باشا) كما ورد في الصفحة (75) من كتاب الأخ/الطوير موضوع البحث ومطالبته الدائمة بإحلاله محله لم يكن بسبب طغيان أو ظلم قاسم أو لعيب أخر فيه وإنما لأن العادات والتقاليد المعمول بها تعطي الحق لغومة في أن يكون شيخ القبيلة باعتباره وارثاً لها من أبيه وعدم اقتناعه بانتقالها إلى بيت آخر ووجود قاسم حاكما للجل مع لقب الباشوية في ذلك الوقت يعني أن الزعامة لدى قاسم وهو أمر حز في نفسه وتعذر عليه القبول به ويتأكد ذلك في الوثيقة رقم 6 صفحة 359 من كتاب الأخ الطوير..... إلا أن كلا الرجلين لم يكونا خائنين أو غدارين فغومة تعاون لأسباب قومية ووطنية وشخصية مع القره مانليين وغيرهم وقاسم تعاون لمصلحة الدولة الإسلامية ولمصالحه الشخصية ولكل مهما وجهة نظر ينبغي أن تحترم والمؤرخون الأوربيون يرون أن كل من يحارب العثمانيين ولو كان عدوا وكارها لهم صديقاً والذين أرخوا من المسلمين في تلك الحقبة للعثمانيين والمتعاونين معهم يرون أن كل من حارب الامراطرية العثمانية عدواً خائناً وربما كافراً ولو كانت محاربته لها قاصرة على مساوئها وعيوبها . والقره مانليون الذين سبق التعاون معهم لمصالح قومية قد أبدوا استعدادهم لمساعدة الإيطاليين ، إذ صرح حسونة باشا سنة 1890 : ( باستعداده لتوفير التسهيلات للاحتلال الإيطالي إذا عمل هذا الاحتلال على أن يقيم بطرابلس الغرب حكماً شبيهاً بالحكم القائم بتونس . 6 ) وكانت حربهم للعثمانيين بسبب رغبتهم في حكم ايالة طرابلس لأنهم عثمانيون استوطنوا طرابلس وبالتالي فإنهم أولى بها من المبعوثين من تركيا .) وعندما قامت حرب الجهاد ضد الغزو الإيطالي لليبيا وجد احفاد غومة مثل محمد سوف وأبنه عون دعماً قوياً من العثمانيين لمواصلة الجهاد وكان لأسرة بيرى دوراً كبيراً فيه خاصة وأن أحمد بيري باشا حفيد قاسم بيرى باشا (متزوج الشاردة بنت محمد سوف والتي تزوجها بعد استشهاده خاله أحمد امحمد أحمد بيري ) كان ضابطا مؤهلاً وخريجاً من أرقى الكليات العسكرية باستنبول والذي اعدمه الإيطاليون مع مجموعة أخرى من الليبيين فى منطقة الصابرية بعد الاحتلال الإيطالي وضعف حركة الجهاد وسيطرة المتعاونيين على طرد الإيطاليين ... كما وأن احفاد غومة عند تواجدهم بمصر قد تعاونوا مع الحلفاء على طرد الإيطاليين من ليبيا عن طريق استعمال بيت أحفاد أحمد بيرى بالصابرية شقيق قاسم بيرى باشا ، وكان العمل الجهادى ينطلق برئاسة حسني بن سعيد أبن أخت عون سوف (فاطمة) من ذلك المنزل بالصابرية والعدو الإيطالى لازال محتلاً للبلاد الأمر الذى أعتبره الكثيرون انتحاراً أكثر منه جهاداً

منقول