ترجمة ابن قيم الجوزية رحمه الله من كتاب "ذيل طبقات الحنابلة"

سيرة الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله من كتاب "ذيل طبقات الحنابلة"
لتلميذه الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله ، قال :




إسم ومولد الامام ابن القيم الجوزية:

هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن جريز الزرعي، ثم الدمشقي الفقيه الأصولي، المفسر النحوي، العارف، شمس الدين أبو عبد الله بن قيم الجوزية ؛ شيخنا.
ولد سنة إحدى وتسعين وستمائة ، وتفقه في مذهب الإمام أحمد، وبرع وأفتى، ولازم الشيخ تقي الدين بن تيمية وأخذ عنه. وتفنن في علومالإِسلام.


علم ابن القيم الجوزية رحمه الله

وكان عارفاً بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول الدين، وإليه فيهما المنتهى ، والحديثومعانيه وفقهه، ودقائق الاستنباط منه، لا يلحق في ذلك، وبالفقه وأصولهوبالعربية،وله فيها اليد الطولى، وتعلم الكلام والنحو وغير ذلك، وكان عالماً بعلمالسلوك،وكلام أهل التصوف، وإشاراتهم، ودقائقهم. له في كل فن من هذه الفنون اليد الطولى.
قال الذهبي في المختصر: عنى بالحديث ومتونه، وبعض رجاله. وكان يشتغل في الفقه، ويجيدتقريره وتدريسه، وفي الأصلين. وقد حبس مدة، لإِنكاره شد الرحال إلى قبر الخليل، وتصدى للأشغال، وإقراء العلم ونشره.


عبادته:

قلت: وكان رحمه الله ذا عبادة وتهجد، وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر، وشفف بالمحبة، والإِنابة والاستغفار، والافتقار إلى الله، والإنكسار له، والإطراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهدمثله في ذلك، ولا رأيت أوسع منه علماً، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه،وليس هو المعصوم، ولكن لم أرَ في معناه مثله. وقد امتحن وأوفي مرات، وحبس مع الشيخ تقي الدين ابن تيمية في المرة الأخيرة بالقلعة، منفرداً عنه، ولم يفرج عنه إلا بعدموت الشيخ.
وكان في مدة حبسه مشتغلاً بتلاوة القراَن بالتدبر والتفكر، ففتح عليه من ذلك خيركثير، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف، والدخول في غوامضهم، وتصانيفه ممتلئة بذلك، وحج مرات كثيرة، وجاور بمكة. وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة، وكثرة الطواف أمراً يتعجب منه. ولازمت مجالسه قبل موته أزيد من سنة ، وسمعت عليه "قصيدته النونية الطويلة" في السنة، وأشياء من تصانيفه، وغيرها. وأخذ عنه العلم خلق كثير من حياة شيخه وإلى أن مات، وانتفعوا به، وكان الفضلاء يعظمونه، ويتتلمذون له، كابن عبد الهادي وغيره.



كتب ومؤلفات ابن القيم :
وقال القاضي برهان الدين الزرعي عنه: ما تحت أديم السماء أوسع علماً منه.
ودرسبالصدرية. وأمَّ بالجوزية مدة طويلة. وكتب بخطه ما لا يوصف كثرة. وصنف تصانيف كثيرة جداً في أنواع العلم. وكان شديد المحبة للعلم، وكتابته ومطالعتهوتصنيفه،واقتناء الكتب، واقتنى من الكتب ما لم يحصل لغيره.
فمن تصانيفه: كتاب "تهذيب سنن أبي داود" وإيضاح مشكلاته، والكلام على ما فيه من الأحاديثالمعلولة مجلد، كتاب "سفر الهجرتين وباب السعادتين" مجلد ضخم، كتاب "مراحل السائرين بين منازل" إياكَ نَعْبُدُ وإياكَنَسْتَعِين" مجلدان، وهو شرح "منازل السائرين" لشيخ الإِسلام الأنصاري، كتاب جليل القمر، كتاب "عقد محكم الأحباء، بين الكلم الطيب والعمل الصالح المرفوع إلى رب السماء" مجلد ضخم، كتاب "شرح أسماء الكتاب العزيز" مجلد، كتاب "زاد المسافرين إلى منازل السعداء في هدى خاتم الأنبياء" مجلد، كتاب "زاد المعاد في هدى خير العباد" أربع مجلدات، وهو كتاب عظيم جداً، كتاب "جلاء الأفهام في ذكر الصلاة والسلام على خير الأنام" وبيان أحاديثهاوعللها مجلد، كتاب "بيان الدليل على استغناء المسابقة عن التحليل" مجلد، كتاب "نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول" مجلد، كتاب "إعلام الموقعين عن رب العالمين" ثلاث مجلدات، كتاب "بدائع الفوائد" مجلدان "الشافية الكافية في إلانتصار للفرقة الناجية" وهي "القصيدة النونية فيالسنة" مجلدان، كتاب "الصواعق المنزلة على الجهمية والمعطلة لما في مجلدات، كتاب "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" وهو كتاب "صفة الجنة" مجلد، كتاب "نزهة المشتاقين وروضة المحبين" مجلد، كتاب "الداء والدواء" مجلد، كتاب "تحفة الودود في أحكامالمولود" مجلد لطيف، كتاب "مفتاح دار السعادة" مجلد ضخم، كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو الفرقة الجهمية" مجلد، كتاب "مصائد الشيطان" مجلد، كتاب "الفرق الحكمية" مجلد "رفع اليدين في الصلاة" مجلد. كتاب "نكاح المحرم" مجلد "تفضيل مكةعلى المدينة" مجلد "فضل العلماء" مجلد "عدة الصابرين" مجلد كتاب "الكبائر" مجلد "حكم تارك الصلاة" مجلد، كتاب "نور المؤمن وحياته" مجلد، كتاب "حكم إغمام هلال رمضان"، "التحرير فيما يحل، ويحرم منلباس الحرير"، "جوابات عابدي الصلبان، وأن ما هم عليه دين الشيطان"، "بطلان الكيمياء من أربعين وجهاً" مجلد "الفرق بين الخلة والمحبة، ومناظرة الخليل لقومه" مجلد "الكلم الطيب والعمل الصالح" مجلد لطيف "الفتح القدسي"، "التحفة المكية" كتاب "أمثال القرآن" "شرح الأسماء الحسنى"، "أيمان القرآن"، "المسائل الطرابلسية" ثلاث مجلدات "الصراط المستقيم في أحكام أهل الجحيم" مجلدان، كتاب " الطاعون" مجلد لطيف.




توفى رحمه الله وقت عشاء الآخرة ليلة الخميس ثالث عشرين رجب سنة إحدى وخمسين وسبعمائة. وصلَّى عليه من الغد بالجامع عقيب الظهر، ثم بجامع جراح. ودفن بمقبرة الباب الصغير، وشيعه خلق كثير، ورئيت له منامات كثيرة حسنة رضي اللّه عنه. وكان قد رأى قبل موته بمدة الشيخ تقي الدين رحمه الله في النوم، وسأله عن منزلته؟ فأشار إلى علوها فوق بعض الأكابر. ثم قال له: وأنت كدت تلحق بنا، ولكن أنت الآن في طبقةابن خزيمة رحمه اللّه.