أجرت الحوار - سرى الضمور - قال أمين عام حزب الجبهة الاردنية الموحدة طلال صيتان الماضي أن تصريحات الحكومة المعلنة عن الحوار الوطني والشراكة والانفتاح لا تنسجم مع أعمالها ونهجها ، ففي الوقت الذي تعلن فيه عن الحوار والمشاركة تغلق أبواب الحوار والشراكة والانفتاح على القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها الأحزاب.
واضاف في حوار مع « الراي « ان جماعة الاخوان المسلمين طالما طالبت بالالتزام بالقانون وتطبيقه لكنها رفضت ذلك عندما تعلق الامر بطلب وضرورة تصويب وضعها القانوني ونهجت سلوكا اخر في هذا المجال لافتا ان المسالة لا يجب ان تكون من قبل الاخوان «مغالبة» والقانون لا يفصل وفق مقاس طرف بعينه.
واوضح ان عملية التحول الديمقراطي تتطلب النهوض بواقع القوانين المنظورة للعمل السياسي والحزبي بالاخص، وان مشكلة ضعف المشاركة الحزبية تعود الى دور النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإيمانها بان البيئة التشريعية والسياسية المحيطة بالأحزاب لا تشجع على التوجه نحو الأحزاب.
واضاف الماضي ان عصر الحزب الشمولي انتهى وعلينا العمل لبناء حياة سياسية تعددية تستطيع ان تتحمل اعباء ومتطلبات المرحلة.
واكد ان القاعدة الحاسمة للوصول إلى حكومات برلمانية ليست من خلال أصوات الاعضاء بل تتأتى من القاعدة الانتخابية العامة التي تصوت للبرامج مشددا على محورية دور الاردن في حربه ضد الارهاب بظل قصور الموارد وظلم الجغرافيا المحيطة به.
وتاليا نص الحوار..


ما هي التحديات التي تقف عائقا أمام الأحزاب وكيف تنظرون الى دعوات الحكومة الى حوار وطني وضرورة المشاركة السياسية في صنع القرار الوطني ؟
- في الواقع أن تصريحات الحكومة المعلنة في هذا المجال لا تنسجم مع أعمالها ونهجها ففي الوقت الذي تعلن فيه عن الحوار والمشاركة في الوقت تغلق أبواب الحوار والشراكة والانفتاح على القوى السياسية والمجتمع المدني وفي مقدمتها الأحزاب، وان استمرار بعض المفاهيم الخاطئة عن الأحزاب لدى المجتمع والحكومات يشكل احد أهم التحديات.
وما ينبغي فهمه الان الانتقال من فكرة الأحزاب الجماهيرية إلى فكرة الأحزاب البرامجية الذي جاء متوازيا مع اهمية الانتقال إلى النظم البرلمانية، وهذا الواقع افرز حقائق جديدة وفي مقدمتها تراجع قيمة وأهمية الكم العددي لصالح النوع العددي بالنسبة إلى القاعدة العضوية الحزبية، بالاضافة الى ان أهمية الأحزاب لم تعد تقاس بعدد أعضائها وإنما بوظائفها النوعية في إطار النظام البرلماني الذي لا يستقيم أداؤه ودوره بدونها، وان الأحزاب جزء أساسي من بنية النظام السياسي وشريك فيه واحد أهم مكوناته وأدواته، فهي اصيلة في الدولة والمجتمع وليست طارئة عليه، أو لاعبا غير مرغوب فيه، والاحزاب مكون جوهري لبناء الديمقراطية وتجذيرها في كافة الاتجاهات.

ما الأسباب برايكم التي تقف وراء ضعف الأحزاب بشكل عام، وهل تتحمل الحكومة المسؤولية كما يلومها البعض؟ أم أن الأحزاب هي من تتحمل ذلك؟
- تعددت الاسباب خلف ضعف الاحزاب ومردها إلى القوانين والحكومة وبعضها الآخر مرده إلى الأحزاب ذاتها حين يرجح اثر ضعفها إلى طبيعة الثقافة السياسية وفي عدم الاعتراف أو إدراك أهمية دور الأحزاب في إطار النظام السياسي الذي يستند إلى نظام برلماني.
ومن ناحية اخرى لا يمكن الحديث عن برلمان فاعل وذي قدرة تمثيلية وقادر على قيامه بمهامه الأساسية في الرقابة والتشريع وتبادل الأدوار بين الأغلبية والأقلية (الحكومة والمعارضة)، دون تكوين كتل حزبية داخل البرلمان، الامر الذي يتطلب تنافس الناخبين على البرامج الحزبية، بخاصة واننا بحاجة ان نبدأ من القاعدة إلى رأس الهرم البرلماني، من خلال قانون انتخاب ولمعايير تضبط تشكيل القوائم الحزبية أثناء الترشح وبعد وصولها إلى البرلمان، ومتى ما حدث ذلك فان 90% من العقبات أمام الأحزاب ستزول.

