القمة الأردنية الروسية: علاقات متينة وحرب بلا هوادة ضد الإرهاب 2015-11-25


استقطب لقاء القمة الذي عقده جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي على البحر الأسود يوم أمس، اهتماماً سياسياً ودبلوماسياً واعلامياً لافتاً إن لجهة التوقيت الحرج والدقيق اقليمياً ودولياً الذي جاء فيه أم لجهة جدول أعمال القمة المزدحم والذي تناول ملفات وقضايا عديدة منها ما يهم البلدين الصديقين ويسهم في الارتقاء بالعلاقات الثنائية بينهما في مختلف المجالات وعلى الاصعدة كافة وهي علاقات شراكة استراتيجية حرصت القيادتان الاردنية والروسية على توثيقها والعمل بدأب متواصل من اجل توسيعها افقياً وعامودياً وبما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين.
من هنا جاءت التصريحات المشتركة التي ادلى بها جلالته والرئيس الروسي قبل لقاء القمة لتؤشر على تطابق وجهات النظر ازاء الملف الرئيس والابرز المطروح على جدول الأعمال الدولي والذي تقوده عمان وموسكو وهو الحرب على الارهاب ما يتطلب بالفعل وكما اكد جلالة الملك أنها حرب عالمية تتطلب منا جميعاً الاتحاد معاً لخوضها وخصوصاً ان عصابة داعش الارهابية وتنظيم القاعدة وفروعهما، يشنون حرباً ضد الانسانية وضد الاسلام.
وإذ شهد يوم أمس تطوراً اقليمياً لافتاً تمثل في اسقاط الطائرة الروسية وبروز توتر في العلاقات بين موسكو وانقرة، فان جلالة الملك تحدث في لغة دبلوماسية واضحة لا تقبل التأويل او الاجتهاد فإن تطورات خطيرة كهذه يجب وبالضرورة ان تدفع المجتمع الدولي للعمل معاً على الصعيدين العسكري والدبلوماسي ضمن سياق محادثات فيينا مؤكداً للرئيس الروسي ان هذا التوجه حظي بدعم موسكو والرئيس بوتين بقوة..
نحن اذاً امام قراءة ملكية عميقة، ولما بات عليه المشهد الاقليمي والدولي من احتقان واحتمالات واردة للتأزم وتزايد المخاطر اذا لم يسارع المجتمع الدولي الى مواجهة الطبيعة الشمولية للتحدي الذي يشكله الارهاب، ما يجب ان يلفت انظار الجميع الى ان مسألة توحيد الجهود الدولية ليس فقط في منطقتنا، بل في افريقيا وآسيا فضلاً عن الشرق الاوسط، هي ضرورة وليست خياراً، لدرء هذا الخطر ودحره والحاق الهزيمة الساحقة به. وهو ما يحدث ليس في العراق وسوريا او ينحصر بينهما، بل ان ما يشهده العالم من ارهاب يضرب في السعودية وبيروت وباريس ومالي، يزيد من القناعة والالحاح بأن الوقت قد حان لحشد الجهود والتوحد في هذه الحرب التي يلتزم الأردن وروسيا والكثيرون في العالم بخوضها، وخصوصاً ان هذه التحديات تشكل فرصة متجددة لكل المجتمع الدولي للاتحاد معاً وخوض هذه الحرب ضمن اطار دولي موحد.
الازمة السورية تداعياتها وأكلافها كانت حاضرة بقوة على جدول اعمال القمة الأردنية الروسية كانت تصريحات جلالة الملك على أعلى درجات الوضوح والصراحة في التأكيد على ما كان جلالته قد دأب على الدعوة اليه منذ وقت مبكر من اندلاع الازمة وما كانت الدبلوماسية الأردنية قد عملت عليه طوال اربع سنوات ونصف، وهو ان الطريق الوحيد لحل هذه الازمة هو الحل السياسي اضافة الى ما سبق لجلالته ان اكده وهو الدور القوي للرئيس بوتين ولروسيا في ايجاد حل سياسي للازمة..
القمة الأردنية الروسية شكلت ايضاً فرصة لاعادة التأكيد على استمرارية ومتانة العلاقات القوية التي تجمع جلالة الملك بالرئيس بوتين وتربط البلدين معاً وهو ما ترجمته بدقة العبارة الدقيقة المختارة كلماتها بعناية والتي وجهها جلالة الملك لمضيفه الروسي «لقد عرفتكم لعدة سنوات خلت، وعلاقاتنا دائماً قوية ونحن على ثقة بأنها سوف تستمر بالتقدم وتترسخ اكثر فأكثر، اضافة الى التعازي التي قدمها جلالته للرئيس بوتين باسمه واسم جميع الأردنيين بالضحايا الروس الابرياء في الحادث الارهابي البشع الذي استهدف طائرة متروجيت، كذلك في وفاة الطيار الروسي يوم امس في حادث اسقاط الطائرة العسكرية الروسية على الحدود السورية التركية.