لماذا تتقدم عقارب الساعة 60 دقيقة في الصيف؟
مع بداية شهر نيسان من كل عام.. تتقدم عقارب الساعة نحو ميقاتها الصيفي ستين دقيقة بعيدة عن الشتاء وليله الطويل.. لترسم الارتباك بخطاها السريعة على حياة الناس في الايام الاولى من التغير.
كل دقيقة من الدقائق الستين تطرح أسئلة كثيرة.. لكن من أهم الأسئلة التي لا تكترث بها كثيراً.. لماذا تلجأ الكثير من الدول لهذا التغيير وعدم تثبيت التوقيت الشتوي؟ وما آثاره الاقتصادية والاجتماعية والنفسية على الناس؟
فوائد اقتصادية رغم الإرباك
يحقق التوقيت الصيفي عدة فوائد من ناحية اقتصادية ويوضح الخبير الاقتصادي حسام عايش ذلك قائلاً :»يهدف العمل بالتوقيت الصيفي للحد من استهلاك الطاقة بالاستفادة من ضوء الشمس، وللسماح بفترة عمل أطول للمهن التي تحتاج لضوء النهار، ولإتاحة ساعات مشمسة أكثر للمواطنين والسائحين، والعاملين للاستفادة منها قبل غروب الشمس وإن كانت هذه الوفرة بسيطة للغاية. وبغض النظر عن التوقيت الشتوي أو الصيفي فالمطلوب التوقيت الاقتصادي الذي يحسّن معدلات الأداء والإنجاز والإنتاجية ويسمح بتأدية الأعمال بالشكل الصحيح، ويوفر وقتاً بيننا وبين العالم الخارجي، ويفترض أن يكون معياراً لتغيير التوقيت من عدمه. أما القضايا الأخرى فهي ليست أكثر من تحدى شخصي لكل واحد منا للتعود على التغيير والحياة المرنة، فالساعة الإضافية في التوقيت الصيفي التي نقتطعها من ساعات نومنا تضيف إلينا تسعة أيام كانت ستذهب نوماً، فيما ظروف الحياة تفرض أن نسعى في مناكبها من أجل تحسين مستوى معيشتنا.»
ويشار إلى أن الحكومة في بلدنا ارتأت فيما مضى تثبيت التوقيت الصيفي لما له أثر إيجابي على الموازنة العامة حيث يوفر 6 ملايين دينار سنوياً على الأقل قبل أن تتراجع عن هذا القرار لأسباب بعيدة عن الجانب الإقتصادي.
وتابع عايش القول «هذا لايعني ان عملية تغيير التوقيت بحد ذاتها ليس لها سلبيات اقتصادية.. فحركة المواصلات والطائرات والأسواق المالية وبرامج الحواسيب وجداول الأعمال والمواعيد والاتصالات مع العالم الخارجي تعاني حالة من الارتباك والتخبط نتيجة فرق التوقيت الجديد قد تسبب خسائر مادية»
التوقيت الصيفي.. فرصة لكسر الروتين
يتفاوت الناس بتفضيلهم لأحد التوقيتين على الآخر حيث يعتبر الثلاثيني سامر ابراهيم أن التوقيت الصيفي وقت حيوي أكثر ويشعره براحة نفسية أكثر ومن خلال ساعات نهاره الأطول يستطيع من ممارسة هواياته الرياضية خاصة ونشاطاته الاجتماعية المختلفة على عكس التوقيت الشتوي والذي يفرض على الشخص التزام البيت لمجرد غياب الشمس.
وعلى عكس ذلك، عادة ما تفضل ربات البيوت التوقيت الشتوي وذلك لقضاء وقت اكثر في المنزل والراحة أكثر من الأوقات الصيفية والتي تستوجب الخروج وممارسة انشطة عديدة كثيرة قد تسبب التعب والاهاق للأم.
أخصائيون نفسيون يذكرون أن التوقيت الصيفي فرصة لكسر الروتين، وللتواصل الاجتماعي وتبادل الزيارات، بالإضافة إلى انه يمثل وقتا مثاليا للترفيه عن الأبناء والأطفال فالتوقيت الصيفي يعني حرية وحيوية بلا حدود، فهو محفز كبير للتخلص من الخمول والكسل.
تشويش وتغير بالساعة البيولوجية
تعمل الساعة الحيوية في الجسم على تنظيم أوقات الشعور بالجوع و كذلك أوقات النوم والاستيقاظ. وتتأثر ايقاعات هذه الساعة بالعوامل الداخلية والخارجية سواءً اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية حيث تعمل كافة أعضاء الجسم بشكل منتظم كل 24 ساعة ومع ايقاع النهار والليل.
يؤثر تغيير التوقيت الشتوي والصيفي على صحة الإنسان، حيث أثبتت الدراسات أن التغيير الفجائي لكافة مواعيد الانسان اليومية من عمل وطعام وغيرها له انعكاسات نفسية وصحية خطيرة للغاية، إذ يؤدي تغيير التوقيت سواء شتوي أو صيفي إلى عصف زمني للساعة البيولوجية، الأمر الذي يؤدي تكراره إلى امراض نفسية وصحية مثل الاكتئاب الحاد والنوبات القلبية. وقد أفادت دراسة حديثة أعدتها جامعة ميتشغان الأمريكية أن فقدان ساعة من اليوم يعمل على زيادة معدل الاصابة بالجلطات القلبية بمعدل 25% في اليوم الأول للتغيير مقارنة مع أيام السنة الأخرى.أما بالنسبة لمشكلة الأرق ،فنسمع كثيرا عن إصابة الناس به عند سفرهم إلى مناطق يختلف فيها التوقيت عن التوقيت في بلدانهم، و بالتالي يحتاج الجسم في ذلك الوقت لعدة أيام لضبط ساعته البيولوجية حتى يتغلب عى التعب و الإعياء و الأرق.
وللتغلب على هذه المشكلة في أيامها الأولى يوصي الأطباء بضرورة ذهاب الفرد إلى النوم قبل ميعاده بنصف ساعة وذلك للعمل على تهيئة الجسم، مع عدم تناول القهوة أو الشاي قبل النوم مباشرة، أيضا الدخول في أجواء الاسترخاء لتعويد الجسم على التوقيت الجديد لضبط الساعة البيولوجية من جديد.
أما بالنسبة للأطفال فهم يواجهون صعوبه في التأقلم مع فرق التوقيت، لكن هناك بعض الطرق التي تجعل منهم أكثر تقبلا لفرق التوقيت دون ملاحظة اي تغير في نمط حياتهم ، على سبيل المثال يعتاد الأطفال في فصل الشتاء النوم في ساعات مبكره للذهاب صباحاً إلى المدرسة، فيكون معدل ساعات النوم ما بين 7-8 ساعات، وبالتالي أن المحافظ على هذا المعدل يساعد في تأقلم الأطفال على التوقيت الصيفي، و من الطرق الأخرى لمساعدة الأطفال على التكيف مع التوقيت الصيفي هي بالمحافظة على أوقات و ساعات اللعب دون زياده أو نقصان فيها.
إن عملية البحث عن الاجابات لهذه الأسئلة ليست سهلة.. والمناصرون والمعارضون لتغيير التوقيت يزدادون كل عام بشكل لافت.. ويبقى السؤال الأهم.. كيف نستثمر وقتنا سواء أكان بالميقات الصيفي أو الشتوي؟.
رد مع اقتباس
المفضلات