برأيك ما الدوافع خلف ضعف المشاركة الحزبية ؟
- ان مشكلة عدم الاندفاع نحو الأحزاب ليست مشكلة عامة الناس بقدر ما هي أيضا مشكلة النخب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لإيمانها بان البيئة التشريعية والسياسية المحيطة بالأحزاب لا تشجع على التوجه نحو الأحزاب، لطالما أن قانون الانتخاب لا يساعد لوصول الأحزاب إلى البرلمان وبتغيرها نجد أن هناك إقبالا واسعا على الأحزاب السياسية. ان هنالك من يدفع باتجاه الا تكون هناك قائمة حزبية تحت ذرائع مختلفة، وفي مقدمة هذه الجانب الدستوري، فان هذا الامر بحاجة الى اعادة دراسة من الجهات المختصة ، بيد ان قانون الانتخاب الاردني قد استند الى الكوتا منذ اول قانون صدر عام 1928 فما معنى ان تكون الكوتات المغلقة دستورية والقائمة الحزبية المفتوحة لكل المواطنين غير دستورية ، وما اطلق على القائمة الحزبية كوتا بل هي توازي القائمة الوطنية الا انها مرتبطة بالأحزاب ولا يوجد حظر على من يشارك بها.
لا بد من الاقرار بضرورة وجود مرحلة انتقالية للتحول نحو الحكومات البرلمانية، بخاصة ونحن بحاجة الى قرارات لمعالجة نقاط الضعف ولاستكمال ركائز التحول نحو الحكومات البرلماني.

وماذا عن تجربة الإخوان المسلمين في العمل السياسي المحلي؟
- تعد تجربة الاخوان المسلمين في العمل السياسي والعام ذات امتداد تاريخي في الاردن وطالما كانت العلاقة بينها وبين الدولة علاقة متميزة، وهم جزء اساسي من المشهد السياسي، لكن العديد الان يتساءل عن الانعطافات التي حدثت لهم. وهناك سؤال كبير يدور ومفاده ان الجماعة طالما طالبت الدولة بالالتزام بالقوانين ونحن اليوم نشاهد سلوكا اخر للجماعة عندما تعلق الامر بمطالبتها هي بان تصوب اوضاعها القانونية.
وما اود ان اشير اليه ان على كافة الاطراف المشاركة في العملية السياسية التذكر بان عصر الحزب الشمولي والحكم الشمولي قد انتهى وكذلك عصر الحزب الواحد، الان علينا ان نعمل من اجل بناء حياة سياسية تعددية تستطيع ان تحمل اعباء ومتطلبات فكرة تداول الحكومات، وبالتالي فان الموقف من قانون الانتخابات النيابية يشكل عنصرا مهما في المرحلة المقبلة وعلى « الأخوان « كافة ان يتعاملوا مع الامر بمزيد من الحكمة والعقلانية والموضوعية فالأمر ليس «مغالبة» والقانون لا يمكن ان يتم تفصيله على مقاس احد الاطراف.

هل حقق برنامج الاصلاح ما تسعى اليه كافة القوى السياسية وقوى المجتمع ؟
- الحزمة الإصلاحية التي قدمها جلالة الملك عبدالله الثاني واشرف عليها كانت أساسية، ففي الاحزاب وكافة القوى السياسية و الحراك الشعبي كان مطلبهم برنامجا اصلاحيا شاملا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقد تم تحقيق جزء مهم، والجزء الآخر جاء في الأوراق النقاشية الملكية التي يجري العمل على تنفيذ مضامينها وهي مطروحة لكافة فئات المجتمع وقواه.
والمطلوب السير المتدرج والموضوعي نحو ترجمة مضامين الأوراق النقاشية إلى قوانين وتقاليد وأبنية واليات تستطيع إن تحمل تجربتنا الديمقراطية إلى مسار آخر من الرسوخ والنضج والتطور.

ما الدور السياسي الحقيقي الذي يجب أن تتبناه الأحزاب في المرحلة الحالية؟
- أن تعيد بناء كياناتها وفق ما تقتضيه متطلبات الأحزاب البرامجية من احتياجات أساسية واليات، كي تصبح قادرة على بناء برامج يمكن أن تستقطب الناخبين وان تسهم في معالجة بعض الاختلالات وتعزز مسار الدولة في البناء والتطور، وان تدفع نحو تعزيز شراكتها مع البرلمان وخصوصا من اجل الوصول إلى قوانين تستطيع ترجمة روح الأوراق النقاشية بالتحول نحو الحكومات البرلمانية، وان تمارس دورها التثقيفي العام مع التركيز على القرى والأرياف وذلك في محاولة لتعزيز الثقافة الديمقراطية مع التركيز على إبراز دور البرلمان كمؤسسة تمتلك تأثيرا واسعا على كافة شؤون حياتنا اليومية والمستقبلية.

