عاملة نظافة تتنكر في شخصية شرطية لهذا السبب !!

عاملة نظافة تتنكر في شخصية شرطية لهذا السبب !!
1-02-2016





أحلام عريضة رسمتها لمستقبلها، بعدما حصلت بالكاد على مؤهل متوسط، بسبب ظروف أسرتها، لكن أحلامها تبخرت بعدما اضطرت للعمل في إحدى محطات مترو الأنفاق في قسم التنظيفات، تنتظر ممارسة أحدهم سلوكاً غير حضاري لتجمع ما رماه على الأرض، حتى جاء قرارها بالتمرد على هذا الوضع، فرسمت لنفسها طريق النهاية.


«ثُريَّا»، فتاة تنتمي الى أسرة بسيطة تسكن في أحد الأحياء الشعبية، تطلعاتها كانت تفوق سكان الأحياء الراقية، إذ تحلم بالثراء المفاجئ والزواج من فارس ينتشلها من الحياة المعدمة التي تعيشها، أو تكون في موقع السلطة مما يتيح لها التحكم بالعشرات كما يتحكم فيها المئات.

قرار التمرد
كان الزحام هو سيد الموقف في محطة مترو دار السلام في جنوب القاهرة، حيث ترتفع الكثافة السكانية في المنطقة بفعل العشوائية التي تسيطر عليها، الأمر الذي جعل «ثُريَّا» تعتقد أن أحداً لن يكتشف أمرها بعد القرار الذي اتخذته.

خلعت «ثُريَّا» بدلة عاملة النظافة التي لازمتها على مدى أربع سنوات، وارتدت ملابس أخرى زينتها بشارات كالتي يضعها رجال الشرطة في المحطات، وبدأت تتجول بين الركاب وتفرض عليهم تعليماتها، كأحد أفراد الأمن المنوط بهم تطبيق القانون بكل حزم.

لم تنس «ثُريَّا» معاناتها كعاملة نظافة، وبدأت في تعكير صفو من داوموا على تعكير صفوها مئات المرات، فأي شخص تشاهده يلقي بمخلفاته داخل عربات المترو أو على الأرصفة، تقوم بالتقاط الصور له ومطاردته وتهديده، ولا تتركه قبل أن تحصل منه على غرامة فرضتها عليه.

تقمص الدور
استحسنت «ثُريَّا» عملها الجديد، وتقمصت شخصية الشرطية التي كانت تشاهدها في الحملات الأمنية، امرأة لكنها أقوى من الرجال، تتصدر المشهد وبعين مثل الصقر تتصيد المخالفات وتطارد هؤلاء الشباب، الذين فشل أهاليهم في تربيتهم فانتشروا في المحطات لمعاكسة الفتيات.

بوجه عابس لرسم الهيبة كما تصورت، بدأت تقتحم العربات، ترصد المخالفات، تطارد الباعة الجوّالين، تهددهم بمصادرة بضائعهم لتحصل على حفنة من الجنيهات مقابل تركهم ينصرفون من دون أن تتحفظ عليهم أو تحرر لهم أي محضر.

بدأت الفتاة تحقق أحلامها مما تجمعه من أموال، تشتري بها ما حرمتها منه الظروف على مر سني عمرها الفائتة، كل هذا من دون أن يكشف أحد أمرها، معتمدة في ذلك على نظرة الخوف التي تراها في عين أي شخص يرتكب مخالفة لتغالي في رسم دورها.

الوضع الجديد
ظنت «ثُريَّا» أن الحياة بدأت تبتسم لها، وصدقت نفسها بأنها أمين شرطة ولم يعد هناك ما يخيفها من أن يلحظها أحدهم، بعدما باتت وجهاً معروفاً لهؤلاء العاملين في محطات المترو، يقفون فور رؤيتها، يوجهون اليها التحية لتكتفي هي بالإيماء في تكبر وتعالٍ، حتى على عمال النظافة الذين كانت في موقفهم في يوم من الأيام، محاولة بذلك التخلص من معاناتها السابقة.

كانت «ثُريَّا» تتوقف في إحدى العربات تتفحص الركاب، تحاول رصد أي مخالفة، عندما توقف القطار في إحدى المحطات أمام أعين كانت كفيلة هي الأخرى برصدها.

أُغلقت الأبواب، وتحرك القطار، من دون أن تتحرك عين هذا الضابط من على الشارات التي وضعتها تلك المرأة على ملابس مدنية ترتديها، في صورة تؤكد وجود جريمة ترتكب.

على الفور أمسك الضابط بجهاز لاسلكي كان في حوزة أحد معاونيه، ليبلغ الخدمات الأمنية الموجودة في المحطة التالية بالقبض على هذه المرأة، بعدما أدلى بمواصفاتها، ليتم على الفور إلقاء القبض عليها.

الشارات
كانت هيئة «ثُريَّا» كفيلة بفضح حقيقتها التي أخفتها ستة أشهر بحثاً عن حلمها بأن تكون ضابط شرطة. ولأن شكلها سيفضحها، اكتفت بلقب أمين شرطة، لكن وضعها الشارات الشرطية على ملابس مدنية في هذا اليوم سطّر الحروف الأخيرة لنهايتها.

لم يكن من السهل على رجال الشرطة تصور الدوافع التي جعلت هذه الفتاة تنتحل صفة رجل شرطة، فاعتقدوا في البداية أنها تخطط لأعمال عدائية تهدف الى ارتكاب أي عمل إرهابي يحصد أرواح الأبرياء، بعدما رصدوا على هاتفها العديد من الصور التي تم التقاطها في الكثير من المحطات، لتتأكد شكوكهم فيها.

مخطط إرهابي
ساعات عديدة قضتها في تحقيقات خضعت لها في جهات مختلفة، في محاولة لكشف المجموعة التي تنتمي إليها، والتوصل إلى المخطط الذي كانوا في طريقهم لارتكابه، لتنفي جميع إجاباتها هذا الاتهام الموجه إليها.

قالت «ثُريَّا» إنها مجرد فتاة بسيطة، دفعتها ظروفها الاجتماعية السيئة للبحث عن فرصة عمل بعد حصولها على مؤهل متوسط. وبعد البحث المضني، لم تجد إلا وظيفة عاملة نظافة في إحدى شركات الأمن والخدمات العاملة في محطات المترو.

دفعتها ظروفها مكرهة لقبول الوظيفة، حتى كان لقاؤها مع إحدى صديقاتها منذ أيام الدراسة، والتي جاءت نظرات الدهشة والاحتقار في عينيها كلغة للترحيب بها، بعدما شاهدتها تنظف المحطة وتجمع المخلفات.

كانت تلك النظرات دافع ثُريَّا عبدالصمد، 24 سنة، للتمرد على هذه الحياة والبحث عن منصب أفضل، فذهبت الى المسؤولين في الشركة التي تعمل بها طالبة تحويلها إلى قسم الأمن، وهو بالفعل ما تمت الموافقة عليه، لكنها أيضاً تمردت على هذه الوظيفة بعدما شاهدت بنفسها الهيبة التي تحظى بها عناصر الشرطة النسائية، فاتخذت قرارها بأن تصير واحدة منهن.