ما الإجراء المناسب للتنسيق مع مختلف الأطياف والتيارات الفكرية لتوحيد الصف الداخلي؟
- حماية مصالح الأردن وحفظ استقراره وتقدمه تشكل أسمى هدف وكل ما نقوم به ينبغي أن يكون بهذا الاتجاه، أن الأحزاب باتت تلتقي على قواسم مشتركة في العمل الحزبي وثوابت العمل الوطني على قاعدة الدستور الأردني، وهذه بادرة يمكن البناء عليها بعد أكثر من عشرين عاما من عودة الحياة الحزبية، لتجذير المسار الديمقراطي بالسير تدريجيا لضمان سلاسة التحول لانتقال الديمقراطية من مرحلة إلى أخرى مع الحفاظ على الثوابت الوطنية على اعتبارها ركيزة التطور الديمقراطي وركيزة الاستقرار الذي تزدهر من خلالها الديمقراطية ، خاصة ونحن جميعا بحاجة إلى التمسك لتعزيز وترسيخ قيام نظام ديمقراطي تعددي والاعتراف بوجود واقع اجتماعي وسياسي واقتصادي يتطلب التطور التدريجي، والاعتراف والتعامل بواقعية مع طبيعة المراحل الانتقالية وما تنطوي عليه من أفكار مختلفة واستثناءات موضوعية وحلول وسط قد تقع في منتصف الطريق، من خلال اقامة توازن دقيق بين الحاجة إلى الديمقراطية والتعددية وسيادة القانون.

في سياق الحديث عن دور الحكومة في معالجة بعض الاختلالات كيف تقيم تعامل الحكومة مع ازمة الصحافة الوطنية ؟
- تابعنا باهتمام حثيث الأزمات المتلاحقة للصحافة الوطنية وأخرها أزمة الإعلام الاردني واعتقد بان التعامل مع مشاكل الصحافة الوطنية لم يكن على قاعدة البحث في أصول المشكلة لحلها ولكن كانت تتسم بالحلول دائما في نقل الأزمة وليس حلها ونحن بنظرنا تكمن حلول هذه الأزمة ببعض المقترحات، من خلال رفع الوصاية الحكومية عن الإعلام الوطني ومنحه مساحة كافية لكسب ثقة الجمهور الذي أصبحت المعلومة بمتناول يده خارج إطار الصحافة الوطنية ولا بد أمام ذلك من وضع إستراتيجية جديدة شاملة للدولة للتعامل مع الإعلام على أسس واضحة من احترام حرية الفكر والتعبير، واختيار كفاءات مهنية إدارية بعيداً عن سياسة الاسترضاء والاستقواء لإدارة هذه المؤسسات الوطنية، وإيجاد بيئة تشريعية تسمح بدعم هذه المنابر الإعلامية.

الأردن يخوض حرباً ضد الإرهاب لحماية أمنه وأمن مواطنيه ومصالحه ؟
- ارى انه ليس لدينا خيار سوى أن ندافع عن قيم ديننا الحنيف وعن تراب وطننا الغالي وعن كرامة إنساننا، نحن لم نختر هذه المواجهة لكنها فرضت علينا وعلى أطفالنا وعلى قيمنا وعلى إنسانيتنا، وهذا واجب يؤديه الأردن بكل شجاعة واقتدار تجاه اعز ما لديه.. قيمه الدينية والإنسانية وتجاه حق الإنسان في حياة أفضل.
يكفي ما عانيناه من ظلم الجغرافيا وجور بعض الأهل في الجوار وقدرنا أن نستمر في بناء نموذجنا الإنساني القائم على احترام كرامة الإنسان وأدميته رغم شح الموارد ووفرة مصادر التهديد.
ومن ينظر الى الاردن يشاهد نموذجا فريدا لظلم الجغرافيا وعبقرية القيادة وارادة الانسان ، ضمن موارد شحيحة ومحيط مضطرب تعظم الإنسان وتطلعاته وتحترم عقله وكرامته وخياراته.
والدور الأردني الذي قاده جلالة الملك في الحرب ضد الارهاب والتطرف ليس حماية للاردن وحسب بل دفاعا عن الاسلام والانسانية جمعاء لم يعد خافيا على احد لا في الأردن ولا في الإقليم ولا في أي مكان في دول العالم الفاعلة، والجميع ما زال يتذكر الكلمات التي خاطب بها جلالة الملك البرلمان الاوروبي وهي تلخص بصورة واضحة لا لبس فيها الجهود الاردنية الجبارة في هذا المجال.
واود القول أننا لا نملك ترف الوقت والتذاكي وان على الجميع أن يقرأ بحكمة وروية حجم التغيرات المذهلة التي أصابت بنية المجتمعات العربية وتوجهاتها وتطلعاتها، وما يتطلبه ذلك من عمل جاد ومثمر.